الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَخْرُجُ مَعَهَا مَحْرَمُهَا، فَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً، بُذِلَتْ مِنْ مَالِهَا، فَإِنْ
ــ
فصل (1): وإن زَنَى الغَرِيبُ، غُرِّبَ إلى بَلَدٍ غيرِ وَطَنِه. وإن زَنَى في البَلَدِ الَّذى غُرِّبَ إليه، غُرِّبَ منه إلى غيرِ البلدِ الَّذِى غُرِّبَ منه؛ لأَنَّ الأمْرَ بالتَّغْرِيبِ يَتَناولُه (2) حيثُ كان، ولأنَّه قد أنِسَ بالبَلَدِ الَّذى يَسْكُنُه، فيُبْعَدُ عنه.
4404 - مسألة: (ويَخْرُجُ مع المرأةِ مَحْرَمُها)
ليُسْكِنَها في مَوْضِعٍ، ثم إن شاء رَجَع إذا أمِنَ عليها، وإن شاء أقامَ معها حتَّى يَكْمُلَ حَوْلُها، وإن أبَي الخُرُوجَ معها، بَذَلَتْ له الأُجْرَةَ. قال أصحابُنا: وتَبْذُلُ مِن مالِها؛ لأد هذا مِن مُؤْنَةِ سَفَرِها. ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ ذلك عليها؛
(1) سقط هذا الفصل من: الأصل.
(2)
سقط من: م.
تَعَذَّرَ، فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ أبَى الْخُرُوجَ مَعَهَا، اسْتُؤْجِرَتِ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، نُفِيَتْ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ،
ــ
لأَنَّ الواجِبَ عليها التَّغْرِيبُ بنَفْسِها، فلم يَلْزَمْها زِيادةٌ عليه كالرَّجُلِ، ولأَنَّ هذا مِن مُؤْنَةِ إقامةِ الحَدِّ، فلم يَلْزَمْها، كأُجْرَةِ الجَلَّادِ. فعلى هذا، تُبْذلُ الأُجْرَةُ مِن بيتِ المالِ. وعلى قولِ أصحابِنا، إن لم يَكُنْ لها مالٌ، بُذِلَتْ مِن بَيْتِ المالِ. فإن أربى مَحْرَمُها الخُروجَ معها، لم يُجْبَرْ، وإن لم يَكُنْ لها مَحْرَمٌ، غُرِّبَتْ مع نِساءٍ ثِقاتٍ. والقولُ في أُجْرَةِ مَن يُسافِرُ معها منهُنَّ، كالقولِ في أُجْرَةِ المَحْرَم، فإن أعْوَزَ، فقال أحمدُ: تُنْفَى بغيرِ مَحْرَمٍ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّهَ لا سَبِيلَ إلى تَأْخِيرِهِ، فأشْبَهَ سَفرَ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ النَّفْىُ.
ــ
الهِجْرَةِ، والحَجِّ إذا ماتَ المَحْرَمُ في الطَّريقِ (ويَحْتَمِلُ أن يَسْقُطَ النَّفْىُ) إذا لم تَجِدْ مَحْرَمًا، كما يَسْقُطُ سَفَرُ الحَجِّ، إذا لم يَكُنْ لها مَحْرَمٌ (1)، فإنَّ تَغْرِيبَها على هذه الحالِ إغْراءٌ لها بالفُجُورِ، وتَعْريضٌ لها للفِتْنَةِ، وعُمُومُ الحديثِ مَخصُوصٌ بعُمُومِ النَّهْى عن سَفَرِها بغيرِ مَحْرَمٍ.
فصل: ويَجِبُ أن يَحْضُرَ الحَدَّ (2) طائِفةٌ مِن المؤمنين؛ لقولِ اللَّهِ. تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (3). قال أصحابُنا: والطَّائِفَةُ واحدٌ فما فوقَه. وهذا قولُ ابنِ عباسٍ، ومُجاهِدٍ. والظّاهِرُ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل، ر 3، ق.
