الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِى، اللَّوْثُ؛ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ، كَنَحْوِ مَا كَانَ بَيْنَ الأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ، وَكَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ الَّتِى يَطْلُبُ بَعْضُهَا
ــ
على وَجْهَينَ، بِناءً على الاخْتِلافِ المُتَقَدِّمَ. فإن عادَ إلى الإِسْلامَ، عادَتِ القَسامَةُ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ بَدَلَ العَبْدِ.
4361 - مسألة: (فَأمَّا الجِراحُ فلا قَسامَةَ فيه)
لا قَسامَةَ فيما دُونَ النَّفْسِ مِن الأطْرافِ والجِرَاحِ. لانَعلمُ فيه خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ. وبه قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والشافعىُّ؛ لأَنَّ القَسامَةَ تثْبُتُ في النَّفْسِ لحُرْمَتِها، فاخْتَصَّتْ بها دونَ الأطْرافِ، كالكَفَّارَةِ، ولأنَّها تثْبُتُ حيثُ كان المَجْنِىُّ عليه لا يُمْكِنُه التَّعْبِيرُ عن نفْسِه، وتَعْيِينُ قاتِلِه، ومَن قُطِعَ طَرَفُه، يُمْكِنُه ذلك. وحُكْمُ الدَّعْوَى فيه حُكْمُ الدَّعْوَى في سائرِ الحُقوقِ؛ البَيِّنَةُ على المُدَّعِى، واليَمِينُ على المُنْكِرِ يَمِينًا واحدةً؛ لأنَّها دَعْوَى لا قَسامَةَ فيها، فلا تُغَلَّظُ بالعَدَدِ، كالدَّعْوَى [في المالِ](1).
(الثانى، اللَّوثُ؛ وهو العَداوَةُ الظَّاهِرَةُ، كنحوِ ما كان بينَ الأنْصارِ وأهلِ خَيْبَرَ، وكما بينَ القبائلِ التى يطْلُبُ بعضُها بعضًا بثَأْرٍ، في ظاهرِ المذهبِ) اخْتَلَفَتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في اللَّوثِ، فرُوِىَ عنه
(1) في الأصل، تش:«بالمال» .
بَعْضًا بِثَأْرٍ، فِى ظَاهِرِ المَذْهَبِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ، كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ، وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ، وَشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ، كَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، ونَحْوِ ذَلِكَ.
ــ
أنَّه العَدَاوَةُ الظَّاهرةُ بينَ المقْتولِ والمُدَّعَى عليه، كَنَحْوِ ما كان بينَ الأنْصارِ ويَهُودِ خيْبَرَ، وما (1) بينَ القبائلِ والأحْياءِ وأهْلِ القُرَى الذين بيْنَهم الدِّماءُ والحُروبُ، وما بينَ البُغَاةِ وأهْلِ العَدْلِ، وما بينَ الشُّرَطَةِ واللُّصُوصِ، وكُلِّ مَن بيْنَه وبينَ المقْتُولِ ضِغْنٌ يَغْلِبُ على الظَّن أنَّه قَتَلَه. نقل مُهَنَّا عن أحمدَ، في مَن وُجِدَ قَتِيلًا في المَسْجدِ الحرامِ، يُنْظَرُ مَن بينَه وبينَه في حياتِه شئٌ -يعنى ضِغْنًا- يُؤْخَذُون به. ولم يَذْكُرِ القاضى في اللَّوْثِ غيرَ العَداوَةِ، إلَّا أنَّه قد قال في الفَريقَيْنِ يقْتَتِلانِ فينْكَشِفُونَ عن قَتِيل: فاللَّوْثُ على الطَّائِفَةِ التى القَتِيلُ مِن غيرِها، سواءٌ كان القِتالُ بالْتِحَامٍ، أو مُراماةٍ بالسِّهامِ، وإن لم تَبْلُغِ السِّهامُ، فاللَّوْثُ على طائِفَةِ القَتِيلِ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا يُشْتَرَطُ مع العَداوَةِ أن لا يكونَ في الموْضِعِ الذى به القَتِيلُ غيرُ العَدُوِّ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ مُهَنَّا التى
(1) في الأصل: «ما كان» ، وفى م:«كما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكَرْناها. وكلامُ الْخِرَقِىِّ يَدُلُّ عليه أيضًا. واشْتَرطَ القاضى أن يُوجَدَ القَتِيلُ في مَوْضِعِ عَدُوٍّ لا يَخْتَلِطُ بهم غيرُهم. وهذا مذْهبُ الشافعىِّ؛ لأَنَّ الأنْصارِىَّ قُتِلَ في خيْبَرَ ولم يكُنْ بها إلَّا اليهودُ، وجميعُهم أعداءٌ. ولأنَّه متى اخْتَلَطَ بهم غيرُهم، احْتمَلَ أن يكونَ القاتِلُ ذلك الغَيْرَ. ثم ناقَضَ قولَه، فقال في قَوْم ازْدَحَمُوا في مَضِيقٍ، فافْتَرَقوا عن قَتِيلٍ، فقال: إن كان في القَوْمِ مَن بيْنَه وبينَه عَداوَةٌ، وأمْكَنَ أن يكونَ هو قَتَلَه؛ لكَوْنِه بقُرْبِه، فهو لَوْثٌ. فجعلَ العَداوَةَ لَوْثًا مِع وُجُودِ غيرِ العَدُوِّ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لم يَسْأَل الأنْصارَ: هل كان بخيْبَرَ غيرُ اليَهودِ أم لا؟ مع أنَّ الظَّاهِرَ وُجودُ غيرِهم فيها؛ لأنَّها كانتْ أمْلاكًا للمسلمين، يقْصِدُونها لأخْذِ غَلَّاتِ أمْلاكِهم منها، وعمارَتِها، والاطِّلاعِ عليها، والامْتِيارِ (1) منها، ويَبْعُدُ أن تكونَ مدينَة على جَادَّةٍ تخْلُو مِن غيرِ أهْلِها. وقولُ الأنْصارِ: ليس لنا بخَيْبَرَ عَدُوٌّ إلَّا يَهُودُ (2). يَدُلُّ على أنَّها قد كان بها غيرُهم ممَّن ليس بعَدُوٍّ، ولأَنَّ اشْتِراكَهم في العَداوَةِ لا يَمْنَعُ مِن وُجودِ اللَّوْثِ في حَقِّ واحدٍ، وتخْصيصِه بالدَّعْوَى مع مُشارَكَةِ غيرِه في احْتِمالِ قَتْلِه، فَلأَنْ لا يَمْنَعَ ذلك وُجودُ مَن يَبْعُدُ منه القَتْلُ أوْلَى. وما ذكَرُوه مِن الاحْتِمالِ لا يَنْفِى اللَّوْثَ، فإنَّ اللَّوْثَ لا يُشْتَرطُ فيه يَقِينُ (3) القَتْلِ مِن المُدَّعَى عليه، فلا يُنافِيه الاحْتِمالُ، ولو تُيُقِّنَ القَتْلُ مِن المُدَّعَى عليه، لَما احْتِيجَ إلى الأيْمانِ،
(1) الامتيار: جلب الطعام.
(2)
هذا اللفظ عند الإمام أحمد، في: المسند 4/ 3.
