الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4360 - مسألة: (وسَواءٌ كان المَقْتُولُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا)
أمّا إذا كان المقْتولُ مُسْلِمًا حُرُّا، فليس فيه خِلافٌ، سواءٌ كان المُدَّعَى عليه مُسْلِمًا أو كافِرًا، فإنَّ الأَصْلَ في القَسامَةِ قِصَّةُ عبدِ اللَّهِ بنِ سَهْلٍ، حينَ قُتِلَ بخَيْبَرَ، فاتهِمَ اليَهودُ بقَتْلِه، فأمَر النبىُّ صلى الله عليه وسلم بالقَسامَةِ. وأمَّا إنْ كان المقْتولُ كافِرًا أو عَبْدًا، وكان قاتلُه ممَّن يجبُ عليه القِصاصُ بقَتْلِه، وهو المُماثِلُ له في حالِه أو دُونَه، ففيه القَسامَةُ. وهذا قولُ الشَّافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى. وقال الزُّهْرِىُّ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والأوْزاعِىُّ: لا قَسامَةَ في العَبْدِ؛ لأنَّه مالٌ، فلم تَجِبِ القَسامَةُ فيه، كالبَهِيمَةِ. ولَنا، أنَّه قَتْلٌ مُوجبٌ للقِصاصِ، فأوْجبَ القَسامَةَ، كقَتْلِ الحُرِّ، بخِلافِ البَهِيمَةِ، فإنَّه لا قِصاصَ فيها. ويُقْسِمُ على العَبْدِ سَيِّدُه؛ لأنَّه المُسْتَحِقُّ لدَمِه، وأُمُّ الوَلَدِ والمُدَبَّرُ والمكاتَبُ والمُعَلَّقُ عِتْقُه بصِفَةٍ، كالقِنِّ؛ لأَنَّ الرِّقَّ ثابتٌ فيهم. فإن كان القاتلُ ممَّن (1) لا قِصاصَ عليه، كالمُسْلمِ يقْتُلُ كافِرًا، والحُرِّ يقْتُلُ عَبْدًا، فلا قَسامَةَ فيه، في ظاهرِ قَوْلِ الخِرَقِىِّ، وهو قولُ مالكٍ؛ لأَنَّ القَسامَةَ إنَّما تكونُ فيما يُوجِبُ القَوَدَ. وقال القاضى: فيهما القَسامَةُ. [وهو قولُ الشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى؛ لأنَّه قتْلُ آدَمِىٍّ يُوجبُ الكفَّارَةَ، فشُرِعَتِ القَسامَةُ فيه](2)، كقَتْلِ الحُرِّ المُسْلمِ، ولأَنَّ ما كان حُجَّةً في قَتْلِ الحرِّ
(1) في الأصل: «من» .
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المسلمِ (1)، كان حُجَّةً في قتْلِ العَبْدِ والكافرِ، كالبَيِّنَةِ. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّه قَتْل لا يُوجِبُ القِصاصَ، فأَشْبَهَ قتلَ البَهِيمَةِ، ولا يَلْزَمُ مِن شَرْعِها فيما يُوجِبُ القِصاصَ، شَرْعُها مع عَدَمِه، بدَليلِ أنَّ العَبْدَ لو اتُّهِمَ بقَتْلِ سَيِّدِه، وجَبَتِ القَسامَةُ إذا كان القتلُ مُوجِبًا للقِصاصِ. ذكَره القاضى؛ لأنَّه لا يجوزُ قَتْلُه قبلَ ذلك، ولو لم يكُنْ مُوجِبًا للقِصاصِ لم تُشْرَعِ القَسامَةُ.
فصل: وإن قُتِلَ عبدُ المُكاتَبِ، فللمكاتَبِ أن يُقْسِمَ على الجانِى؛ لأنَّه مالكُ العَبْدِ، يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فيه وفى بَدَلِه (2)، وليس لسَيِّدِه انْتِزاعُه منه، وله شِراؤُه منه. ولو اشْتَرى المأذونُ له في التِّجارةِ عَبْدًا، فقُتِلَ، فالقَسامَةُ لسَيِّدِه دُونَه؛ لأَنَّ ما اشْتراه الأذونُ يَمْلِكُه سَيِّدُه دُونَه، ولهذا يَمْلِكُ انْتِزاعَه منه. وإن عجزَ المكاتَبُ قبلَ أَنْ يُقْسِمَ، فلسَيِّدِه أن يُقْسِمَ؛ لأنَّه صارَ المُسْتَحِقَّ لبَدَلِ المقْتولِ، بمَنْزِلَةِ وَرَثَةِ الحُرِّ إذا ماتَ قبلَ أن يُقْسِمَ، ولو ملَّكَ السَّيِّدُ عبدَه أو أمَّ ولَدِه عَبْدًا فقُتِلَ، فالقَسامَةُ للسَّيِّدِ، سواءٌ قُلْنا: يَمْلِكُ العبدُ بالتَّمْلِيكِ -أو- لا يَمْلِكُ؛ لأنَّه إن لم يَمْلِكْ، فالمِلْكُ لسَيِّدِه، وإن [مَلَك، فهو مِلْكٌ](3) غيرُ ثابتٍ، ولهذا يَمْلِكُ سَيِّدُه انْتزاعَه منه، ولا يجوزُ له التَّصَرُّفُ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، بخِلافِ المُكاتَبِ. وإن أوْصَى لأمِّ ولَدِه ببَدَلِ العَبْدِ، صَحَّتِ الوَصِيَّةُ، وإن كان لم يَجِبْ بعدُ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «ملكه» .
