الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإنْ لَمْ يَحْلِفُوا، حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ.
ــ
4366 - مسألة: (فإن لم يَحْلِفِ المُدَّعُون، حَلَف المُدَّعَى عليه خَمْسِين يَمِينًا، وبَرِئَ)
هذا ظاهرُ المذهبِ. وهو الذى ذكَرَه الخِرَقِىُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وبه قال يحيى الأنْصارِىُّ، ورَبيعةُ، وأبو الزِّنادِ، واللَّيْثُ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وحكى أبو الخَطَّابِ (1) رِوايةً أُخْرَى عن أحمدَ، أنَّهم يَحْلِفُونَ، ويُغَرَّمُون الدِّيَةَ؛ لقَضِيَّةِ عمرَ (2)، وخبرِ سليمانَ بنِ يَسارٍ (3). وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْى. ولَنا، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بأيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» (4). أى يَبْرأُونَ منكم. وفى لَفْظٍ قال: «فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا ويَبْرأُونَ مِنْ دَمِهِ» . وقد ثَبَت أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يُغَرِّمِ اليهودَ، وأنَّه أدَّاها مِن عندِه، ولأنَّها أيْمانٌ مَشْروعةٌ في حَقِّ المُدَّعَى عليه، فيَبْرأُ بها، كسائرِ الأيْمانِ، ولأَنَّ ذلك إعْطاءٌ بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فلم يَجُزْ؛ للخَبَرِ، ومُخالفةِ مُقْتَضَى الدَّليلِ، فإنَّ قولَ الإِنْسانِ لا يُقْبَلُ على غيرِه بمُجَرَّدِه، كدَعْوَى المالِ، وسائرِ الحُقوقِ، ولأَنَّ في ذلك جَمْعًا بينَ اليَمِينِ والغُرْمِ، فلم يُشْرَعْ، كغيرِه مِن الحُقوقِ.
فصل: وإذا رُدَّتِ الأيْمانُ على المُدَّعَى عليهم، وكان عَمْدًا، لم تَجُزْ على أكثرَ مِن واحدٍ، فيَحْلِفُ خمسين يَمِينًا، وإن كانت على غيرِ (5)
(1) في الأصل، تش:«طالب» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 128.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 140.
(4)
تقدم تخريجه في 20/ 213، 25/ 278.
(5)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عَمْدٍ، كالخَطأ وشِبْهِ العَمْدِ، فلا قَسامةَ، في ظاهرِ كلامِ الخِرَقِىِّ؛ لأَنَّ القَسامةَ مِن شَرْطِها اللَّوْثُ والعداوةُ، وهى إنَّما تؤثرُ في تَعَمُّدِ القَتْلِ، لا في خَطَئِه، فإنَّ احتِمالَ الخَطأ في العَدُوِّ (1) وغيرِه سواءٌ. وقال غيرُه مِن أصْحابِنا: فيه قَسامةٌ. وهو قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ اللَّوْثَ لا (2) يَخْتَصُّ العَداوَةَ عندَهم. فعلَى هذا، تجوزُ الدَّعْوَى على جماعةٍ، فإذا ادُّعِىَ على جماعةٍ، حَلَف كلُّ واحدٍ منهم خمسين يَمِينًا. وقال بعضُ أصْحابِنا: تُقْسَمُ الأيْمانُ بينَهم بالحِصَصِ، كقَسْمِها بينَ المُدَّعِينَ، إلَّا أنَّها ههُنا تُقْسَمُ بالسَّوِيةِ؛ لأَنَّ المُدَّعَى عليهم مُتَساوُون فيها، فهم كبَنِى المَيِّتِ. وللشافعىِّ قَوْلان كالوَجْهيْن. والحُجَّةُ لهذا القولِ، قولُ النبىِّ صلى الله عليه وسلم:«تُبْرِئُكُم يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا» . وفى لَفْظٍ قال: «فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا، ويَبْرأُونَ مِنْ دَمِهِ» . ولأنَّهم أحَدُ المُتَداعِيَيْن في القَسامةِ، فتُقَسَّطُ (3) الأيْمانُ على عَدَدِهم، كالمُدَّعِينَ. وقال مالكٌ: يَحْلِفُ مِن المُدَّعَى عليهم خَمْسون رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا، فإن لم يَبْلُغُوا خَمْسين رَجُلًا، رُدِّدَتْ على مَن حَلَف منهم حتى تَكْمُلَ خَمسين يَمِينًا، فإن لم يَجِدْ أحدًا يَحْلِفُ إلَّا الذى ادُّعِىَ عليه، حَلَف وحدَه خَمْسين يَمِينًا. ولَنا،
(1) في الأصل: «العداوة» ، وفى تش:«العمد» .
(2)
سقط من: م.
(3)
في الأصل، تش:«فتسقط» .