(3)
في الأصل: «تعيين» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولو اشْتُرِطَ نَفْىُ الاحْتِمالِ، لَما صَحَّتِ الدَّعْوَى على واحدٍ مِن جماعةٍ؛ لاحْتِمالِ أنَّ القاتلَ غيرُه، ولا على الجماعةِ كلِّهم؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن لا يَشْتَرِكَ الجميعُ في قَتْلِه. والرِّوايةُ الثَّانيةُ عن أحمدَ، أنَّ اللَّوْثَ ما يُغَلِّبُ على الظَّنِّ صِدْقَ المُدَّعِى، وذلك مِن وُجُوهٍ؛ أحدُها، العداوةُ المذْكورَةُ. الثانى، أن يتَفَرَّقَ جَماعةٌ عن قتيل، فيكونُ ذلك لَوْثًا في حَقِّ كُلِّ واحدٍ منهم، فإنِ ادَّعَى الوَلِى على واحدٍ فأنْكَرَ كَوْنَه مع الجماعةِ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه. ذكَره القاضى. وهو مذْهبُ الشَّافعىِّ؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ ذلك، إلَّا أن يَثْبُتَ ببَيِّنَةٍ. الثالثُ، أن يَزْدَحِمَ النَّاسُ في مَضِيقٍ، فيوجدَ بينَهم قتيلٌ، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّ هذا ليس بلَوْثٍ، فإنَّه قال في مَن مات في (1) الزِّحامِ يومَ الجُمُعةِ: فَدِيَتُه في بَيْتِ المالِ. وهذا قولُ إسْحاقَ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ؛ فإنَّ سعيدًا رَوَى في «سُنَنِه» (2)، عن إبراهيمَ، قال: قُتِلَ رجل في زِحامِ النَّاسِ بعَرَفَةَ، فجاءَ أهلُه إلى عمرَ، فقال: بَيِّنَتُكم على مَن قتلَه. فقالَ علىٌّ: يا أميرَ المؤمنين، لا يُطَلُّ (3) دَمُ امْرئٍ مسلمٍ، إن عَلِمْتَ قاتلَه، وإلَّا فأعْطِ (4) دِيَتَه مِن بيتِ المالِ. وقال أحمدُ في مَن وُجِدَ مَقْتُولًا في المسجدِ الحرامِ: يُنْظَرُ مَن كان
(1) في ق، م:«من» .
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 63. وهو عند عبد الرزاق عن إبراهيم عن الأسود.
(3)
في الأصل: «تبطل» .
(4)
في الأصل: «فأعطه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بيْنَه وبينَه شئٌ في حياتِه -يَعْنِى عداوةً. فلم يَجْعَلِ الحضورَ لَوْثًا، وإنَّما جعلَ اللَّوْثَ العداوةَ. وقال الحسنُ، والزُّهْرِىُّ، في مَن مات في الزِّحامِ: دِيَتُه على مَن حضَرَ؛ لأَنَّ قتلَه حَصلَ منهم. وقال مالكٌ: دَمُه هَدْرٌ؛ لأنَّه (1) لا يُعْلَمُ له قاتلٌ، ولا وُجِد لَوْثٌ، فيُحْكَمَ بالقَسامَةِ فيه. وقد رُوِى عن عمرَ بنِ عبدِ العزيز، أنَّه كُتِب إليه في رجلٍ وُجِدَ قَتِيلًا، لم يُعْرَفْ قاتِلُه، فكَتَب إليهم: إنَّ مِن القَضايَا قضَايَا لا [يُحْكَمُ فيها](2) إلَّا في الدَّارِ الآخِرَةِ، وهذا منها. الرابعُ، أن يُوجَدَ قَتِيل لا يُوجَدُ بقُرْبِه إلَّا رجلٌ معه سَيْفٌ أو سِكِّينٌ مُلَطَّخٌ بدَمٍ، ولا يُوجَدُ غيرُه ممَّن يَغْلِبُ على الظَّنِّ قتلُه، مثلَ أن يَرَى رجلًا هاربًا يَحْتَمِلُ أنَّه القاتلُ، أو سَبُعًا يَحْتَمِلُ ذلك فيه. الخامسُ، أن تَقْتَتِلَ فِئَتانِ، فيَفْتَرِقُونَ عن قَتِيلٍ مِن إحْداهما، فاللَّوْث على الأُخْرَى. ذكَرَه القاضى. فإن كانوا بحيثُ لا تَصِلُ سِهامُ بعْضِهم بعضًا، فاللَّوْثُ على طائِفَةِ القَتِيلِ. وهذا قولُ الشَّافعىِّ. ورُوِىَ عن أحمدَ أنَّ عَقْلَ القَتيلِ على الذين نازَعُوهم، فيما إذا اقْتَتَلتِ الفِئَتانِ، إلَّا أن يَدَّعُوا
(1) في الأصل: «إلا أنه» .
