الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ، يَحْلِفُ مِنَ الْعَصَبَةِ الْوَارِثُ مِنْهُمْ وَغَيْرُ الْوَارِثِ، خَمْسُونَ رَجُلًا، كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا.
ــ
إلَيْكُم بِرُمَّتِهِ». وفى رِوايةِ مُسْلِمٍ (1): «ويُسَلَّمُ إلَيْكُمْ» . وفى لَفْظٍ: «وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صاحِبِكُمْ» . وأرادَ دَمَ القاتلِ؛ لأَنَّ دَمَ القَتيلِ ثابتٌ لهم قبلَ اليَمِينِ. والرُّمَّةُ: الحبلُ الذى يُرْبَطُ به مَن عليه القَوَدُ. ولأنَّها حُجَّةٌ يَثْبُتُ بها العَمْدُ، فيجبُ بها القَوَدُ، كالبَيِّنَةِ. وقد روَى الأَثْرَمُ، بإسْنادِه، عن عامرٍ الأحْولِ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أقادَ بالقَسامةِ بالطَّائِفِ (2). وهذا نصٌّ. ولأَنَّ الشَّارِعَ جَعلَ القَوْلَ (3) قولَ المُدَّعِى مع يَمِينِه، احْتِياطًا للدَّمِ، فإن لم يَجِبِ القَوَدُ، سقَط هذا المعْنى.
4365 - مسألة: (وعن أحمدَ، يَحْلِفُ مِن العَصَبَةِ الوارِثُ منهم وغيرُ الوارِثِ، خَمْسون رَجُلًا، كلُّ واحِدٍ يَمِينًا)
اخْتلَفتِ الروايةُ عن
(1) لم نجد هذا اللفظ عند مسلم، وعند الإمام أحمد، في: المسند 4/ 3: «ثم نسلمه» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: المراسيل 160، 161. عن قتادة وعامر الأحول عن أبى المغيرة.
(3)
في الأصل: «القود» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحمدَ في مَن تجبُ عليه أيْمانُ القَسامةِ؛ فرُوِىَ أنَّها تَخْتَصُّ بالذُّكورِ مِن الوُرَّاثِ. وهو ظاهرُ المذهَبِ، وقد ذكَرناه. ورُوِىَ عنه رِوايةٌ ثانيةٌ، أنَّه يَحْلِفُ مِن العَصَبةِ الوارِثُ (1) وغيرُ الوارثِ خمسون رَجُلًا، كلُّ واحدٍ يَمِينًا واحِدةً. وهذا قولٌ لمالكٍ. فعلَى هذا، يَحْلِفُ الوُرَّاثُ منهم الذين يَسْتَحِقُّونَ دَمَه، فإن لم يبْلُغُوا خَمسين، تُمِّمُوا مِن سائرِ العَصَبةِ، يُؤْخَذُ الأقْرَبُ منهم فالأقْرَبُ مِن قَبِيلَتِه التى يَنْتَسِبُ إليها، ويُعرَفُ كيْفِيَّةُ نَسَبِه مِن المقْتُولِ، فأمَّا مَن عُرِفَ أنَّه مِن القَبِيلةِ، ولم يُعرَفْ وَجْهُ النَّسَبِ، لم يُقْسِمْ، مثلَ أن يكونَ الرَّجُلُ قُرَشِيًّا، والمقْتولُ قُرَشِىٌّ، ولا يعرَفُ كيْفِيَّةُ نَسَبِه منه، فلا يُقْسِمُ؛ لأنَّنا نعْلَمُ أنَّ الناسَ كلَّهمِ مِن آدمَ ونُوحٍ، وكلُّهم يَرْجِعون إلى أبٍ واحدٍ، ولو قُتِلَ مَن لا يُعْرَفُ نَسَبُه، لم يُقْسِمْ عنه سائِرُ الناسِ، فإن لم يُوجَدْ مِن نَسَبِه خَمسون، رُدِّدَتِ الأيْمانُ عليهم، وقُسِمَتْ بينَهم (2)، فإنِ انْكَسَرَتْ (3) عليهم، جُبِرَ كَسْرُها عليهم حتى تبْلُغَ خَمْسين؛ لقولِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم للأنْصارِ:«يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ، وتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» (4). وقد عَلِمَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم أنَّه لم يكُنْ لعبدِ اللَّهِ بنِ سَهْلٍ خَمْسون رَجُلًا وارِثًا، فإنَّه لا يَرِثُه إلَّا أخُوه، أو مَن
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «عليهم» .
(3)
بعده في م: «بينهم» .
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 140.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو في دَرَجَتِه، أو أقْرَبُ منه نَسَبًا، ولأنَّه خاطَبَ بهذا [ابْنَىْ عَمِّه، وهما](1) غيرُ وارِثَيْن.
فصل: ويُسْتَحَب أن يَسْتَظْهِرَ في ألْفاظِ اليَمِينِ في القَسامةِ تأْكيدًا، فيقولَ: واللَّهِ الذى لا إلهَ إلَّا هو عالمِ خائِنَةِ الأعْيُنِ وما تُخْفِى الصُّدُورُ. فإنِ اقْتَصَرَ على لَفْظةِ: واللَّهِ. كَفَى، ويقُولُ: واللَّهِ، أو باللَّهِ، أو تاللَّهِ. بالجَرِّ كما تقْتَضِيه العربيَّةُ. فإن قاله مَضْمُومًا، أو منصوبًا، فقد لَحَنَ. قال القاضى: ويُجْزِئُه، تَعَمَّدَه أو لم يتَعَمَّدْه؛ لأنَّه لَحْنٌ لا يُحِيلُ المَعْنَى. وهو قولُ الشافعىِّ. وما زادَ على هذا تَأْكِيدٌ. ويقولُ: لقد قَتَلَ فلان بنُ فلانٍ الفُلانىُّ -ويُشِيرُ إليه- فُلانًا ابْنِى، أو أخِى، مُنْفَرِدًا بقَتْلِه، ما شَرَكَه غيرُه. وإن كانا اثْنَيْن قال: مُنْفَرِ دَيْن بقَتْلِه، ما شَرَكَهُما غيرُهما. ثم يقولُ: عَمْدًا، أو خَطأً. وبأىِّ اسْمٍ مِن أسماءِ اللَّهِ سبحانه وتعالى أو صِفَةٍ من [صِفَاتِ ذَاتِه](2) حَلَفَ، أجْزَأَ، إذا كان إطْلاقُه يَنْصَرِفُ إلى اللَّهِ تعالى. ويقولُ المُدَّعَى عليه في اليَمِينِ: واللَّهِ ما قَتَلْتُه، ولا شارَكْتُ في قَتْلِه، ولا فَعَلْتُ شيئًا (3) ماتَ منه، ولا كان سَببًا في مَوْتِه، ولا مُعِينًا على مَوْتِه.