الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ، إلَّا في مَوْضِعَيْنِ، أَحَدُهُمَا، أَنْ يَرَى امْرأَتَهُ تَزْنِى في طُهْرِ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ، فَيَعْتَزِلُهَا، وَتَأْتِى بوَلَدٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الزَّانِى، فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَذْفُهَا وَنَفْىُ وَلَدِهَا.
ــ
وقال: أرَدْتُ أنَّه زَنَى وهو مُشْرِكٌ. لم يُلْتَفَتْ إلى قولِه، وحُدَّ.
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(والقَذْفُ مُحَرَّم) لِما ذَكَرْنا مِن الآيَةِ والخَبَرِ والإِجْماعِ (إلَّا في مَوْضِعَيْن؛ أحدُهما، أن يَرَى امرأتَه تَزْنِى في طُهْو لم يُصِبْها فيه، فيعْتَزِلُها، وتَأتِى بولدٍ يُمْكِنُ أن يكونَ مِن الزَّانِى، فيَجِبُ عليه قَذْفها ونَفْيُه) لأَنَّ ذلك يَجْرِى مَجْرَى اليَقِينِ في أنَّ (1) الولدَ مِن الزَّانِى، لكَوْنِها أتَتْ به لسِتَّةِ أشْهُرٍ مِن حينِ الوَطْءِ، فإذا لم يَنْفِه، لَحِقَه الولدُ، ووَرِثَه، ووَرِثَ أقارِبَه، ووَرِثُوا منه، ونَظَر إلى بَناتِه وأخَواتِه، وليس ذلك بجائز، فيجبُ نَفْيُه لإِزالَةِ ذلك. وقد رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ (1) لَيْسَ مِنْهُمْ،
(1) سقط من: الأصل.
والثَّانِى، أَنْ لَا تَأْتِىَ بِوَلَدٍ يَجب نَفْيُهُ، أَوِ اسْتَفَاضَ زِنَاهَا في النَّاسِ، أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ ثِقَةٌ، وَرَأى رَجُلًا يُغرَفُ بِالْفُجُورِ يَدْخُلُ إِلَيْهَا، فَيُبَاحُ قَذْفُهَا، وَلَا يَجِبُ.
ــ
فلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِى شَئٍ، ولَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ، وفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ». رَواه أبو داودَ (1). وقولُه:«وهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْه» . يَعْنى يَرَاه منه، فكما حَرُمَ على المرأةِ أن تُدْخِلَ على قَوْمٍ مَن ليس منهم، فالرجُلُ مثلُها، وكذا لو أقَرَّت بالزِّنَى، ووَقَع في نَفْسِه صِدْقُها، فهو كما لو رَآها.
(الثانى أن لا تَأْتِىَ بولدٍ يَجِبُ نَفْيُه) مثلَ أن يَرَاها تَزْنِى، ولا تَأْتِىَ بولَدٍ يَلْحَقُه نَسَبُه، أو يكونَ ثَمَّ ولدٌ لكن لا يعلمُ أنَّه مِن الزِّنَى (أو اسْتَفاضَ زِنَاها في الناسِ، أو أخْبَرَه به ثِقَةٌ، ورَاى رجلًا يُعْرَفُ بالفُجُورِ يَدْخُلُ إليها، فيُبَاحُ قَذْفُها) لأنَّه يَغْلِبُ على ظَنِّه فُجورُها (ولا يجبُ) لأنَّه يُمْكِنُه
(1) في: باب التغليظ في الانتفاء، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 525.
كما أخرجه النسائى، في: باب التغليظ في الانتفاء من الولد. المجتبى 6/ 147. وابن ماجه، في: باب من أنكر ولده، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 2/ 916. والدارمى، في: باب من جحد ولده وهو يعرفه، من كتاب النكاح. سنن الدارمى 2/ 153.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُفارَقَتُها. وقد روَى عَلْقمَةُ، [عن عبدِ اللَّه] (1) أنَّ رجُلًا أتَى النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال له: أرأيتَ رجُلًا وَجَد مع امرأتِه رجُلًا فتَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوه، أو قَتَل قَتَلْتُمُوه، أو سَكَتَ سَكَتَ على غَيْظٍ (2). فذَكَرَ أنَّه يَتَكَلَّمُ أو يَسْكُتُ، فلم يُنْكِرْ عليه النبىُّ صلى الله عليه وسلم، والسكوتُ ههُنا أوْلَى إن شاء اللَّه تعالى، لأنَّه أسْتَرُ، ولأَنَّ قَذْفَها يَلْزَمُ منه أن يَحْلِفَ أحَدُهما كاذِبًا، أو يُقِرَّ فيَفْتَضِحَ (3).
فصل: ولا يجوزُ قَذْفُها بخَبَرِ مَن لا يُوثَقُ بخَبَرِه، لأنَّه غيرُ مَأمُونٍ على الكذِبِ عليها، ولا برُؤيته رجلًا خارِجًا مِن عندِها، مِن غيرِ أن يَسْتَفِيضَ زِنَاها؛ لأنَّه يجوزُ أن يكونَ دَخَل سارِقًا، أو هارِبًا، أو لحاجَةٍ،
(1) سقط من: م.
(2)
أخرجه مسلم، في: كتاب اللعان. صحيح مسلم 2/ 1133. وأبو داود، في: باب في اللعان، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود 1/ 522. وابن ماجه، في: باب اللعان، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه 1/ 669. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 421، 422، 448.
(3)
في الأصل: «فيتقبح» .