(2)
في الأصل، تش، ق، ص:«تحكم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
على واحدٍ بعَيْنِه. وهذا قولُ مالكٍ. وقال ابنُ أبى لَيْلَى: عَقْلُه على الفَريقَيْن جميعًا؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أنَّه مات مِن فِعْلِ أصْحابِه، فاسْتَوى الجميعُ فيه. وعن أحمدَ في قوم اقْتَتَلوا، فقُتِلَ بعْضُهم وجُرِحَ بعضُهم: فدِيَةُ المَقْتُولِين على المَجْرُوحِين، يَسْقُطُ منها دِيَةُ الجِراحِ. وإن كان فيهم مَن لا جُرْحَ فيه، فهل عليه مِن الدِّياتِ شئٌ؟ على وَجْهَين، ذكَرَهما ابنُ حامدٍ. السادسُ، أن يَشْهَدَ بالقَتْلِ عَبِيدٌ ونِساءٌ، ففيه عن أحمدَ روايَتانِ؛ إحْداهُما، أنَّه لَوْثٌ؛ لأنَّه يَغْلِبُ على الظَّنِّ صِدْقُ المُدَّعِى، فأَشْبَهَ العَداوَةَ. والثانيةُ، ليس بلَوْثٍ؛ لأنَّها شهادةٌ مَرْدُودةٌ، فلم تكُنْ لَوْثًا، كما لو شَهِدَ به كُفَّارٌ. وإن شَهِد به فُسَّاقٌ أو صِبْيانٌ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، ليس بلَوْثٍ؛ لأنَّه لا يتَعَلَّقُ بشَهادَتِهم حكم، فلا يَثْبُتُ اللَّوْثُ بها، كشَهادَةِ الأطْفالِ والمَجانِينِ. والثانى، يثْبُتُ بها اللَّوْثُ؛ لأنَّها شهادة تُغَلِّبُ على الظَّنِّ صِدْقَ المُدَّعِى، فأَشْبَهَ شهادةَ النِّساءِ والعَبِيدِ، وقولُ الصبْيانِ مُعْتَبَرٌ في الإِذْنِ (1) في دُخولِ الدَّارِ، وقَبولِ الهدِيَّةِ، ونحوِها. وهذا مذهبُ الشَّافعىِّ. ويُعْتَبَرُ أن يَجِئَ الصِّبْيانُ مُتَفَرِّقينَ؛ لئلَّا يتطَرَّقَ إليهم التَّوَاطُؤُ على الكذبِ. فهذه الوُجُوهُ قد ذُكِرَ عن أحمدَ أنَّها لَوْثٌ؛ لأنَّها تُغَلِّبُ على الظَنِّ صِدْقَ المُدَّعِى، أشْبَهَتِ العَداوَةَ. ورُوِىَ أنَّ هذا ليس
(1) في م: «الأدب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بلَوْثٍ، وهو ظاهرُ كلامِه في الذى قُتِلِ في الزِّحامِ؛ لأَنَّ اللَّوْثَ إنَّما يثْبُتُ بالعَداوَةِ بقَضِيَّةِ الأنْصارِىِّ القَتيلِ بخيْبَرَ، ولا يجوزُ القِياسُ عليها؛ لأَنَّ الحُكْمَ ثَبَت بالمَظِنَّةِ، ولا يجوزُ القِياسُ في (1) المَظَانِّ؛ لأَنَّ الحُكمَ إنَّما يتَعَدَّى بتعَدِّى (2) سَبَبِه، والقِياسُ [في المَظَانِّ](3) جمعٌ بمُجَرَّدِ الحِكْمَةِ وغَلَبَةِ الظنُونِ، [والحِكَمُ والظُّنونُ](4) تَختَلِفُ ولا تَأْتَلِفُ، وتَنْخَبِطُ ولا تَنْضَبِطُ، وتخْتَلِفُ باخْتلافِ القرائنِ والأحْوالِ والأشْخاصِ، فلا يُمْكِنُ رَبْطُ الحُكْمِ بها، ولا تَعْدِيَتُه بتَعَدِّيها، ولأنَّه يُعْتَبَرُ في التَّعْدِيَةِ والقِياسِ التَّساوِى بينَ الأَصْلِ والفَرْعِ في (5) المُقْتَضِى، ولا سبيلَ إلى يَقِينِ التَّساوِى بينَ الظَّنَّيْنِ مع كثرةِ الاحْتِمالاتِ وترَدُّدِها. فعلى هذه الرِّوايةِ، حكمُ هذه الصُّوَرِ حكمُ غيرِها ممَّا لا لَوْثَ فيه.
