الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ حَدِّ الزِّنَى
ــ
بابُ حدِّ الزِّنى
الزِّنَى حَرامٌ، وهو مِنِ الكبائِرِ العِظامِ، بدَليلِ قولِه تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (1). وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (2). وعن عبدِ اللَّه بنِ مسعودٍ، قال: سألتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أىُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قال: «أن تَجْعَلَ للَّه نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» . قال: قلتُ: ثُمَّ أىٌّ؟ قال: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» . قال: قلتُ: ثُمَّ أىٌّ؟ قال: «أَنْ تُزانِىَ حلِيلَةَ جَارِكَ» . مُتَّفَقٌ عليه (3). وكان حَدُّ الزَّانِى في صَدْرِ الإِسْلامِ الحَبْسَ في البَيْتِ، والأذَى بالكَلامِ مِن التَّقْرِيعِ والتَّوْبِيخِ للبِكْرِ؛ لقولِه سبحانَه: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15) وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا
(1) سورة الإسراء 32.
(2)
سورة الفرقان 68، 69.
(3)
تقدم تخريجه في 25/ 69.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (1). قال بعضُ أهلِ العلمِ: المرادُ بقولِه: {مِنْ نِسَائِكُمْ} الثَّيِّبُ؛ لأَنَّ قَوْلَه: {مِنْ نِسَائِكُمْ} . [إضَافةٌ زَوْجِيَّةٍ](2)، كقولِه:{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (3). ولا فائدةَ في إضَافَتِه ههُنا نعْلَمُها إلَّا اعْتِبارُ الثيُوبَةِ، ولأنَّه قد ذَكَرَ عُقُوبَتَيْن إحْداهما أغْلَظُ (4) مِن الأُخْرَى، فكانتِ الأغْلَظُ للثيِّبِ، والأُخْرَى للبِكْرِ، كالرَّجْمِ والجَلْدِ، ثم نُسِخَ هذا بما روَى عُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«خُذُوا عَنِّى، خُذُوا عَنِّى، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، البِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ والرَّجْمُ» . رَواه مسلمٌ (5). فإن قِيلَ: فكيفَ يُنْسَخُ القُرْآَنُ بالسُّنَّةِ؟ قُلْنا: قد ذَهَب أصحابُنا إلى جَوازِه؛ لأَنَّ الكلَّ مِن عندِ اللَّهِ، وإنِ اخْتَلَفَتْ طَرِيقُه، ومن مَنَع ذلك قال: ليس هذا نَسْخًا، إنَّما هو تَفْسِيرٌ للقُرْآنِ وتَبْيينٌ له؛ لأَنَّ النَّسْخَ رَفْعُ حُكْمٍ ظاهِرُه الإِطْلاقُ، فأمَّا ما كان مَشْرُوطًا بشَرْطٍ، وزال الشَّرْطُ، لا يكونُ نَسْخًا، وههُنا شَرَط اللَّهُ تعالى حَبْسَهُنَّ إلى أن يَجعَلَ
(1) سورة النساء 15، 16.
(2)
في م: «إضافة إلى زوجية» .
(3)
سورة البقرة 226.
(4)
في الأصل، تش:«أعظم» .
(5)
في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1316، 1317.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجم، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 455. والترمذى، في: باب ما جاء في الرجم على الثيب، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 209، 210. وابن ماجه، في: باب حد الزنى، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 852. والدارمى، في باب تفسير قول اللَّه تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}، من كتاب الحدود. سنن الدارمى 2/ 181. والإمام أحمد في: المسند 5/ 313، 317، 318، 320، 327.