الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ؛ أحَدُهَا، دَعْوَى الْقَتْلِ، ذَكَرًا كَانَ الْمَقْتُولُ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا. وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ.
ــ
الرحمنِ، وأبْناءُ عَمِّه حُوَيَّصَةُ ومُحَيِّصَةُ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فتَكَلَّمَ عبدُ الرحمنِ في أمْرِ أَخِيه، وهو أصْغَرُهم، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«كَبِّرِ الكُبْرَ (1)» . أو (2) قال: «لِيَبْدَأ الأَكْبَرُ» . فتَكَلَّما في أمْرِ صاحِبِهما، فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فيُدْفَعُ إلَيْكُمْ برُمَّتِه» . فقَالُوا: أمْرٌ لم نشْهَدْه، كيف نَحْلِفُ؟ قال:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟» . قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، قومٌ كُفَّارٌ ضُلَّالٌ. قال: فوَداهُ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قِبَلِه. قال سهلٌ: فدخلْتُ مِرْبَدًا لهم، فرَكَضَتْنِى نَاقةٌ مِن تلك الإِبلِ. مُتَّفَقٌ عليه (3).
4359 - مسألة: (ولَا تَثْبُتُ إلَّا بشُرُوطٍ أرْبَعَةٍ؛ أحَدُها، دَعْوَى القَتْلِ، ذَكَرًا كان المَقْتُولُ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أو عَبْدًا، مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا. وأمَّا الجِرَاحُ فَلَا قَسامَةَ فيه)
دعْوَى القَتْلِ شرْطٌ في القَسامةِ، ولا تُسْمَعُ
(1) في الأصل: «الكبير» .
(2)
في الأصل: «و» .
(3)
تقدم تخريجه في 20/ 213، 25/ 378.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدَّعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً، بأنْ يقول: أدَّعِى أنَّ هذا قَتَل وَلِيِّى فلانَ ابنَ فلانٍ، عَمْدًا، أو: خَطَأً -أو: شِبْهَ عمدٍ. ويَصِفُ القَتْلَ، فإن كان [عَمْدًا، قال](1): قَصَد إليه بسَيْفٍ. أو بما يَقْتُلُ مثْلُه غالِبًا. فإن كانتِ الدَّعْوَى على واحدٍ، فأقَرَّ، ثَبَت القَتْلُ، وإن أنْكَر وثَمَّ بَيِّنَةٌ، حُكِمَ بها، وإلَّا صارَ الأمْرُ إلى الأيْمانِ. وإن كانتِ الدَّعْوَى على أكثرَ مِن واحدٍ، لم يَخْلُ مِن أرْبعةِ أحْوالٍ؛ أحدُها، أن يقولَ: قتلَه هذا، و (2) هذا [قَتَلَه عَمْدًا](3). ويَصِفُ العمدَ بصِفَتِه، فيقالُ له: عَيِّنْ واحِدًا. فإنَّ القَسامَةَ المُوجِبَةَ للقَوَدِ لا تكونُ على أكثرَ مِن واحدٍ. الحالُ الثانى، أن يقولَ: تَعَمَّد هذا، وهذا كان خاطِئًا. فهو يَدَّعِى قَتْلًا غيرَ مُوجِبٍ للقَوَدِ، فيُقْسِمُ عليهما، ويَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ مِن مالِ العامِدِ، ونِصفَها من مالِ (4) المُخْطِئَ. الحالُ الثالثُ، أن يقولَ: عَمَد هذا، ولا أدْرِى أَكان قتلُ الثانى عَمْدًا أو خَطَأً؟ فقيل: لا تَسُوغُ القَسامَةُ ههُنا؛ [لأنَّه يحْتَمِلُ أن يكونَ الآخَرُ مُخْطِئًا، فيكونُ مُوجَبُها الدِّيَةَ عليهما. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ عامِدًا، فلا تَسُوغُ القسامةُ (5) ههنا](1)، ويجبُ تَعْيِينُ واحدٍ، والقَسامةُ عليه،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في ر 3: «أو» .
(3)
في ر 3، ص، م:«تعمد قتله» ، وفى ق:«تعمدا قتله» .
(4)
في المغنى 12/ 220: «عاقلة» .
