الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا يَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، لَكِنْ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، فَيُحَمِّلُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَا يَسْهُلُ وَلَا يَشُقُّ.
ــ
تَجبُ على غيرِ الجانِى على سبيلِ المُواساةِ له، فاقْتَضَتِ الحَكْمةُ تَخْفِيفَها عليهم، وقد رُوِى عن عمرَ، وعَلىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، أنَّهما قَضَيَا بالدِّيَةِ على العاقلةِ في ثَلاثِ سِنِينَ (1). ولا مُخالِفَ لهما في عَصْرِهما، فكان إجْماعًا.
4341 - مسألة: (وما يَحْمِلُه كلُّ واحِدٍ مِن العاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، لكنْ يُرْجَعُ فِيهِ إلى اجْتِهادِ الحاكِمِ، فيُحَملُ كلَّ إنْسانٍ مِنْهم ما يَسْهُلُ ولا يَشُقُّ)
وحملةُ ذلك، أنَّه لا خِلافَ بينَ أهلِ العلمِ في أنَّ العاقلةَ لا تُكَلَّفُ مِن العَقْلِ ما يُجْحِفُ بها، ويَشُقُّ عليها؛ لأنَّه لازِمٌ لها (2) مِن غيرِ جِنايَتِها على سبيلِ المُواسَاةِ للقاتلِ، والتَّخْفِيفِ عنه، فلا يُخَفَّف عن الجانِى بما يَثْقُلُ على غيرِه، ويُجْحِفُ به، كالزَّكاةِ، ولأنَّه لو كان الإجْحافُ مَشْروعًا، كان الجاى أحَقَّ به؛ لأنَّه مُوجَبُ جِنايَتِه، وجَزاءُ فِعْلِه، فإذا لم يُشْرَعْ في حَقِّه، ففى حَقِّ غيرِه أوْلَى. واخْتَلفَ أهْلُ العلمِ فيما يَحْمِلُه
(1) تقدم تخريجه في 25/ 313.
(2)
سقط من: الأصل، تش.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجْعَلُ عَلَى الْمُوسِرِ نِصْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعًا. وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ في الأحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
كلُّ واحدٍ منهم؛ فقال أحمدُ: يَحْمِلُونَ على قَدْرِ ما يُطِيقُونَ. فعلى هذا، لا يتَقَدَّرُ شَرْعًا، وإنَّما يُرْجَعُ فيه إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، فيَفْرِضُ على كلِّ واحدٍ قَدْرًا يَسْهُلُ ولا يُؤْذِى. وهذا مذْهَبُ مالكٍ؛ لأَنَّ التَّقْدِيرَ لا يَثْبُت إلَّا بتَوْقِيفٍ، ولا يَثْبُتُ بالرَّأْىِ والتَّحَكُّمِ، ولا نَصَّ في هذه المسألةِ، فوَجَبَ الرُّجُوعُ فيها إلى اجْتِهادِ الحاكمِ، كمَقادِيرِ النَّفَقاتِ. وعن أحمدَ رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَفْرِضُ على المُوسِرِ نِصْفَ مِثْقالٍ؛ لأنَّه أقَلُّ مالٍ (1) يتَقَدَّرُ في الزَّكاةِ، فكان مُعْتَبَرًا بها، ويَجِبُ على المُتَوَسِّطِ رُبْعُ مِثقالٍ؛ لأَنَّ ما دُونَ ذلك تافِهٌ، لكَوْنِ اليَدِ لا تُقْطَعُ فيه، بدليلِ قولِ عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها: لا يُقْطَعُ في الشئِ التَّافِهِ، وما دُونَ رُبْعِ دِينارٍ لا قَطْعَ فيه (2). وهذا اخْتِيارُ
(1) في م: «ما» .
(2)
أخرج ابن أبى شيبة لفظ: لم يكن القطع على عهد النبى صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه. انظر: المصنف 9/ 476، 477. وأخرج النسائى الشطر الثانى بنحوه، في باب ذكر الاختلاف على الزهرى، من كتاب قطع السارق. المجتبى 8/ 71، 72. وعبد الرزاق، في: المصنف 10/ 235. وابن أبى شيبة، في: المصنف 9/ 470.