الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ في شَىْءٍ فِيهِ مُقَدَّرٌ، فَلَا يُبْلَغُ بِهِ أَرْشُ الْمُقَدَّرِ، فَإِذَا كَانَتْ في الشِّجَاجِ الَّتِى دُونَ الْمُوضِحَةِ، لَمْ يُبْلَغْ بِهَا أَرْشُ
ــ
4328 - مسألة: (إلَّا أن تَكونَ في شئٍ فيه مُقَدَّرٌ، فلا يُبْلَغُ به أَرْشُ المُقَدَّرِ، فإن كانتْ في الشِّجاجِ الَّتى دونَ المُوضِحَةِ، لم يُبْلَغْ بها أَرْشُ المُوضِحَةِ)
فلو جَرَحَهُ في وَجْهِه سِمْحَاقًا، فنَقَصَتْه عُشْرَ قِيمَتِه، فمُقْتَضَى الحُكومَةِ وجُوبُ عَشْر مِن الإِبِلِ، ودِيَةُ المُوضِحَةِ خَمْسٌ، فههُنا يُعْلَمُ غلطُ المُقَوِّمِ؛ لأَنَّ الجِراحةَ لو كانت مُوضِحَةً، لم تَزِدْ على خَمْسٍ، مع أنَّها سِمْحاقٌ وزيادةٌ عليها، فلَأن لا يجبَ في بعضِها زيادةٌ على خَمسٍ أوْلَى. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. وبه يقولُ الشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وحُكِىَ عن مالكٍ أنَّه يجبُ ما تُخْرِجُه الحُكومَةُ، كائنًا ما كانَ؛ لأنَّها جِراحَةٌ لا مُقَدَّرَ فيها، فوجب فيها ما نقَص، كما لو كانت في سائرِ البدَنِ. ولَنا، أنَّها [بعضُ المُوضِحَةِ](1)، لأنَّه لو أوْضَحَه لقَطَعَ ما قطَعَتْه هذه الجِراحَةُ، ولا يجوزُ أن يجبَ في بعضِ الشئِ أكثرُ ممَّا يجبُ فيه، ولأَنَّ الضَّرَرَ في المُوضِحَةِ أكبرُ (2)، والشَّيْنَ أعْظَمُ، والمَحَلَّ واحدٌ، فإذا لم يَزِدْ أَرْشُ المُوضِحَةِ على خَمْسٍ، كان ذلك تَنْبِيهًا على أَنْ لا يَزيدَ ما دُونَها عليها. وأمَّا سائرُ البدَنِ، فما كان فيه مُوَقَّتٌ،
(1) في تش: «نقص موضحة» .
(2)
في الأصل: «أكثر» .
الْمُوضِحَةِ، وَإِنْ كَانت فِى إِصْبَعٍ، لَمْ يَبْلُغْ بِهَا دِيَةَ الإِصْبَعِ، وَإِنْ كَانَتْ في أُنْمُلَةٍ، لَمْ يَبْلُغْ بِهَا دِيَتَهَا.
ــ
كالأعْضاءِ، والعِظَامِ المعْلُومَةِ، والجائِفَةِ، فلا يُزادُ جُرْحُ عَظْمٍ على دِيَتِه، مثالُه، جَرَحَ أُنْمُلَةً، فبلَغ أَرشُها بالحُكومةِ خَمْسًا مِن الإِبِلِ، فإنَّه يُرَدُّ إلى [دِيَةِ الأُنْمُلَةِ](1). وإن كان في إصْبَعٍ، فبلَغ ما زادَ على العَشْرِ بالحُكومةِ، رُدَّ إلى العَشْرِ. وإن جَنَى عليه في جَوْفِه دُون الجائفَةِ، لم يَزِدْ على أَرْشِ الجائفَةِ، وما لم يَكُنْ كذلك، وجبَ ما أخْرَجَتْه الحُكومةُ؛ لأَنَّ المَحَلَّ مُخْتَلِفٌ. فإن قِيلَ: فقد وجَب في بعضِ البَدَنِ أكثرُ ممَّا وجَب في جَميعِه، وَوجبَ في منافعِ اللِّسانِ أكثرُ مِن الواجبِ فيه. قُلْنا: إنَّما وجبَتْ دِيَةُ النَّفْسِ دِيَةً عن الرُّوحِ، وليستِ الأطْرافُ بعضَها، بخِلافِ مَسْألَتِنا. هذا ذكَره القاضى. ويَحْتَمِلُ كلامُ الخِرَقِىِّ أن يَختَصَّ امْتِناعُ الزِّيادة بالرَّأْس والوَجْهِ؛ لقولِه: إلَّا أن تكونَ الجِنايةُ في وَجْهٍ أو رَأْسٍ، فلا يُجَاوَزُ به أَرْشُ المُوَقَّتِ.
(1) في الأصل: «أنملة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا أَخْرَجَتِ الحُكومةُ في شِجاجِ الرَّأْسِ التى دُونَ المُوضِحَةِ قَدْرَ أَرش المُوضِحَةِ أو زيادةً عليه، فظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ أنَّه يجبُ أَرْشُ المُوضِحَةِ. وقال القاضى: يجبُ أن يَنْقُصَ عنها شيئًا على حَسَبِ ما يُؤدِّى إليه الاجْتِهادُ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وهو الذى ذكَرَه شيْخُنا في كتابِ «الكَافِى» (1) و «المُقْنِعِ» ؛ لئَلَّا يجبَ في بعْضِها ما يجبُ في جَميعِها. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّ مُقْتَضَى الدَّليلِ وُجوبُ ما أخْرَجَتْه الحُكومةُ، وإنَّما سقَطَ الزَّائِدُ على أَرْشِ المُوضِحَةِ؛ لمُخالَفَتِه النَّصَّ [أو تَنْبِيهَ النَّصِّ](2)، ففيما لم يَزِدْ، يَجِبُ البَقاءُ على الأَصْلِ، ولأَنَّ ما ثبَت بالتَّنْبِيهِ، يجوزُ أن يُساوِىَ المَنْصُوصَ عليه في الحُكْمِ، ولا يَلْزَمُ أن يَزِيدَ عليه، أنَّه لمَّا نَصَّ على وُجوبِ [فِدْيَةِ الأذى (3) في حَقِّ المَعْذُورِ، لم يَلْزَمْ زِيادَتُها في حَقِّ مَن لا عُذْرَ له، ولا يَمْتَنِعُ أن يجبَ في البعْضِ ما يجبُ في الكُلِّ، بدليلِ وُجوبِ](4) دِيَةِ الأصابعِ مثلَ دِيَةِ اليَدِ كلِّها،
(1) 4/ 94.
(2)
سقط من: الأصل، تش.
(3)
في م: «الأدنى» .
(4)
سقط من: الأصل.