الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ. أَوْ: أَمَةٌ. وَلَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وِإنْ كَانتْ كَذَلِكَ، وَقَالَتْ: أَرَدْتَ قَذْفِى
ــ
صغيرًا حينَ قَذَفْتُكَ. وقال المَقْذُوفُ: كنتُ كبيرًا. فذَكَر القاضى، أنَّ القولَ قولُ القاذِفِ، لأَنَّ الأَصْلَ الصِّغَرُ وبَراءَةُ الذِّمَّةِ مِنِ الحَدِّ. فإن أقامَ كلُّ واحدٍ منهما بَيَنةً بدَعْوَاه، وكانَتَا مُطْلَقَتَيْن، أو مُؤَرَّختَيْن تاريخَيْن مُخْتَلِفَيْن، فهما قَذْفان؛ مُوجَبُ أحَدِهما التَّعْزِيرُ، والآخَر الحَدُّ، وإن بَيَّنَتَا تارِيخًا واحدًا، وقالت إحْدَاهما: وهو صغيرٌ. وقالتِ الأُخْرَى: وهو كبيرٌ. تَعارَضَتَا وسَقَطَتا. وكذلك لو كان تاريخُ بَيِّنَةِ المَقْذُوفِ قبلَ تاريخِ بَيِّنَةِ القاذِفِ.
4437 - مسألة: (وإن قال لحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْتِ وأنتِ نَصْرَانِيَّةٌ. أو: أمَةٌ. ولم تَكُنْ كذلك، فعليه الحَدُّ)
إذا قال: زَنَيْتَ إذْ كنتَ مُشْرِكًا. أو: إذْ كنتَ رَقِيقًا. فقال المَقْذُوفُ: ما كنتُ مُشْرِكًا ولا رَقيقًا؛ [نَظرنا؛ فإن ثَبَتَ أنَّه كان مُشْرِكًا أو رَقِيقًا، فهى كالتى قبلَها. وإن](1) ثبَت أنَّه لم يَكُنْ كذلك، فعليه الحَدُّ؛ لأنَّه يُعْلَمُ كَذِبُه في وَصْفِه بذلك، وإن لم يَثْبُتْ واحدٌ منهما، وَجَب عليه الحَدُّ، في
(1) سقط من: الأصل، تش، ر 3.
في الْحَالِ. فَأَنْكَرَهَا، فَعَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
إحْدَى الرِّوايَتَيْن؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الشِّرْكِ والرِّقِّ، ولأَنَّ الأَصْلَ الحُرِّيَّةُ وإسْلامُ أهلِ دارِ الإِسْلامِ. والثانيةُ، لا يَجِبُ؛ لأَنَّ الأَصْلَ بَراءَةُ ذِمَّتِه. وأمَّا إذا قال: زَنَيْتَ وأنت مُشْرِكٌ. فقال المَقْذُوفُ: أرَدْت قَذْفِى بالزِّنَى والشِّرْكِ معًا. وقال القاذِفُ: بل أرَدْتُ قَذْفَك بالزِّنَى إذ كنتَ مُشْرِكًا. فقال أبو الخَطَّابِ: القولُ قولُ القاذِفِ. وهو قولُ بعض الشافعيةِ؛ لأَنَّ الخِلافَ في نِيَّتِه، وهو أعلمُ بها، وقولُه: وأنت مُشْرِكٌ. مُبْتدأٌ وخَبَرٌ، وهو حالٌ لقولِه: زَنَيْتَ. كقولِه تعالى: {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} (1). وقال القاضى: يجبُ الحَدُّ. وهو قولُ بعضِ الشّافعيةِ؛ لأَنَّ قولَه: زَنَيْتَ. خِطَابٌ في الحالِ، فالظَّاهِرُ أنَّه أرادَ زِنَاه في الحالِ.
(1) سورة الأنبياء 2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهكذا إن قال: زَنَيْتَ وأنتَ عبدٌ. فأمَّا إن قال: [زَنَيْتَ. وقال](1): أردتُ أنَّه زَنَى وهو مُشْرِكٌ. فقال الخِرَقِىُّ: يجبُ عليه الحَدُّ، وكذلك إن كان عبدًا؛ لأنَّه قَذَفَه في حال كَوْنِه حُرًّا مُسلمًا مُحْصَنًا، وذلك يَقْتَضِى وُجُوبَ الحَدِّ عليه؛ لعُمومِ. الآيةِ، ووُجودِ المَعْنى، فإذا ادَّعَى ما يُسْقِطُ الحَدَّ عنه، لم يُقْبَلْ منه، كما لو قَذَف كبيرًا، ثم قال: أرَدْتُ أنَّه زَنَى وهو صغيرٌ. فأمَّا إن قال: زَنَيْتَ في شِرْكِكَ. أو: وأنتَ مُشْرِكٌ. ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا حَدَّ عليه. وهو قولُ الزُّهْرِىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْى. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى. وعن مالكٍ، أنَّه يُحَدُّ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ؛ لأَنَّ القَذْفَ وُجِدَ في حالِ كَوْنِه مُحْصَنًا. ووَجْهُ الأوَّل، أنَّه أضافَ القَذْفَ إلى حالٍ ناقِصَةٍ، أشْبَهَ ما لو قَذَفَه في حالِ الشِّرْكِ، ولأنَّه قَذَفَه بما لا يُوجِبُ الحَدَّ على المَقْذُوفِ، أشْبَهَ ما لو قَذَفَه بالوَطْءِ دُونَ
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفَرْجِ. وهكذا الحُكمُ لو قَذَف مَن كان رَقِيقًا. فإن قال: زَنَيْتَ وأنتَ صَبِىٌّ أو: صغيرٌ. سُئِلَ عن الصِّغَرِ، فإن فَسَّرَه بما لا يُجامِعُ في (1) مثلِه، ففيها الوَجْهان. وإن فَسَّرَه بصِغَرٍ يُجامِعُ في مثلِه، خُرِّجَ على الرِّوايَتَيْن في اشْتِراطِ البُلوغِ للإِحْصانِ.
فصل: وإن قَذَف مَجْهُولًا، وادَّعَى أنَّه رَقِيقٌ أو مُشْرِكٌ. وقال المَقْذُوفُ: بل أنا حُرٌّ مسْلِمٌ. فالقولُ قولُه. وقال أبو بكرٍ: القولُ قولُ القاذِفِ في الرِّقِّ؛ لأَنَّ الأَصْلَ بَراءَةُ ذِمَّتِه مِن الحَدِّ، وهو يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وما ادَّعاه محْتَمِلٌ، فيكونُ شُبْهَةً. وعن الشافعىِّ كالوَجْهَيْن. ولَنا، أنَّ الأَصْلَ الحرِّيَّةُ، وهو الظَّاهِرُ، فلم يُلْتَفَتْ إلى ما خالَفَه، كما لو فَسَّر صَرِيحَ القَذْفِ بما يُحِيلُه.
(1) سقط من: م.