الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ سَرَقَ مِنَ النَّخْلِ، أَوِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهَا مَرَّتَيْنِ.
ــ
4512 - مسألة: (ومَن سَرَقَ مِن النَّخْلِ أو الشَّجَرِ مِن غيرِ حِرْزٍ، فلا قَطْعَ عليه، ويَضْمَنُ عِوَضَها مَرَّتَيْن)
يعنى بذلك الثَّمَرَ في البُسْتانِ قبلَ إدْخالِه الحِرْزَ. وهذا قولُ أكثرِ الفُقَهاءِ. وكذلك جُمَّارُ النَّخْلِ، ويُسَمَّى الكَثَرَ، ورُوِىَ معنى هذا القولِ عن ابنِ عمرَ (1). وبه قال عَطاءٌ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال أبو ثَوْرٍ: إن كان مِن بُسْتانٍ مُحْرَزٍ، ففيه القَطْعُ. وبه قال ابنُ المُنْذِرِ (2) إذا لم يَصِحَّ خَبَرُ رافِعٍ. قال (3): ولا أحْسَبُه ثابِتًا. واحْتَجَّا بظاهِرِ الآيةِ، وبقياسِه على سائرِ المُحْرَزاتِ. ولَنا، ما روَى رافِعُ بنُ خَدِيجٍ، عنَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:«لَا قَطْعَ فِى ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ» . أخْرَجَه أبو داودَ، [وابنُ ماجَه](4). وعن عمرِو بنِ شعَيْبٍ، عن أبِيه، عن جَدِّه، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو، عن رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه سُئِلَ عن الثَّمرِ المُعَلَّقِ، فقال: «مَنْ
(1) أخرجه ابن أبى شيبة في المصنف 10/ 26.
(2)
في الإشراف: 2/ 296.
(3)
سقط من: م.
(4)
سقط من: الأصل. وتقدم تخريجه في صفحة 474
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أصَابَ بفِيهِ مِنْ ذِى حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً (1)، فلا شَئَ عَلَيْهِ، ومَنْ خَرَجَ بشَىْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مثلَيْه (2) والْعُقُوبَةُ، ومَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أن يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ، فَعَلَيْهِ القَطْعُ» (3). وهذا يَخُصُّ عُمومَ الآيةِ، ولأَنَّ البُسْتانَ ليس بحِرْزٍ لغيرِ الثَّمَرِ، فلم يَكُنْ حِرْزًا له، كما لو لم يَكُنْ مَحُوطًا (4)، فأمَّا إن كانت شجرةٌ في دارٍ مُحْرَزَةٍ، فسَرَقَ منها نِصابًا، فعليه القَطْعُ. واللَّهُ أعلمُ.
(1) بالضم ما تحمله تحت إبطك.
(2)
في الأصل: «مثله» .
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 475.
(4)
في تش، ق، م:«محفوظا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا سَرَق مِن الثَّمَرِ المُعَلَّقِ، فعليه غَرامَةُ مِثْلَيْه. وبه قال إسْحاقُ؛ للخَبَرِ المَذْكُورِ. قال أحمدُ: لا أعلمُ شيئًا يَدْفَعُه. وقال أكثرُ الفقهاءِ: لا يَجِبُ أكثرُ مِن مِثْلِه. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (1): لا أعلمُ أحدًا مِن الفُقَهاءِ قال بوُجُوبِ غَرامِةِ مِثْلَيْه. واعْتَذَرَ بعضُ أصحابِ الشافعىِّ عن هذا الخَبَرِ، بأنَّه كان حبنَ كانتِ العُقوبَةُ في الأمْوالِ، ثم نُسِخَ ذلك. ولَنا، أنَّ قولَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ لا تجوزُ مُخالَفَتُه، إلَّا بمُعارَضَةِ مِثْلِه أو أقْوَى منه، وهذا الذى اعْتَذَرَ به هذا القائِلُ دَعْوَى للنَّسْخِ بالاحْتِمالِ مِن غيرِ دليلٍ عليه، وهو فاسِدٌ بالإِجْماعَ، ثم هو فاسِدٌ مِن وَجْهٍ آخَرَ؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم:«وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ، فَعَلَيْهِ القَطْعُ» . فقد بَيَّنَ وُجوبَ القَطْعِ مع إيجابِ غَرَامَةِ مِثْلَيْه، وِهذا يُبْطِلُ ما قالَه. وقد احْتَجَّ أحمدُ بأنَّ عمرَ أغْرَمَ حاطِبَ بنَ أبى بَلْتعَةَ حينَ نحَرَ غلْمانُه
(1) في: التمهيد 23/ 314.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ناقةَ رجلٍ مِن مُزَيْنَةَ مِثْلَىْ قِيمَتِها (1). وروَى الأَثْرَمُ الحديثَيْن في «سُنَنِه» . قال أصحابُنا: وفى الماشيةِ تُسْرَقُ مِن المَرْعَى، من غيرِ أن تكونَ مُحْرَزَةً، مِثْلا قِيمَتِها؛ لأَنَّ في سِياقِ حديثِ عمرِو بنِ شُعَيْبٍ، أنَّ السائِلَ قال: الشَّاةُ الحَرِيسةُ (2) مِنْهُنَّ يا نَبِىَّ اللَّهِ؟ قال: «ثَمَنُهَا ومِثْلُهُ مَعَهُ، والنَّكالُ (3)، وَمَا كَانَ مِنَ المُرَاحِ (4)، ففِيهِ القَطْعُ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْ ذلكَ ثَمَنَ المِجَنِّ» . هذا لفظُ رِوايةِ ابنِ ماجَه. وما عَدَا هذَيْنِ لا يُضْمَنُ بأكثرَ من قِيمَتِه، أو مِثْلِه إن كان مِثْلِيًّا. هذا قولُ أصحابِنا وغيرِهم، إلَّا أبا بكرٍ، فإنَّه ذَهَب إلى [غَرامَةِ المسْرُوقِ](5) من غيرِ حِرْزٍ بمثلَيْه (6) قياسًا على الثَّمَرِ المُعَلَّقِ وحَرِيسَةِ الجبلِ، واسْتدلالًا بحديثِ حاطِبٍ. ولَنا، أنَّ الأَصْلَ وُجوبُ غَرامَةِ المِثْلِىِّ بمِثْلِه، والمُتَقَوَّمِ بقِيمَتِه؛ بدليلِ المُتْلَفِ والمَغْصُوبِ، والمُنْتَهَبِ والمُخْتَلَسِ، وسائرِ ما تجبُ غَرامتُه، خُولِفَ في هذين الموْضِعَيْن؛ للأثَرِ، ففيما عَداهما (7) يَبْقَى على الأَصْلِ.
(1) تقدم تخريجه في 25/ 397.
(2)
الحريسة: الشاة التى يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها.
(3)
سقط من: تش. وفى م: «الفكاك» . والنكال: العقوبة.
(4)
المراح: مأوى الماشية.
(5)
في الأصل: «غرامته» ، وفى تش، ر 3، ق:«غرامة» .
(6)
في م: «بمثيله» .
(7)
في الأصل، تش، ر 3، ق:«عداه» .