(5)
سقط من: ق، م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيكونُ مُوجَبُها القَوَدَ، فلم تَجُزِ القَسامَةُ مع هذا. فإن عادَ فقال: عَلِمْتُ أنَّ الآخَرَ كان عامِدًا. فله أَنْ يُعَيِّنَ واحِدًا، ويُقْسِمَ عليه. وإن قال: كان مُخْطِئًا. ثبَتَتِ القَسامَةُ حينئذٍ، ويُسْأَلُ الآخَرُ، فإن أنْكَرَ، ثبَتَتِ القَسامَةُ، وإن أقَرَّ ثَبَتَ عليه القتلُ، ويكونُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ في مالِه؛ لأنَّه ثَبَت بإقْرارِه لا بالقَسامَةِ. وقال القاضى: يكونُ على عاقِلَتِه. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لأَنَّ العاقِلَةَ لا تَحْمِلُ اعْتِرافًا. الحالُ الرِابعُ. أن يقولَ: قَتَلاهُ خَطَأً، أو: شِبْهَ عَمْدٍ، أو: أحَدُهما خاطِئًا، والآخرُ شِبْهَ العَمْدِ. فله أن يُقْسِمَ عليهما. فإنِ ادَّعَى أنَّه قَتَلَ وَلِيَّه عَمْدًا، فسُئِلَ عنِ تفْسِيرِ العَمْدِ، ففَسَّرَه بعَمْدِ الخَطَأ، قُبِلَ تفْسِيرُه، [وأقْسَمَ] (1) على ما فسَّرَه به؛ لأنَّه أخْطَأَ في وَصْفِ القَتْلِ بالعَمْدِيَّةِ. ونقَل المُزَنِىُّ عن الشّافعىِّ: لا يَحْلِفُ عليه؛ لأنَّه بدَعْوى العَمْدِ بَرَّأَ العاقِلَةَ، فلم تُسْمَعْ دعْوَاه بعدَ ذلك ما يُوجِبُ عليهم المالَ. ولَنا، أنَّ دَعْوَاه قد تَحَرَّرَتْ، وإنَّما غَلِطَ في تَسْمِيَةِ شِبْهِ العَمْدِ عَمْدًا، وهذا مما يَشْتَبِهُ، فلا يُؤاخَذُ به. ولو أحْلَفَه الحاكمُ قبلَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وتَبَيُّنِ نَوْعِ القَتْلِ، لم يُعْتَدَّ باليَمِينِ؛ لأَنَّ الدَّعْوَى لا تُسْمَعُ غيرَ مُحَرَّرَةٍ (2)، فكأَنَّه أحْلَفَه قبلَ الدَّعْوَى، ولأنَّه إنَّما يُحلِّفُه ليُوجِبَ له ما يَسْتَحِقُّه، فإذِا لم يَعْلَمْ ما يستحِقُّه بدَعْوَاه، لم يَحْصُلِ المَقْصُودُ
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
في الأصل: «مجردة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
باليَمِينِ، فلم يَصِحَّ.
فصل: قال القاضى: يجوزُ للأوْلِياءِ أن يُقْسِمُوا على القاتلِ، إذا غَلَب [على ظَنِّهِم](1) أنَّه قَتَلَه، وإن كانُوا غائِبِينَ عن مكانِ القَتْلِ؛ لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال للأنْصارِ:«تَحْلِفُونَ، وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» . وكانوا بالمدينةِ، والقتلُ بخَيْبَرَ، ولأَنَّ للإِنْسانِ أن يَحْلِفَ على غالِبِ ظَنِّه، كما أنَّ مَن اشْتَرَى مِن إنْسانٍ شيئًا، فجاءَ آخَرُ يدَّعِيه، جازَ أن يَحْلِفَ أنَّه لا يَسْتَحِقه؛ لأَنَّ الظاهِرَ أنَّه مِلْكُ الذى باعَه، وكذلك إذا وَجَد شيئًا بخَطهِ أو بخَطِّ أبيه ودَفْتَرِه، جازَ أَنْ يَحْلِفَ، وكذلك إذا باعَ شيئًا لم يعلمْ فيه عَيْبًا، فادَّعَى عليه المُشْتَرِى أنَّه مَعِيبٌ، وأرادَ رَدَّهُ، كان له أَنْ يَحْلِفَ أنَّه باعَه (2) بَرِيئًا مِن العَيْبِ. ولا يَنْبَغِى أن يَحْلِفَ المُدَّعِى إلَّا بعدَ الاسْتِثْباتِ، وغَلَبَةِ ظَنٍّ تُقارِبُ اليَقِينَ، ويَنْبَغِى للحاكمِ أن يقولَ لهم: اتَّقُوا اللَّهَ، واسْتَثْبِتُوا. ويَعِظَهم، ويُحَذِّرَهُم، ويَقْرأ عليهم:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (3). ويُعَرِّفَهُم ما في اليَمِينِ الكاذبةِ، وظُلمِ البَرِئِ، وقَتْلِ النَّفْسِ بغيرِ الحَقِّ، ويُعَرِّفَهم أنَّ عَذابَ الدُّنْيا أهْونُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ. وهذا كلُّه مذهبُ الشَّافِعِىِّ.
(1) في الأصل، تش:«عليهم» .
(2)
سقط من: الأصل، تش.
(3)
سورة آل عمران 77.