الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
الْخَامِسُ، انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ؛ فَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا الْوَلَدُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَبُ
ــ
عليه، أو أهْدَى إليه.
فصل: وإذا أحْرَزَ المُضارِبُ مالَ المُضارَبَةِ، أو الوَدِيعَةِ أو العارِيَّةِ، أو المالَ الذى وُكِّلَ فيه، فسَرَقَه أجْنَبِىٌّ، فعليه القَطْعُ، لا نعلمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه يَنُوبُ مَنابَ المالِكِ في حِفْظِ المالِ وإحْرازِه، ويَدُه كيَدِه. وإن غَصَب عَيْنًا وأحْرَزَها، أو سَرَقَها وأحْرَزَها، فسَرَقَها سارِقٌ، فلا قَطْعَ عليه. وقال مالكٌ: عليه القَطْعُ؛ لأنَّه سَرَقَ نِصابًا مِن حِرْزِ مِثْلِه، لا شُبْهَةَ له فيه. وللشافعىِّ قَوْلان، كالمَذْهَبَيْن. وقال أبو حنيفةَ كقَوْلِنا في السَّارِقِ، وكقَوْلِ مالكٍ في الغاصِبِ. ولَنا، أنَّه لم يَسْرِقِ المالَ من مالِكِه، ولا ممَّن يقومُ مَقامَه، فأشْبَهَ ما لو وَجَدَه ضائِعًا فأخَذَه، وفارَقَ السَّارِقَ من المالِكِ أو نائِبِه، فإنَّه أزالَ يَدَه الشَّرْعِيَّةَ، وسَرَق من حِرْزِه.
فصل: فإن غَصَب بيتًا (1)، فأحْرَزَ فيه مالَه، فسَرَقَه منه أجْنَبِىٌّ، فلا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه لا حُكْمَ لحِرْزِه إذ (2) كان مُتَعَدِّيًا به ظالمًا فيه.
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله: (الخامسُ، انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ، فَلا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ من مالِ ابنِه وإن سَفَلَ، ولا الولدُ من مالِ أبِيه وإن عَلا،
(1) في م: «شيئا» .
(2)
في تش، ق، م:«إذا» .
وَالْأُمُّ في هَذَا سَوَاءٌ.
ــ
والأبُ والأُمُّ في ذلك سَواءٌ) وجملةُ ذلك، أنَّ الوالِدَ لا يُقْطَعُ بالسَّرِقَةِ من مال ولدِه وإن سَفَلَ، وسَواءٌ في ذلك الأبُ والأمُّ، والابنُ والبنتُ، والجَدُّ والجَدَّةُ، من قِبَلِ الأبِ والأُمِّ. هذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وقال أبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ (1): القَطْعُ على كلِّ سارِقٍ، بظاهرِ الكِتابِ، إلَّا أن يُجْمِعُوا على شئٍ فيُسْتَثْنَى. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«أنْتَ وَمَالُكَ لأَبيكَ» (2). وقولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَطيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» (3). وفى لفظٍ: «فَكُلُوا مِنْ كَسْبِ أَولَادِكُمْ» . ولا يجوزُ قَطْعُ الإِنْسانِ بأخْذِ (4) ما أَمَرَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم بأخْذِهِ، ولا أخْذِ ما جَعَلَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم مالًا له مُضافًا إليه، ولأَنَّ الحُدودَ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، وأعظمُ الشُّبُهاتِ أخْذُ الإِنْسانِ من مالٍ جَعَلَه الشَّرْعُ له، وأمَرَه بأخْذِه وأكْلِه.
(1) في الإشراف 2/ 302.
(2)
تقدم تخريجه في: 7/ 94.
(3)
تقدم تخريجه في: 17/ 87.
(4)
في ق، م:«بقطع» .