الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ حَمَلَتِ امْرأَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلا سَيِّدَ، لَمْ تُحَدَّ بِذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ.
ــ
4432 - مسألة: (وإن حَمَلَتِ امرأةٌ لا زَوْجَ لها ولا سَيِّدَ، لم تُحَدَّ بذلكَ بمُجَرَّدِه)
لَكِنَّها تُسْأَلُ، فإنِ ادَّعَتْ أنَّها اكْرِهَتْ، [أو وُطِئَتْ](1) بشُبْهَةٍ، أو لم تَعْتَرِفْ بالزِّنَى، لم تُحَدَّ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، والشافعىِّ. وقال مالكٌ: عليها الحَدُّ إذا كانت مُقِيمَةً غيرَ غَرِيبَةٍ، إلَّا أن تَظْهَرَ أماراتُ الإِكرَاهِ، بأن تَأْتِىَ مُسْتَغِيثَةً أوِ صارِخَةً؛ لقولِ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: والرَّجْمُ واجِبٌ على كُلِّ مَن زَنَى مِن الرِّجالِ والنِّساءِ إذا كان مُحْصَنًا، إذا قامَتِ البَيِّنَةُ، أو كان الحَبَلُ، أو الاعْتِرافُ (2). ورُوِىَ أنَّ عثمانَ أُتِىَ بامرأةٍ وَلَدَتْ لسِتَّةِ أشْهُر، فأمَرَ بها عثمانُ أن تُرْجَمَ، فقال علىٌّ: ليس لك عليها سَبِيلٌ، قال اللَّهُ تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (3). وهذا يَدُلُّ على أنَّه كان يَرْجُمُها بحَمْلِها. وعن عمرَ نحوٌ مِن هذا (4).
(1) في م: «ووطئت» .
(2)
تقدم تخريجه في 23/ 158.
(3)
سورة الأحقاف 15.
والأثر أخرجه عبد الرزاق، في: باب التى تضع لستة أشهر، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 352. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تلد لستة أشهر، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 66.
والبيهقى، في: باب ما جاء في أقل الحمل، من كتاب العدد. السنن الكبرى 7/ 442، 443.
(4)
تقدم تخريجه في 24/ 23.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: أيها النَّاسُ، إنَّ الزِّنَى زِناءانِ (1)، زِنَى سِرٍّ، وزِنَى عَلانِيَةٍ، فَزِنى السِّرِّ أن يَشْهَدَ الشُّهودُ، فيكونَ الشُّهودُ أوَّلَ مَن يَرْمِى، وزِنَى العَلانِيَةِ أن يَظْهَرَ الحَبَلُ أو الاعْتِرافُ، فيكونَ الإِمامُ أوَّلَ مَن يَرْمِى (2). وهذا قولُ سادَةِ الصَّحابةِ، ولم يَظْهَرْ لهم في عَصْرِهم مُخالِفٌ، فيكونُ إجْماعًا. ولَنا، أنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه مِن وَطْءِ إكْراهٍ أو شُبْهَةٍ، والحَدُّ يَسْقُطُ بالشُّبُهاتِ، وقد قِيلَ: إنَّ المرأةَ تَحْمِلُ مِن غيرِ وَطْءٍ، بأن يَدْخُلَ ماءُ الرجُلِ في فَرْجِها، إمَّا بفِعْلِها أو فِعْلِ غيرِها. ولهذا تُصُوِّرَ حَمْلُ البِكْرِ، وقد وُجِدَ ذلك. وأمَّا قولُ الصَّحابةِ، فقد اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عنهم، فرَوَى سعيدٌ، ثَنا خَلَفُ ابنُ خَلِيفَةَ، ثَنا أبو هاشمٍ (3)، أنَّ امرأةً رُفِعَتْ إلى عمرَ ابنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ليس لها زَوْجٌ، وقد حَمَلَت، فسألها عمرُ، فقالت: إنِّى امرأةٌ ثَقِيلةُ الرَّأْسِ، وَقَع علىَّ رجلٌ وأنا نائمةٌ، فما اسْتَيْقَظْتُ حتى فَرَغ. فدَرَأَ عنها الحَدَّ (4). ورَوَى النَّزَّالُ بنُ سَبْرَةَ، عن عمرَ، أنَّه أُتِىَ بامرأةٍ حاملٍ، فادَّعَتْ أنَّها اكْرِهَتْ، فقال: خَلِّ سَبِيلَها.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 206، حاشية 6.
(3)
في م: «أبو هشام» .
(4)
انظر ما تقدم تخريجه صفحة 290.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكَتَب إلى أُمَراءِ الأجْنادِ، أن لا يُقْتَلَ أحَدٌ إلَّا بإذْنِه (1). ورُوِىَ عن علىٍّ، وابن عباسٍ، أنَّهما قالا: إذا كان في الحَدِّ لَعَلَّ وعَسَى، فهو مُعَطَّلٌ (2). ورَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (3) بإسْنادِه، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وعُقْبَةَ بنِ عامِرٍ، أنَّهم قالُوا: إذا اشْتَبَهَ عليك الحَدُّ، فادْرَأْ ما اسْتَطَعْتَ. ولا خِلافَ أنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وهى مُتَحَقِّقَةٌ ههُنا.
