الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والْمُحْصَنُ؛ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْعَفِيفُ الَّذِى يُجَامِعُ مِثْلُهُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
4434 - مسألة: (والمُحْصَنُ هو الحُرُّ المُسْلِمُ العاقِلُ العَفِيفُ الذِى يُجامِعُ مِثْلُه. وهَل يُشْتَرَطُ البُلُوغُ؟ على رِوايَتَيْن)
فهذه الخمسةُ شُروط الإِحْصانِ. وبه يقولُ جماعةُ العُلماءِ (1) قَدِيمًا وحدِيثًا، سِوَى ما رُوِى عن داودَ، أنَّه أوْجَبَ الحَدَّ على قاذفِ العَبْدِ (2). وقال ابنُ أبى مُوسى: إذا قَذَف أمَّ ولدِ رجُلٍ، وله منها ولدٌ، حُدَّ. وعن ابنِ المُسَيَّبِ، وابنِ أبى ليلى، قالوا: إذا قَذَف ذِمِّيَّة لها ولدٌ مسلمٌ، يُحَدُّ. وقال ابنُ أبى موسى: إذا قَذَف مسلمٌ ذِمِّيَّةً تحتَ مسلم، أو لها منه ولدٌ، حُدَّ في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إحْدَى الرِّوايَتَيْن. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأَنَّ ما لا يُحَدُّ قاذِفُه إذا لم يَكُنْ له ولدٌ، لا يُحَدُّ وله ولدٌ، كالمجنونةِ. واخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ في اشْتِراطِ البُلوغِ، فرُوِىَ عنه، أنَّه شَرْطٌ. وبه قال الشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى؛ لأنَّه أحَدُ شَرْطَىِ التَّكْلِيفِ، فأشْبَهَ العقلَ، ولأن زِنَى الصَّبِىِّ لا يُوجِبُ عليه الحَدَّ، فلا يجبُ الحَدُّ بالقَذْفِ به، كزِنَى المجْنونِ. والثانيةُ، لا يُشْتَرَطُ؛ لأنَّه حُرٌّ عاقلٌ عفيفٌ يَتَعَيَّرُ بهذا القولِ المُمْكِنِ صِدْقُه، فأشْبَهَ الكبيرَ. وهذا قولُ مالكٍ، وإسحاقَ. فعلى هذه الرِّوايةِ، لا بدَّ أن يكونَ كبيرًا يُجامِعُ مثلُه، وأدْناه أن يكونَ للغلامِ عَشْرٌ، وللجاريةِ تِسْعٌ (1).
(1) في م: «سبع» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ويجبُ بقَذْفِ المُحْصَنِ ثمانونَ جَلْدَةً، إذا كان القاذِفُ حُرًّا، وأربعونَ إن كان عَبْدًا، كما ذَكَرَه. وقد أجمعَ العُلَماءُ على وُجوبِ الحَدِّ على مَن قَذَف مُحْصَنًا، وأن حَدَّه ثمانون إن كان حُرًّا، وقد دَلَّ عليه قولُه تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} . وإن كان القاذِفُ عبدًا، فحدُّه أربعونَ جَلْدَةً، وأجمعوا على وُجوبِ الحَدِّ على العَبْدِ إذا قَذَف مُحْصَنًا؛ لدُخُولِه في عُمومِ الآيةِ، وحَدُّه أربعون، في قولِ أكثرِ العُلَماءِ، فرُوِىَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عامِرِ بنِ رَبِيعَةَ أنَّه قال: أدْرَكْتُ أبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، ومَن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعدَهم مِن الخلفاءِ، فلم أرَهُم يَضْرِبُونَ المَمْلُوكَ إذا قَذَف إلَّا أربعين (1). وروَى خِلاسٌ، أنَّ عليًّا قال في عبدٍ قَذَف حُرًّا: عليه نِصْفُ الحَدِّ (2). وجَلَد أبوْ بكرٍ بنُ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حَزْمٍ عبدًا قَذَف حُرًّا ثمانين (3). وبه قال قَبِيصَةُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، عَمَلًا بعُموم الآيةِ. والصَّحِيحُ الأَوَّلُ؛ للإِجْماعِ المَنْقُولِ عن الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، ولأنَّه حَدٌّ يَتَبَعَّضُ، فكان العبدُ فيه على النِّصْفِ مِن حَد الحُرِّ، كحَدِّ الزِّنَى، وهذا يَخُصُّ عُمومَ الآيةِ، وقد عِيبَ على أبى بكرِ بنِ محمدِ [بنِ عمرِو] (4) بنِ حَزْمٍ جَلْدُه العبدَ ثمانينَ. فقال عبدُ اللَّهِ بنُ عامرِ بنِ ربيعةَ: ما رَأيْتُ (5)
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 437، 438. وابن أبى شيبة، في: باب في العبد يقذف الحر. . .، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 502. والبيهقى، في: باب العبد يقذف حرا، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 251.
(2)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب العبد يفترى على الحر، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 437. وابن أبى شيبة، في: باب في العبد يقذف الحر. . .، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 502. والبيهقى، في: باب العبد يقذف حرا، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 251.
(3)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من قال: يضرب العبد في القذف ثمانين، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 503.
(4)
سقط من: الأصل.
(5)
في الأصل، ر 3:«رأينا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحَدًا جَلَد العبدَ ثمانينَ قبلَه. وقال سعيدٌ: ثَنا عبدُ الرحمنِ بنُ أبى الزِّنادِ (1)، عن أبِيه، قال: حَضَرْتُ عمرَ بنَ عبدِ العزيزِ، جَلَد عبدًا في فِرْيَةٍ ثمانين، فأنْكَرَ ذلك مَن حَضَرَه مِن النَّاسِ، وغيرُهم مِن الفُقَهاءِ، فقال لى عبدُ اللَّهِ بنُ عامرِ بنِ رَبيعةَ: إنِّى رأيتُ واللَّهِ عمرَ بنَ الخَطَّابِ، فما رأيتُ أحدًا جَلَد عبدًا في فِرْيةٍ فوقَ أربعينَ (2). قال الخِرَقِىُّ: ويكونُ بدُونِ السَّوْطِ الذى يُجْلَدُ به الحُرُّ؛ لأنَّه لمَّا خُفِّفَ في عَدَدِه، خُفِّفَ في سَوْطِه، كما أنَّ الحُدودَ في أنفسِها كلَّما قَلَّ منها، كان سَوْطُه أخَفَّ. وظاهرُ ما ذَكَرَه شيخُنا، أنَّه يكونُ بسَوْطِ الحُرِّ،، فَتَساوَوْا في الجَلْدِ ليَتَحَقَّقَ التَّنْصِيفُ (3)؛ لأنَّه إنَّما يَتَحَقَّقُ بذلك.
(1) في الأصل: «زياد» .
(2)
هذا الأثر الذى تقدم تخريجه في أول المسألة.
(3)
في الأصل: «النصف» .