الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ، قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ فِى أَثْنَاءِ
ــ
ذلك أْبعَدُ لهم مِن التُّهْمَةِ في الكَذِبِ عليه.
4392 - مسألة: (ومتى رَجَع المُقِرُّ بالحَدِّ عن إقْرارِه، قُبِل منه
،
الْحَدِّ، لَمْ يُتَمَّمْ.
ــ
وإن رَجَع في أثْناءِ الحَدِّ، لم يُتَمَّمْ) وجملةُ ذلك، أنَّ مِن شَرْطِ إِقامَةِ الحَدِّ بالإِقْرارِ البَقاءَ عليه إلى تَمامِ الحَدِّ، فإن رَجَع عن إقْرارِه، كُفَّ عنه. وبهذا قال عَطاءٌ، ويَحيى بنُ يَعْمُرَ، والزُّهْرِىُّ، وحَمَّاد، ومالكٌ، والثَّورِىُّ، وإسْحاقُ، وأبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ. وقال الحسنُ، وسعيدُ ابنُ جُبَيْرٍ، وابنُ أبى لَيْلَى: يُقامُ عليه الحَدُّ ولا يُتْرَكُ، لأن ماعِزًا هَرَب فقَتلُوه. ورُوِىَ أنَّه قال: رُدُّونِى إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فإِنَّ قَوْمِى هم غَرُّونِى مِن نَفْسِى، وأخْبَرُونِى أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم غيرُ قاتِلى. فلم يَنْزِعُوا عنه حتى قَتَلُوه. رَواه أبو داودَ (1). ولو قُبِلَ رُجُوعُه، للَزِمَتْهُم دِيَتُه، ولأنَّه حَقٌّ وَجَب بإقْرارِه، فلم يُقْبَلْ رُجُوعُه، كسائرِ الحُقوقِ. وحُكِىَ عن الأوْزاعِىِّ، أنَّه إن رَجَع حُدَّ للفِرْيَةِ على نَفْسِه، وإن رَجَع عن السَّرِقَةِ والشُّرْبِ، ضُرِب دُونَ الحَدِّ. ولَنا، أنَّ ماعِزًا هَرَب، فذُكِرَ للنبىِّ صلى الله عليه وسلم ،
(1) في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 457، 459.
كما أخرجه البخارى، في باب الرجم بالمصلى، من كتاب الحدود. صحيح البخارى 8/ 206. ومسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1318. والترمذى، في: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 202. والنسائى، في: باب ترك الصلاة على المرجوم، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 50، 51. والدارمى، في: باب الاعتراف بالزنى، من كتاب الحدود. سنن الدارمى 2/ 176. والإمام أحمد في: المسند 3/ 323، 381.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فقال: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (1). قال ابنُ عبدِ البَرِّ (2): ثَبَت مِن حديثِ أبى هُرَيْرَةَ، وجابرٍ، ونُعَيْمِ بنِ هَزَّالٍ، ونَصْرِ بنِ دَهْرٍ (3)، وغيرِهم، أنَّ ماعِزًا لمّا هَرَب، فقال لهم: رُدُّونِى إلى رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ، يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . ففى هذا أوْضَحُ الدَّلائِلِ على أنَّه يُقْبَلُ رُجُوعُه. وعن بُرَيْدَةَ، قال: كنّا أصحابَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَتَحَدَّثُ أنَّ الغامِدِيَّةَ وماعزَ بنَ مالكٍ، لو رَجَعا بعدَ اعْتِرافِهما. أو قال: لو لم يَرْجِعا بعدَ اعْتِرافِهما، لم يَطْلُبْهما، وإنَّما رَجَمَهما عندَ الرّابعةِ. رَواه أبو داودَ (4). ولأَنَّ رُجوعَه شُبْهَةٌ، والحَدُّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ولأَنَّ الإِقْرارَ أحَدُ بَيِّنَتَى الحَدِّ، فيَسْقُطُ بالرُّجوعِ عنه، كالبَيِّنَةِ إذا رَجَعَتْ قبلَ إقامَةِ الحَدِّ، وفارَقَ سائِرَ الحُقوقِ، فإنَّها لا تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. وإنَّما لم يَجِبْ ضَمانُ ماعِزٍ على الذين قَتَلُوه بعدَ هَرَبِه؛ لأنَّه ليس بصَرِيحٍ في الرُّجوعِ.
(1) أخرجه أبو داود، في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 457. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 217. كلاهما من حديث نعيم بن هزال.
(2)
في: التمهيد 12/ 113.
(3)
في النسخ: «داهر» .
وهو نصر بن دهر بن الأخرم بن مالك الأسلمى، حجازى له صحبة، روى قصة ماعز بن مالك، وعنه أبو الهيثم. تهذيب التهذيب 10/ 426.
وحديثه أخرجه النسائى، في: باب إذا اعترف بالزنا ثم رجع عنه، من كتاب الرجم. السنن الكبرى 4/ 291، 292. وابن أبى شيبة، في: المصنف 1/ 77، 78. وابن عبد البر، في: التمهيد 12/ 114.
(4)
في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 460.