فصل: ويُسْتَحَبُّ للإِمامِ أو الحاكمِ الذى يَثْبُتُ عندَه الحَدُّ بالإِقْرارِ، التَّعْرِيضُ له بالرُّجوعِ إذا تَمَّ، والوُقُوفُ عن إتْمامِه إذا لم يتِمَّ، كما رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه أعْرَضَ عن ماعِزٍ حينَ أقَرَّ عندَه، ثم جاءَه مِن الناحيةِ الأُخْرَى، فأعْرَضَ عنه، حتى تَمَّمَ إقْرارَه أربعًا، ثم قال:«لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، لَعَلَّكَ لَمَسْتَ» (4). ورُوِىَ أنَّه قال للَّذى أقَرَّ بالسَّرِقَةِ: «مَا إخَالُكَ فَعَلْتَ» . رَواه سعيدٌ، عن سفيانَ، عن يَزِيدَ بنِ خَصِيفةَ (5)، عن محمدِ
(1) أخرجه البيهقى، في: باب من زنى بامرأة مستكرهة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 236. وابن أبى شيبة، في: باب في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 569.
(2)
في الأصل، تش:«مطل» . وأخرجه عبد الرزاق عن على، في: المصنف 7/ 425.
(3)
في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطنى 3/ 120.
كما أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 567. والبيهقى، في: باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 238.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 306.
(5)
في الأصل، تش:«صفية» ، وفى م:«خصفة» . وهو يزيد بن عبد اللَّه بن خصيفة الكندى المدنى. انظر: تهذيب التهذيب 11/ 340.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ ثَوْبانَ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم (1). وقال: ثَنا هُشَيْمٌ، عن الحَكَمِ بنِ عُتَيْبَةَ (2)، عن يَزِيدَ بنِ أبى كَبْشَةَ، عن أبى الدَّرْدَاءِ، أنَّه أُتِىَ بجاريةٍ سوداءَ سَرَقَتْ، فقال لها: أسَرَقْتِ؟ قولى: لا. فقالَتْ: لا. فخَلَّى سَبِيلَها (3). ولا بَأْسَ أن يُعَرِّض بعضُ الحاضِرِينَ بالرُّجوعِ أو بأن لا يُقِرَّ. وروينا عن الأحْنَفِ، أنَّه كان جالسًا عندَ مُعاويةَ، فأُتِىَ بسارقٍ، فقال له معاويةُ: أسَرَقْتَ؟ فقال له بعضُ الشُّرَطَةِ: اصْدُقِ الأميرَ. فقال الأحْنَفُ: الصِّدْقُ في كلِّ المَواطِنِ مَعْجَزَةٌ. فعَرَّضَ له بتَرْكِ الإِقْرارِ. [ورُوِىَ عن بعضَ السَّلَفِ، أنَّه قال: لا يُقْطَعُ ظَرِيفٌ. يعنى أنَّه إذا قامتْ عليه بَيِّنَةٌ، ادَّعَى شُبْهَةً، فدَفَعَ عنه القَطْعَ، فلا يُقْطَعُ. ويُكْرَهُ لمن عَلِم حالَه أن يَحُثَّه على الإِقْرارِ](4)؛ لِما رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لهَزَّالٍ، وقد كان قال لماعِزٍ: بادِرْ إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قبلَ أن يَنْزِلَ فيكَ قُرْآنٌ: «ألَا سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ!» . رَواه سعيدٌ (5). ورَوَى
(1) وأخرجه أبو داود، في: باب في التلقين في الحد، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 447. والنسائى، في: باب تلقين السارق، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 60. وابن ماجه، في: باب تلقين السارق، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 866. والدارمى، في: باب المعترف بالسرقة، من كتاب الحدود. سنن الدارمى 2/ 173. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 293.
(2)
في الأصل، تش:«عيينة» ، وفى م:«عتبة» .
(3)
وأخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 10/ 225. وابن أبى شيبة، في: المصنف 10/ 23. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 276.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
وأخرجه أبو داود، في: باب الستر على أهل الحدود، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 446. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 821. والإمام أحمد، في: المسند =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإسْنادِه أيضًا، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، قال جاءَ ماعِزُ بنُ مالكٍ إلى عمرَ ابنِ الخَطَّابِ، فقال له: إنَّه أصَابَ فاحِشَةً. فقال له: أخْبَرْتَ بهذا أحَدًا قَبْلِى؟ قال: لا. قال: [فاسْتَتِرْ بسِتْرِ](1) اللَّهِ، وتُبْ إلى اللَّهِ، فإنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ ولا يُغَيِّرُونَ، واللَّهُ يُغَيِّرُ ولا يُعَيِّرُ، فتُبْ إلى اللَّهِ، ولا تُخْبِرْ به أحدًا. فانْطَلَقَ إلى أبى بكرٍ، فقال له مثلَ ما قالَ عمرُ، فلم تُقِرَّه نَفْسُه حتى أتَى رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ له ذلك (2).
(1) في م: «فاستر يستر» .
(2)
وأخرجه الإمام مالك، في: باب ما جاء في الرجم، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 820. والبيهقى، في: باب من قال: لا يقام عليه الحد حتى يعترف. . .، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 228. وعبد الرزاق، المصنف 7/ 323.