الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا سَرَقَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مَال السَّارِقِ، أَو الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَالَ الْغَاصِبِ مِنَ الْحِرْزِ الَّذِى فِيهِ الْعَيْنُ الْمَسْرُوقَةُ أَوِ الْمَغْصُوبَةُ، لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْحِرْزِ، أَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، قُطِعَ، إِلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَيَسْرِقَ قَدْرَ حَقِّهِ، فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ الْقَاضِى: يُقْطَعُ.
ــ
وإفْضاؤُه إلى سُقُوطِ القَطْعِ لا يَمْنَعُ اعْتِبارَه، كما أنَّ الشَّرْعَ اعْتَبَرَ في شَهَادَةِ الزِّنَى شُرُوطًا لا يَكادُ يَقَعُ معها إقامَةُ حَدٍّ بَيَّيَنةٍ أبدًا، على أنَّه لا يُفْضِى إليه لازمًا، فإنَّ السُّرَّاقَ لا يعْلَمُونَ هذا (1)، ولا يَهْتَدُونَ إليه في الغالبِ، وإنَّما يَخْتَصُّ بعلمِ هذا الفُقَهاءُ الذين لا يَسْرِقُونَ غالِبًا. فإن لم يَحْلِفِ المسْرُوقُ منه، سَقَطَ القَطْعُ (1)، وجْهًا واحدًا؛ لأنَّه يُقْضَى عليه بالنُّكُولِ.
4522 - مسألة: (وإذا سَرَق المَسْرُوقُ منه مالَ السارِقِ، أو المَغْصُوبُ منه مالَ الغاصِبِ من الحِرْزِ الذى فيه العَيْنُ المَسْرُوقَةُ أو المَغْصُوبَةُ، لم يُقْطَعْ، وإن سَرَق من غيرِ ذلكَ، أو سَرَق مِن مالِ مَن له عليه دَيْنٌ، قُطِعَ، إلَّا أن يَعْجِزَ عن أخْذِه منه، فيَسْرِقَ قَدْرَ حَقِّه، فلا
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُقْطَعُ. وقال القاضى: يُقْطَعُ) إذا سَرَق مِن (1) مالِ إنْسانٍ، أو غَصَبَه فأحْرَزَه، فجاءَ المالِكُ فَهَتَكَ الحِرْزَ، وأخَذَ مالَه، فلا قَطْعَ فيه عندَ أحدٍ، سَواءٌ أخَذَه سَرِقَةً أو غيرَها؛ لأنَّه أخَذَ مالَه. وإن سَرَق غيرَه، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا قَطْعَ عليه؛ لأَنَّ له شُبْهَةً في هَتْكِ الحِرْزِ، وأخْذِ مالِه، فصارَ كالسَّارِقِ من غيرِ حِرْزٍ، ولأَنَّ له شُبْهَةً في أخْذِ قَدْرِ مالِه؛ لذَهابِ بعضِ أهلِ العلمِ إلى جَوازِ أخْذِ الإِنْسانِ قَدْرَ دَيْنِه من مال مَن هو عليه: والثانى، عليه القَطْعُ؛ لأنَّه سَرَق نِصابًا من حِرْزِه، لا شُبْهَةَ له فيه، وإنَّما يجوزُ له أخْذُ قَدْرِ مالِه؛ إذا عَجَز عن أخْذِ مالِه، وهذا أمْكَنَه أخْذُ مالِه، فلم يَجُزْ له أخْذُ غيرِه. وكذلك الحكْمُ إذا أخَذَ مالَه، وأخَذَ نِصابًا مِن غيرِه مُتَمَيِّزًا عن مالِه، فإن كان مُخْتَلِطًا بمالِه غيرَ مُتَمَيِّزٍ منه، فلا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه أخَذَ مالَه الذى له أخْذُه، وحَصَّلَ غيرَه مَأْخُوذًا ضَرُورَةَ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أخْذِه، فيَجِبُ أن لا يُقْطَعَ (1) فيه، ولأَنَّ له في أخْذِه شُبْهَةً، والحَدُّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. فأمَّا إن سَرَق منه مالًا من غيرِ الحِرْزِ الذى فيه مالُه، أو كان له دَيْنٌ على إنْسانٍ، فسَرَقَ من مالِه قَدْرَ دَيْنِه من حِرْزِه، نَظَرْتَ؛ فإن كان الغاضِبُ أو الغَرِيمُ باذِلًا لِما عليه، غيرَ مُمْتَنِعٍ من أدائِه، أو قَدَرَ المالِكُ على أخْذِ مالِه فَتَرَكَه وسَرَق مالَ الغاصِبِ أو الغَرِيمِ، فعليه القَطْعُ؛ لأنَّه لا شُبْهَةَ له فيه، وإن عَجَز عن اسْتِيفاءِ دَيْنه، أو أَرْشِ جِنايَتِه، فسَرَق قَدْرَ دَيْنِه، أو حَقِّه، فلا قَطْعَ عليه. وقال القاضى: عليه القَطْعُ، بِناءً على أصْلِنا في أنَّه ليس له أخْذُ قَدْرِ دَيْنِه. ولَنا، أنَّ هذا مُخْتَلَفٌ في حِلِّه، فلم يَجِبِ الحَدُّ به كالوَطْءِ في نِكاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه، وتَحْرِيمُ الأخْذِ لايَمْنَعُ الشُّبْهَةَ الناشِئَةَ عن الاخْتِلافِ، والحُدودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. فإن سَرَق أكثرَ من دَيْنِه، فهو كالمَغْصُوبِ منه إذا سَرَق أكثرَ من مَالِه (2)، على ما مَضَى.
(1) في ق، م:«يضع» .
(2)
في ق، م:«دينه» .
وَمَنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ، ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَهَا، قُطِعَ.
ــ
فصل: (ومَن قُطِعَ بسَرِقَةِ عَيْنٍ، فعادَ فسَرَقَها، قُطِعَ) إذا سَرَق سارِقٌ، فقُطِعَ، ثم سَرَقَ ثانيًا، قُطِعَ ثانيًا، سَواءٌ سَرَق من الذى سَرَق منه، أو من غيرِه، وسَواءٌ سَرَق تلك العَيْنَ التى قُطِعَ بسَرِقَتِها أو غيرَها. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قُطِعَ بسَرِقَةِ عين مَرَّةً، لم يُقْطَعْ بسَرِقَتِها مَرَّةً ثانيةً، إلَّا أن يكونَ قد قُطِعَ بسَرِقَةِ غَزْلٍ، ثم سَرَقَه مَنْسُوجًا، أو قُطِعَ بسَرِقَةِ رُطَبٍ، ثم سَرَقَه تَمْرًا. واحْتَجَّ بأنَّ هذا يَتَعَلَّقُ اسْتِيفاؤُه بمُطالَبَةِ آدَمِىٍّ، فإذا تَكَرَّرَ سَبَبُه في العينِ الواحدةِ، لم يَتَكَرَّرْ، كحَدِّ القَذْفِ. ولَنا، أنَّه حَدٌّ يَجِبُ بفِعْلٍ في عينٍ، فتَكَرُّرُه في عينٍ واحدةٍ كتَكَرُّرِه في الأعْيانِ، كالزِّنَى، وما ذَكَرَه (1) يَبْطُلُ بالغَزْلِ إذا نُسِجَ، وبالرُّطَبِ إذا أتْمَرَ، ولا نُسَلِّمُ حَدَّ القَذْفِ؛ فإنَّه متى قَذَفَه بغيرِ ذلك الزِّنى حُدَّ (2)، وإن قَذَفَه بذلك الزِّنَى عَقِيبَ حَدِّه، لم يُحَدَّ؛ لأَنَّ الغَرَضَ إظْهارُ كَذِبِه وقد ظَهَر، وههُنا الغَرَضُ رَدْعُه عن السَّرِقَةِ، ولم يَرْتَدِعْ، فيُرْدَعُ بالثانى، كما لو سَرَق عينًا أُخْرَى.
فصل: فإن سَرَقَ مرَّاتٍ قبلَ القَطْعِ، أجْزَأ حَدٌّ واحدٌ عن جميعِها، وتَداخَلَتْ حُدُودُها؛ لأنَّه حَدٌّ من حُدودِ اللَّهِ، فإذا اجتمعَتْ أسْبابُه تَداخَلَ، كحَدِّ الزِّنى، وذَكَرَ القاضى فيما إذا سَرَق من جماعةٍ، وجاءوا