الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِىِّ عِنْدَ الْقَاضِى. وَاخْتَارَ الْخِرَقِىُّ وَأَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ يُعَزَّرُ. وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ.
ــ
4408 - مسألة: (وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَعَلَيْهِ حَدُّ اللُّوطِىِّ عِنْدَ الْقَاضِى. وَاخْتَارَ الْخِرَقِىُّ وَأَبُو بَكْرٍ، أَنَّهُ يُعَزَّرُ. وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ)
اخْتَلَفَت الرِّوايَةُ عن أحمدَ، في الَّذى يَأْتِى البَهِيمَةَ، فرُوِىَ عنه، أنَّه يُعَزَّرُ، ولا حَدَّ عليه. اخْتارَه الخِرَقِى، وأبو بكرٍ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عباسٍ، وعَطاءٍ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، والحَكَمِ، ومالكٍ، والثَّوْرِىِّ، وأصحابِ الرَّأْى، وإسْحاقَ. وهو قولٌ للشافعىِّ. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، حُكْمُه حُكمُ اللَّائِطِ سَواءً. وقال الحسنُ: حَدُّه حَدُّ الزَّانِى. وعن أبى سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ: يُقْتَلُ هو والبهيمةُ؛ لقولِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً، فَاقْتُلُوهُ، واقْتُلُوهَا مَعَهُ» . رَواه أبو داودَ (1). ووَجْهُ الرِّوايَةِ
(1) في: باب في من أتى بهيمة، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 468.
كما أخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في من يقع على البهيمة، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 238. وابن ماجه، في: باب من أتى ذات محرم ومن أتى بهيمة، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 856. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 269، 300. وانظر الكلام على الحديث في: تلخيص الحبير 4/ 55، الإرواء 8/ 13 - 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأُولَى (1)، أنَّه لم يَصِحَّ فيه نَصٌّ، ولا يُمْكِنُ قِياسُه على الوَطْءِ في فَرْجِ الآدَمِىِّ؛ لأنَّه لا حُرْمَةَ لها، وليس بمَقْصودٍ يُحْتاجُ في الزَّجْرِ عنه إلى الحَدِّ، فإنَّ النُّفُوسَ تَعافُه، وعامَّتُها (1) تَنْفِرُ منه، فيَبْقَى على الأَصْلِ في انْتِفاءِ الحَدِّ، والحديثُ يَرْوِيه عمرُو بنُ أبى عَمْرٍو، ولم يُثْبِتْه أحمدُ. وقال الطَّحاوِىُّ: هو ضَعِيفٌ. ومذهبُ ابنِ عباسٍ خِلافُه، وهو الَّذى رُوِى عنه. قال أبو داودَ: هذا يُضْعِفُ الحديثَ عنه. قال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ: سألتُ أحمدَ عن الرجلِ يَأْتِى البَهِيمَةَ، فوَقَف عندَها، ولم يُثْبِت حديثَ عمرِو بن أبى (1) عمرٍو في ذلك. ولأَنَّ الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، فلا يجوزُ أن يَثْبُتَ بحديثٍ فيه هذه الشُّبْهَةُ والضَّعْفُ، لكنَّه يُعَزَّرُ ويُبالَغُ في تَعْزِيرِه؛ لأنَّه وَطْءٌ في فَرْجٍ مُحَرَّمٍ، لا شُبْهَةَ له فيه، لم يُوجِبِ الحَدَّ، فأوْجَبَ التَّعْزِيرَ، كوَطْءِ المَيِّتَةِ.
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وتُقْتَلُ البَهِيمَةُ. وهذا قولُ أبى سَلمَةَ بن عبدِ الرحمنِ، وأحَدُ قَوْلَى الشافعىِّ. وسَواءٌ كانتْ مملوكةً له أو لغيرِه، مَأْكُولَةً أو غيرَ مأكولةٍ. وذَكَر ابنُ أبى موسى في «الإِرْشَادِ» في وُجُوبِ قَتْلِها رِوايَتَيْن. وقال أبو بكرٍ: الاخْتِيارُ قَتْلُها، وإن تُرِكَتْ فلا بَأْسَ. وقال الطَّحاوِىُّ: إن كانت مأكولةً ذُبِحَتْ، وإلَّا لم تُقْتَلْ. وهذا القولُ الثانى للشافعىِّ؛ لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ذَبْحِ الحيوانِ لغيرِ مَأْكَلَةٍ (1). ووَجْهُ الأَوَّلِ؛
(1) أخرجه أبو داود عن القاسم مولى عبد الرحمن بلفظ: «. . . ولا تقتل بهيمة ليست لك بها حاجة» . المراسيل 177.
وتقدم تخريجه في 10/ 61، بلفظ الأصل، وهو موقوف على أبى بكر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحديثُ المَذْكُورُ، وفيه الأمْرُ بقَتْلِ البَهِيمَةِ، فلم يُفَرِّقْ بينَ كَوْنِها مَأْكُولةً أو غيرَ مَأْكُولَةٍ، ولا بينَ مِلْكِه وملكِ غيرِه. فإن قِيلَ: الحديثُ ضَعِيفٌ، ولم تَعْمَلُوا به في قَتْلِ الفاعِلِ الجانِى، ففى حَقِّ حَيوانٍ لا جِنايَةَ منه أوْلَى. قُلْنا: إنَّما لم يُعْمَلْ به في قَتْلِ الفاعِلِ على إحْدَى الرِّوايَتَيْن، لوَجْهَيْن؛ أحدُهما، أنَّه (1) حَدٌّ، والحُدودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وهذا إتْلافُ مالٍ، فلا تُؤَثِّرُ الشُّبْهَةُ فيه. الثانى، أنَّه إتْلافُ آدَمِىٍّ، وهو أعْظَمُ المَخْلُوقاتِ حُرْمَةً، فلم يَجُزِ التَّهَجُّمُ (2) على إتْلافِه إلَّا بدَليلٍ في غايَةِ القُوَّةِ، ولا يَلْزَمُ مثلُ هذا
(1) في م: «لأنه» .
(2)
في الأصل: «التحريم» .