(3)
في الأصل، تش:«ملكه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كما تَصِحُّ الوصيةُ بثَمَرَةٍ لم تُخْلَقْ. والقَسامَةُ للوَرَثَةِ؛ لأنَّهم القائمون مَقامَ المُوصِى في إثْباتِ حُقوقِه، فإذا حَلَفُوا، ثبَت لها البَدَلُ بالوَصِيَّةِ، فإن لم يَحْلِفُوا لم يكُنْ لها أن تَحْلِفَ، كما (1) إذا امْتَنَع الوَرَثَةُ باليَمِينِ مع الشَّاهدِ، لم يكُنْ للغُرَماءِ أن يَحْلِفُوا معه.
فصل: والمَحْجورُ عليه لسَفَهٍ أو فَلَسٍ، كغيرِ المَحْجورِ عليه، في دَعْوَى القتلِ، والدَّعْوَى عليه، [إلَّا أنَّه](2) إذا أقَرَّ بمالٍ، أو لَزِمَتْه الدِّيَةُ بالنُّكولِ عن اليَمِينِ، لم تَلْزَمْه في حالِ حَجْرِه؛ لأَنَّ إقْرارَه بالمالِ [في الحالِ](3) غيرُ مَقْبولٍ بالنِّسْبَةِ إلى أخْذِ شئٍ مِن مالِه في الحالِ، على ما عُرِفَ في مَوْضِعِه.
فصل: ولو جُرِحَ مُسْلمٌ فارْتَدَّ، ومات على الرِّدَّةِ، فلا قَسامَةَ فيه؛ لأَنَّ نفْسَه غيرُ مَضْمُونةٍ، ولا قَسامَةَ فيما دُونَ النَّفْسِ، ولأَنَّ مالَه يصيرُ فَيْئًا، والفَىْءُ ليس له مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّن فتَئْبُت القَسامَةُ له. وإن مات (4) مُسْلِمًا، فارْتَدَّ وارِثُه قبلَ (5) القَسامَةِ، فقال أبو بكرٍ: ليس له أن يُقْسِمَ، وإن أقْسَمَ لم يَصِحَّ؛ لأَنَّ مِلْكَه يزُولُ عن مالِه وحقُوقِه، فلا يَبْقَى مُسْتَحِقًّا للقَسامَةِ. وهذا قولُ المُزَنِىِّ. ولأَنَّ المُرْتَدَّ قد أقْدَمَ على الكُفْرِ الذى لا
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «لأنه» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «كان» .
(5)
في الأصل: «في» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذَنْبَ أعْظَمُ منه، فلا يَسْتَحِقُّ بيَمِينِه دَمَ مسلمٍ، ولا يَثْبُتُ بها قَتْلٌ. وقال القاضى: الأوْلَى أن تُعْرَضَ عليه القَسامَةُ، فإنْ أقْسَمَ، وجَبَتِ الدِّيَةُ. وهذا قولُ الشافعىِّ؛ لأَنَّ اسْتِحْقاقَ المالِ بالقَسامَةِ حَقٌّ له، فلا يَبْطُلُ برِدَّتِه، كاكْتِسابِ المالِ، يُوجِبُ الاكتِسابَ، وكُفْرُه لا يَمْنَعُ يَمِينَه؛ لأَنَّ الكافِرَ تَصِحُّ يَمِينُه، وتُعْرَضُ عليه في الدَّعاوَى، فإن حَلَفَ، ثبَت القِصاصُ أو الدِّيَةُ، فإن عادَ إلى الإِسْلام، كان له، وإن ماتَ، كان فَيْئًا. والصَّحِيحُ، إن شاءَ اللَّهُ، ما قاله أبو بكَرٍ؛ لأَنَّ مالَ المُرْتَدِّ إمَّا أن يكونَ مِلْكُه قد زالَ عنه، وإمّا مَوْقُوفٌ، وحُقوقُ المالِ حُكْمُها حُكْمُه؛ فإن قُلْنا: يزُولُ (1) مِلْكُه. فلا حَقَّ له. وإن قُلْنا: هو مَوْقوفٌ. فهو قبلَ انْكِشافِ حالِه مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَثْبُتُ الحُكمُ بشئٍ مَشْكوكٍ فيه، كيف وقَتْلُ المُسْلِمِ أمْرٌ كبيرٌ لا يَثْبُتُ مع الشُّبُهاتِ، ولا يُسْتَوْفَى مع الشَّكِّ. فأمَّا إنِ ارْتَدَّ قبلَ مَوْتِ مَوْرُوثِه، لم يكُنْ وارِثًا، ولا حَقَّ له، وتكونُ القَسامَةُ لغيرِه مِن الوُرَّاثِ (2). فإن لم يكُنْ للمَيِّتِ وارِثٌ سِواهُ، فلا قسامةَ فيه؛ لِما ذكَرْنا. فإن عادَ إلى الإِسْلامِ قبلَ قَسامَةِ غيرِه، فقِياسُ المذهبِ أنَّه يَدْخُلُ في القَسامَةِ؛ لأنَّه متى رجَع قبلَ قَسْمِ المِيراثِ، قُسِمَ له. وقال القاضى: لا تَعودُ القَسامَةُ إليه؛ لأنَّها اسْتُحِقَّتْ على غيرِه. وإنِ ارْتَدَّ رَجُل، فقُتِلَ عبْدُه، أو قتِلَ عبدُه ثم ارْتَدَّ، فهل له أن يُقْسِمَ؟
(1) في الأصل: «بزوال» .
(2)
في الأصل: «الوارث» .