الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَى، فَلَا حَدَّ فِيهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى، حُدَّ.
ــ
باطِلٍ، قُبِلَ قولُه؛ لأَنَّ عمرَ قَبِلَ قولَ المُدَّعِى الجَهْلَ بتَحْرِيمِ النِّكَاحِ في العِدَّةِ (1)، ولأَنَّ مثلَ هذا يُجْهَلُ كثيرًا، ويَخْفى على غيرِ أهلِ العلمِ.
4416 - مسألة: (أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَى، فَلَا حَدَّ فِيهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إِنْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ فَزَنَى، حُدَّ)
لا يجبُ الحَدُّ على مُكْرَهَةٍ على الزِّنَى في قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ. رُوِى ذلك عن عمرَ، والزُّهْرِىِّ، وقَتادَةَ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ، وأصحابِ الرَّأْى. ولا نعلمُ فيه مُخالفًا؛ لقولِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«عُفِىَ لأُمَّتِى عَنِ الخَطَأ، والنِّسْيَانِ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (2). وعن عبدِ الجَبَّارِ بن وائلٍ، عن أبِيه، أنَّ امرأةً اسْتُكْرِهَت على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَدَرَأَ عنها الحَدَّ. رَواه الأَثْرَمُ (3). قال: وأُتِىَ
(1) انظر ما تقدم تخريجه في 24/ 114.
وانظر ما أخرجه سعيد، في: سننه 1/ 188، 189. وابن أبى شيبة، في: المصنف 10/ 18.
(2)
بعده في الأصل، تش، ر 3، ق، م:«رواه النسائى» .
والحديث تقدم تخريجه في 1/ 276. ولم يعزه إلى النسائى في: نصب الراية 2/ 64 - 66، ولا الإرواء 1/ 123، 124.
(3)
وأخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في المرأة إذا استكرهت على الزنى، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 234. وابن ماجه، في: باب المستكره، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 866. والإمام أحمد في: المسند 4/ 318. وقال الترمذى: وليس إسناده بمتصل. وانظر: الإرواء 7/ 341.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عمرُ بإمَاءٍ مِن إمَاءِ الإِمارةِ، اسْتَكْرَهَهُنَّ غِلْمانٌ مِن غِلْمانِ الإِمارةِ، فضَرَب الغِلْمانَ، ولم يَضْرِب الإِماءَ (1). وروَى سعيدٌ (2)، بإسْنادِه، عن طارقِ بنِ شِهابٍ، قال: أُتِى عمرُ بامرأةٍ قد زَنَتْ، فقالَتْ: إنِّى كُنْتُ نائمةً، فلم أسْتَيْقِظْ إلَّا برجلٍ قد جَثَم علىَّ. فخَلَّى سَبِيلَها، ولم يَضْرِبْها. ولأَنَّ هذه شُبْهَةٌ، والحُدودُ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ. ولا فَرْقَ بينَ الإِكْراهِ بالإِلْجاءِ، وهو أَنْ يَغْلِبَها على نفسِها، وبينَ الإِكْراهِ بالتَّهْدِيدِ بالقَتْلِ ونحوِه. نَصَّ عليه أحمدُ، في راعٍ جاءَتْه امرأةٌ، قد عَطِشَتْ، فسألَتْه أن يَسْقِيَها، فقال لها: أمْكنِينى مِن نَفْسِكِ. قال: هذه مُضْطَرَّةٌ. وقد رُوِى عن عمرَ بنِ الخَطَّاب، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ امرأةً اسْتَسْقَتْ راعِيًا، فأَبَى أَنْ يَسْقِيهَا إلَّا أن تُمَكِّنِه مِن نَفْسِها، ففعَلَتْ، فرُفِعَ ذلك إلى عمرَ، فقال لعلىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: ما تَرَى فيها؟ قال (3): إنَّها مُضْطَرَّةٌ. فأعْطاهَا عمرُ شيئًا، وتَرَكَها (4).
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب في المستكرهة، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 550. وانظر ما أخرجه الإمام مالك، في: باب جامع ما جاء في حد الزنى، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 827. والبيهقى، في: باب من زفى بامرأة مستكرهة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 236.
(2)
وأخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 409. وابن أبى شيبة، في: المصنف 9/ 567. والبيهقى، في السنن الكبرى 8/ 235، 236. وصححه في الإرواء 7/ 340.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 407. وسعيد بن منصور، في: باب المرأة تلد لستة أشهر، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 69. والبيهقى، في: باب من زنى بامرأة مستكرهة، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 236.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإن أُكْرِهَ الرجل فزَنَى، فقال أصحابُنا: عليه الحَدُّ. وبه قال محمدُ ابنُ الحسنِ، وأبو ثَوْرٍ؛ لأَنَّ الوَطْءَ لا يكونُ إلَّا بالانْتِشارِ، والإِكْراهُ يُنافِيه، فإذا وُجِدَ الانْتِشَارُ انْتَفَى الإِكْراهُ، فيَلْزَمُه الحَدُّ، كما لو أُكْرِهَ على غيرِ الزِّنَى فَزَنى. وقال أبو حنيفةَ: إن أَكْرَهَه السُّلْطانُ، فلا حَدَّ عليه، وإن أكْرَهَه غيرُه، حُدَّ اسْتِحْسانًا. وقال الشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ: لا حَدَّ عليه؛ لعُمُومِ الخَبَرِ، ولأَنَّ الحُدُودَ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، والإِكْراهُ شُبْهَةٌ، فيَمْنَعُ الحَدَّ، كما لو كانتِ امرأةً. يُحَقِّقُه أنَّ الإِكْراهِ إذا كان بالتَّخْوِيفِ، أو بمنعِ ما تَفُوتُ حَياتُه بمَنْعِه، كان الرجلُ فيه كالمرأةِ، فإذا لم يجبْ عليها الحَدُّ، لم يجبْ علية. وقولُهم: إنَّ التَّخْوِيفَ يُنافِى الانْتِشارَ. لا يَصحُّ؛ لأَنَّ التَّخْوِيفَ بتَرْكِ الفعلِ، والفعلُ لا يُخافُ (1) منه، فلا يَمْنَعُ ذلك. وهذا أصَحُّ الأقْوالِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى.
(1) في الأصل: «يجاب» .