فصل: وإن شَهِدَ رَجُلانِ على رجلٍ أنَّه قَتَل أحدَ هذيْن القتِيلَيْن، لم تثْبُتْ هذه الشَّهادةُ، ولم يكُنْ لَوْثًا عندَ أحدٍ عَلِمْنَا قوْلَه. وإن شَهِدَا أنَّ
(1) في م: «على» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «بالمظان» .
(4)
في الأصل: «والحكم بالظنون» .
(5)
في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذا القَتيلَ قَتَلَه أحدُ هذيْن الرَّجُلَيْن، أو شَهِدَ أحدُهما أنَّ هذا قتلَه، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه أقَرَّ بقَتْلِه، أو شَهِدَ أحدُهما أنَّه قَتَلَه بسَيْفٍ، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَتَلَه بسِكِّينٍ، لم تَكْمُلِ الشَّهادةُ، ولم يكُنْ لَوْثًا. هذا قولُ القاضى واختِيارُه. والمَنْصُوصُ عن أحمدَ، فيما إذا شَهِدَ أحدُهما بقَتْلِه، والآخَرُ بالإِقْرارِ بقَتْلِه، أنَّه يثْبُتُ القتلُ. واختارَ أبو بكرٍ ثُبوتَ القتلِ ههُنا، وفيما إذا شَهِدَ أحدُهما أنَّه قَتلَه بسيفٍ، وشَهِدَ الآخَرُ أنَّه قَتلَه بسِكِّين؛ لأنَّهما اتَّفَقا على القَتْلِ، واخْتلفَا في صِفَتِه. وقال الشافعىُّ: هو لَوْثٌ في هذه الصُّورَةِ، في أحَدِ القَوْلَيْن، وفى الصُّورَتَيْن اللَّتَيْن قبلَها هو لَوْثٌ، لأنَّها شَهادةٌ تُغَلِّبُ على الظَّنِّ صِدْقَ المُدَّعِى، أشْبَهَتْ شَهادةَ النِّساءِ والعَبيدِ. ولَنا، أنَّها شهادةٌ مَرْدُودةٌ؛ للاخْتلافِ فيها، فلم تَكُنْ لَوْثًا، كالصُّورةِ الأُولى.
فصل: وليس مِن شَرْطِ اللَّوْثِ أن يكونَ بالقَتِيلِ أثَرٌ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعىُّ. وعن أحمدَ أنَّه شَرْطٌ. وهذا قولُ حمادٍ، وأبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ، لأنَّه إذا لم يكُنْ به أثَرٌ، احْتَمَلَ أنَّه ماتَ حَتْفَ أنْفِه. [ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يسْألِ الأنْصارَ، هل كان بقَتيِلِهم أثَر أو لا؟ ولأَنَّ القَتْلَ يحْصُلُ بما لا أثرَ له، كغَمِّ الوَجْهِ، والخَنْقِ، وعَصْرِ الخُصْيَتَيْن، وضرْبةِ الفُؤادِ، فأشْبَهَ مَن به أثَرٌ، ومَن به أثَرٌ قد يموتُ حَتْفَ أنْفِه](1)؛ لسَقْطَتِه، أو صَرْعَتِه، أو يقتُلُ نفْسَه. فعلى قولِ مَن اعْتَبَرَ الأثَرَ، إن خَرَج الدَّمُ مِن
(1) سقط من: الأصل.