الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحِرْزُ الْكَفَنِ فِى الْقَبْرِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَلَوْ نَبَشَ قَبْرًا وَأَخَذَ الْكَفَنَ، قُطِعَ.
ــ
والنَّظَرِ، فسُرِقَتْ، فلا غُرْمَ عليه؛ لعَدَمِ تَفْرِيطِه، وعلى السَّارِقِ القَطْعُ؛ لأنَّها مُحْرَزَةٌ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. وظاهِرُ مذهبِ أحمدَ، أنَّه لا قَطعَ عليه أيضًا في هذه الصُّورَةِ؛ لِما تَقَدَّمَ. قال ابنُ المُنْذِرِ: قال أحمدُ: أرجو أن لا قَطْعَ عليه؛ لأنَّه مَأْذُونٌ للنَّاسِ في دُخولِه. ولو اسْتَحْفَظَ رجلٌ آخَرَ مَتاعَه في المسجدِ، فسُرِقَ، فإن كان قد فَرَّطَ في مُراعاتِه ونَظَرِه إليه، فعليه الغُرْمُ إذا كان الْتَزَمَ حِفْظَه، وأجابَه إلى ما سألَه، وإن لم يُجِبْه، لكنْ سَكَت، لم يَلْزَمْه غُرْمٌ؛ لأنَّه ما قَبِلَ الاسْتِيداعَ، ولا قَبَض المَتاعَ، ولا قَطْعَ على السَّارِقِ في المَوْضِعَيْن؛ لأنَّه غيرُ مُحْرَزٍ. وإن حَفِظَ المَتاعَ بنَظَرِه إليه، وقُرْبِه منه، فسُرِقَ، فلا غُرْمَ عليه، وعلى السَّارِقِ القَطْعُ؛ لأنَّه سَرَق من حِرْزٍ. ويُفارِقُ المَتاعَ في الحَمَّامِ، فإنَّ الحِفْظَ فيه (1) غيرُ مُمْكِنٍ؛ لأَنَّ النَّاسَ يَضَعُ بعضُهم ثِيابَه عندَ ثِيابِ بعضٍ، ويَشْتَبِهُ على الحَمَّامِىِّ صاحبُ الثِّيابِ، فلا يُمْكِنُه مَنْعُ أخْذِها (2)؛ لعَدَمِ علْمِه بمالِكِها.
4506 - مسألة: (وحِرْزُ الكَفَنِ في القَبْرِ على المَيِّتِ، فلو نَبَش
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «أحدهما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَبْرًا، وأخَذَ الكَفَنَ، قُطِعَ) رُوِى عن ابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّه قَطَع نَبَّاشًا (1). وبه قال الحسنُ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وقَتادةُ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، وحَمَّادٌ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أبو حنيفةَ، والثَّوْرِىُّ: لا قَطْعَ عليه؛ لأَنَّ القَبْرَ ليس بحِرْزٍ، لأَنَّ الحِرْزَ ما يُوضَعُ فيه المَتاعُ للحِفْظِ، والكَفَنُ لا يُوضَعُ في القَبْرِ لذلك، ولأنَّه ليس بحِرْزٍ لغيرِه، فلا يكونُ حِرْزًا له (2)؛ ولأَنَّ الكَفَنَ لا مالكَ له، لأنَّه (3) لا يَخْلُو إمَّا أن يكونَ مِلْكًا للمَيِّتِ أو لوارِثِه، وليس ملكًا لواحدٍ منهما؛ لأَنَّ الميِّتَ لا يَمْلِكُ شيئًا، ولم يَبْقَ أهلًا للمِلْكِ، والوارِثُ إنَّما يَمْلِكُ ما فَضَل عن حاجةِ المَيِّتِ، ولأنَّه لا يجبُ القَطْعُ إلَّا بمُطالَبَةِ المالكِ أو نائِبه، ولم يُوجَدْ ذلك. ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (4). وهذا سارِقٌ؛ فإنَّ
(1) أخرجه البخارى معلقًا في التاريخ الكبير 4/ 104. وانظر السنن الكبرى، للبيهقى 8/ 270.
(2)
في ق، م:«لغيره» .
(3)
في م: «ولأنه» .
(4)
سورة المائدة 38.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائشةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنها، قالت: سارِقُ أمْواتِنا كسارِقِ أحْيائِنَا (1). وما ذَكَرُوه لا يَصِحُّ، فإنَّ الكَفَنَ يُحْتاجُ إلى تَرْكِه في القَبْرِ دُونَ غيرِه، ويُكْتَفَى به في حِرْزِه، ألا تَرَى أنَّه لا يُتْرَكُ المَيِّتُ في غيرِ القبرِ من غيرِ أن يُحْفَظَ كَفَنُه، ويُتْرَكُ في القَبْرِ ويُنْصَرَفُ عنه. وقولُهم: إنَّه لا مالكَ له. مَمْنُوعٌ، بل هو مَمْلُوكٌ للمَيِّتِ؛ لأنَّه كان مالِكًا له في حَياتِه، ولا يَزُولُ مِلْكُه إلَّا عمَّا لا حاجَةَ به إليه، ووَلِيُّه يقومُ مَقامَه في المُطالَبَةِ، كقيامِ وَلِىِّ الصَّبِىِّ في الطَلَبِ بمالِه. إذا ثَبَت هذا، فلا بُدَّ من إخْراجِ الكَفَنِ من القَبْرِ؛ لأنَّه الحِرْزُ، فإن أخْرَجَه من اللَّحْدِ ووَضَعَه في القَبْرِ، فلا قَطْعَ عليه (2) فيه؛ لأنَّه لم يُخْرِجْه من الحِرْزِ، فأشْبَهَ ما لو نَقَل المَتاعَ في البيتِ من جانبٍ إلى جانبٍ، فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى القَبْرَ بَيْتًا.
(1) لم نجده. وأخرج نحوه من قول إبراهيم النخعى والشعبى عبد الرزاق في المصنف 10/ 214. وابن أبى شيبة. المصنف 10/ 34. والبيهقى في السنن الكبرى 8/ 269. وانظر الإرواء 8/ 74.
(2)
سقط من: الأصل، تش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والكفَنُ الذى يُقْطَعُ بسَرِقَتِه ما كان مشروعًا، فإن كُفِّنَ الرجلُ في أكثرَ من ثلاثِ لفائِفَ، أو المرأةُ في أكثرَ من خمسٍ، فسُرِقَ الزَّائِدُ عن ذلك، أو تُرِكَ في تابُوتٍ، فسُرِقَ التَّابوتُ، أو تَرَك معه طِيبًا مَجْمُوعًا، أو ذَهبًا، أو فِضَّةً، أو جَوْهرًا، لم يُقْطَعْ بأخْذِ شئٍ من ذلك؛ لأنَّه ليس بكَفَنٍ مشروعٍ، فتَرْكُه فيه سَفَهٌ وتَضْييعٌ، فلا يكونُ مُحْرَزًا، ولا يُقْطَعُ سارِقُه.
فصل: وهل يَفْتَقِرُ في قَطْعِ (1) النَّبَّاشِ إلى المُطالَبَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن؛ أحدُهما، يَفْتَقِرُ إلى المُطالَبَةِ، كسائرِ المسروقاتِ. فعلى هذا المُطالِبُ الوارِثُ؛ لأنَّه يقومُ مَقامَ المَيِّتِ في حُقُوقِه، وهذا من حُقوقِه.
(1) سقط من: الأصل.