(3)
سورة النور 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّهم أرادُوا واحدًا مع الَّذى يُقِيمُ الحَدَّ؛ لأَنَّ الَّذى يُقِيمُ الحدَّ حاصِلٌ ضَرُورَةً، فيَتَعَيَّنُ صَرْفُ الأَمْرِ إلى غيرِه. وقال عَطاءٌ، وإسحاقُ: اثْنان. فإن [أرادا به](1) واحدًا مع الَّذى يُقِيمُ الحَدَّ، فهو كالقَوْلِ الأَوَّلِ، وإن أرادا (2) اثنينِ غيرَه، فوَجْهُه أنَّ الطّائِفَةَ اسْمٌ لِما زاد على الواحِدِ، وأقَلُّه اثْنانِ. وقاك الزُّهْرِىُّ: ثلاثةٌ؛ لأَنَّ الطّائِفَةَ جماعةٌ، وأقَلُّ الجمعِ ثلاثةٌ. وقال مالكٌ: أرْبَعَةٌ؛ لأنَّه العَدَدُ الَّذى يَثْبُتُ به الزِّنَى. وللشافعىِّ قَوْلان، كَقَوْلِ (3) الزُّهْرِىِّ ومالكٍ. وقال رَبِيعَةُ: خمسةٌ. وقال الحسنُ: عَشَرَةٌ. وقال قَتادَةُ: نَفَرٌ. واحْتَجَّ أصحابُنا بقولِ ابنِ عباسٍ، فإنَّ اسْمَ الطّائِفَةِ يَقَعُ على الواحدِ، بدليلِ قولِ اللَّهِ تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} . ثم قال: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (4). وقِيلَ في قولِه تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ} (5). إنَّه مَخْشِىُّ (6) بنُ حُمَيِّرٍ وحدَه (7). ولا يَجِبُ أن يَحْضُرَ الإِمامُ، ولا الشُّهُودُ. وبهذا قال الشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفة: إن ثَبَت الحَدُّ بِبَيِّنَةٍ، فعليها
(1) في الأصل، تش:«أراد أنه» . وفى م: «أراد به» .
(2)
في الأصل، م:«أراد» .
(3)
في م: «كقولى» .
(4)
سورة الحجرات 9، 10.
(5)
سورة التوبة 66.
(6)
في الأصل، تش:«مخش» ، وفى م:«محش» . وانظر الإصابة 6/ 53. والإكمال 7/ 228.
(7)
أخرجه ابن جرير، في: تفسيره 10/ 173.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحُضُورُ، والبَداءَةُ بالرَّجْمِ، وإن ثَبَت باعْتِرافٍ، وَجَب على الإِمامِ الحُضُورُ، والبَدَاءَةُ بالرَّجْمِ؛ لِما رُوِى عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: الرَّجْمُ رَجْمان؛ فما كان منه بإقْرارٍ، فأوَّلُ مَن يَرْجُمُ الإِمامُ، ثم النَّاسُ، وما كان ببَيِّنَةٍ، فأوَّلُ مَن يَرْجُمُ البَيِّنَةُ، ثم الناسُ. رَواه سعيدٌ بإسْنادِه (1). ولأنَّه إذا لم تَحْضُرِ البَيِّنَةُ ولا الإِمامُ، كان في ذلك شُبْهَةٌ، والحَدُّ يَسْقُطُ بالشُّبُهاتِ. ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أمَر برَجْمِ ماعِزٍ والغامِدِيَّةِ، ولم يَحْضُرْهُما، وِالحَدُّ ثَبَت باعْتِرافِهما. وقال:«يَا أُنَيْسُ، اغْدُ إِلى امْرَأَة هذَا، فَإِنِ اعْتَرَفتْ فَارْجُمْهَا» (2). ولم يَحْضُرْها. ولأنَّه حَدٌّ، فلم يَلْزَمْ أن يَحْضُرَه الإِمامُ ولا البَيِّنَةُ، كسائِرِ الحُدودِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّ تَخَلُّفَهم عن الحُضُورِ، ولا امْتِناعَهم مِن البَداءَةِ بالرَّجْمِ شُبْهَةٌ. وأمَّا قولُ على، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فهو على سَبِيلِ الاسْتِحْبابِ والفَضِيلَةِ. قال أحمدُ: سُنَّةُ الاعْتِرافِ أن يَرْجُمَ الإِمامُ، ثم النَّاسُ. ولا نعلمُ خِلافًا في اسْتِحْبابِ ذلك، والأَصْلُ فيه قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقد رُوِى في حديثٍ، رَواه أبو بَكْرَةَ (3)، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه رَجَم امرأةً، فحَفَر لها إلى الثَّنْدُوَةِ، ثم رَماهَا بحَصاةٍ مثلِ الحِمَّصَةِ، ثم قال:«ارْمُوا، واتَّقُوا الوَجْهَ» . أخرَجَه أبو داودَ (4).
(1) تقدم تخريجه في صفحة 206.
(2)
تقدم تخريجه في 13/ 450.
(3)
في م: «بكر» .
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 198، 199