الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَبِذَ شَيْئَيْنِ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
ــ
دَلِيلٌ على نَسْخِ النَّهْى، ولا حُكْمَ للمَنْسُوخِ.
فصل: وما طُبِخَ مِن النَّبيذِ والعَصِيرِ قبلَ غَلَيَانِه، حتَّى صارَ غيرَ مُسْكِرٍ، كالدِّبْسِ (1)، ورُبِّ الخَرُّوبِ، وغيرِهما من المُرَبَّيَاتِ والسُّكَّرِ، فهو مُبَاحٌ، لأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّما ثَبَت في المُسْكِرِ، ففيما عَدَاه يَبْقَى على أصْلٍ الإِباحَةِ، وما أسْكَرَ كثيرُه فقلِيلُه حَرامٌ، سَواءٌ ذَهَب منه الثُّلُثان، أو أقَلُّ، أو أكثرُ. قال أبو داودَ: سألتُ أحمدَ عن شُرْبِ الطِّلَاءِ إذا ذهبَ ثُلُثاه (2)، وبَقِىَ ثُلُثه؟ قال: لا بَأْسَ به. قيل لأحمدَ: إنَّهم يقولونَ: إنَّه يُسْكِرُ. قال: لا يُسْكِرُ، لو كان يُسْكِرُ ما أحَلَّه عمرُ.
4469 - مسألة: (ويُكْرَهُ الخَلِيطَان، وهو أن يَنْتَبِذَ شَيْئَيْن
،
(1) الدبس: عسل التمر أو ما يسيل من الرطب.
(2)
في ر 3، تش، م، ق:«ثلثه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالتَّمْرِ والزَّبِيبِ) لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الخَلِيطَين (1). وقال أحمدُ: الخَلِيطان حَرامٌ. وقال في رجلٍ يَنْقعُ الزَّبِيبَ، والتَّمْرَ الهِنْدِىَّ، والعُنَّابَ ونحوَه، يَنْقَعُه غُدْوَةً، ويَشْرَبُه عَشِيَّةَ للدَّواءِ: أكْرَهُه؛ لأنَّه نَبِيذٌ، ولكن يَطْبُخُه ويَشْرَبُه على المَكانِ. وقد روَى أبو داودَ (2) بإسْنادِه، عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أنَّه نَهَى أن يُنْبَذَ الرُّطَبُ والبُسْرُ جميعًا، ونَهَى أن يُنْبَذَ التمرُ والزَّبِيبُ جميعًا. وفى رِوايةٍ:«انْتَبذُوا كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ» (3). وعن أبى قَتادَةَ، قال: نَهَى النبىُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُجْمَعَ بينَ التَّمْرِ والزَّهْوِ (4)، والتَّمْرِ
(1) انظر تخريج الأحاديث الآتية.
(2)
في: باب في الخليطين، من كتاب الأشربة، سنن أبى داود 2/ 298.
كما أخرجه البخارى، في: باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا. . .، من كتاب الأشربة. صحيح البخارى 7/ 140. ومسلم، في: باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم 3/ 1574، 1577. والترمذى، في: باب ما جاء في خليط البسر والتمر، من أبواب الأشربة. عارضة الأحوذى 8/ 67، 68. والنسائى، في: باب خليط البسر والرطب، وباب خليط التمر والزبيب، من كتاب الأشربة. المجتبى 8/ 257، 258. وابن ماجه، في: باب النهى عن الخليطين، من كتاب الأشربة. سنن ابن ماجه 2/ 1125. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 71، 140، 157، 363، 6/ 18.
(3)
عند أبى داود، في: الباب السابق من حديث أبى قتادة. سنن أبى داود 2/ 299. وانظر التخرسج الآتى.
(4)
في الأصل: «الزهور» . والزهو: هو البسر الملون، الذى بدا فيه حمرة أو صفرة وطاب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والزَّبِيبِ، ولْيُنْتَبَذْ كلُّ واحدٍ منهما على حِدَةٍ. مُتَّفَقٌ عليه (1). قال القاضى: يَعْنِى أحمدُ بقولِه: هو حَرامٌ. إذا اشْتَدَّ وأسْكَرَ، وإذا لم يُسْكِرْ لم يَحْرُمْ. وهذا هو الصَّحِيحُ، إن شاء اللَّهُ، وإنَّما نَهَى النبىُّ صلى الله عليه وسلم لعلةِ إسْراعِه إلى السُّكْرِ المُحَرَّمِ، فإذا لم يُوجَدْ، لم يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ، كما أنَّه عليه السلام نَهَى عن الانْتِباذِ في الأوعِيَةِ المَذْكُورَةِ لهذه العِلَّةِ، ثم أمَرَهُم بالشُّرْبِ فيها، ما لم تُوجَدْ حقيقةُ الإِسْكارِ، وقد دَلَّ على صِحَّةِ هذا ما رُوِى عن عائشةَ، قالت: كنَّا نَنْبِذُ لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فنَأخُذُ قَبْضةً من تَمْرٍ، وقَبْضَةً من زبيبٍ، فنَطْرَحُها فيه، ثم نَصُبُّ عليه الماءَ، فَنَنْبِذُه غُدْوَةً، فيَشْرَبُه عَشِيَّةً، ونَنْبِذُه عَشِيَّة، فيَشْربُه غُدْوَةً. رَواه أبو داودَ، وابنُ ماجَه (2). فلمَّا كانت مُدَّةُ الانْتِباذِ قريبةً، وهى يومٌ وليلةٌ،
(1) أخرجه البخارى، في: باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرًا، من كتاب الأشربة. صحيح البخارى 7/ 140. ومسلم، في: باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم 3/ 1575.
كما أخرجه النسائى، في: باب خليط الزهو والرطب، من كتاب الأشربة. المجتبى 8/ 256. والدارمى، في: باب النهى عن الخليطين، من كتاب الأشربة. سنن الدارمى 2/ 118.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب في الخليطين، وباب في صفة النبيذ، من كتاب الأشربة. سنن أبى داود 2/ 299، 300 وابن ماجه، في: باب صفة النبيذ وشربه، من كتاب الأشربة. سنن ابن ماجه 2/ 1126.
كما أخرجه مسلم، في: باب إباحة النبيذ الذى لم يشتد. . .، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم 3/ 1590. والترمذى، في: باب ما جاء في الانتباذ في السقاء، من أبواب الأشربة. عارضة الأحوذى 8/ 63. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 124.