الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا، فَزَالَ إِحْصَانُهُ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ، لَمْ يَسْقُطِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ.
ــ
4438 - مسألة: (ومَن قَذَفَ مُحْصَنًا، فزالَ إحْصانُه قبلَ إقامَةِ الحَدِّ)
عليه (لم يَسْقُطِ الحَدُّ عن القاذِفِ) وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، والمُزَنِىُّ، وداودُ. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشافعىُّ: لا حَدَّ عليه؛ لأَنَّ الشُّرُوطَ تجبُ اسْتِدَامَتُها إلى حالِ إقامةِ الحَدِّ، بدَليلِ أنَّه لو ارْتَدَّ أو جُنَّ، لم يُقَمِ الحَدُّ، ولأَنَّ وُجُودَ الزِّنَى يُقَوِّى قولَ القاذِفِ، ويَدُلُّ على تَقَدُّمِ الفِسْقِ منه، فأشْبَهَ الشَّهادَةَ إذا طَرَا الفِسْقُ بعدَ أدَائِها قبلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحُكْمِ بها. ولَنا، أنَّ الحَدَّ قد وَجَب وتَمَّ بشُروطِه، فلم يَسْقُطْ بزَوالِ شَرْطِ الوُجوبِ، كما لو زَنَى بأمَةٍ ثم اشْتَرَاها، أو سَرَق عَيْنًا، فنَقَصَتْ قِيمَتُها أو مَلَكَها، أو كما لو جُنَّ المَقْذُوفُ بعدَ المُطالَبَةِ. وقولُهم: إنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ اسْتِدَامَتُها. قُلْنا: الشُّروطُ ههُنا للوُجُوبِ، فيُعْتَبَرُ وُجُودُها إلى حينِ الوُجوبِ، وقد وَجَب الحَدُّ، بدَليلِ أنَّه مَلَك المُطالبَةَ به، وتَبْطُلُ الأصُولُ التى ذَكَرُوها بالأُصُولِ التى قِسْنا عليها. وأمَّا إذا جُنَّ مَن وَجَب له الحَدُّ، فلا يَسْقُطُ الحَدُّ، وإنَّما يَتَأخرُ اسْتِيفاؤه، لتَعَذُّرِ المُطالَبَةِ به، فأشْبَهَ ما لو غابَ مَن له الحَدُّ. فإنِ ارْتَدَّ مَن وَجَب له الحَدُّ، لم يَمْلِكِ المُطالَبَةَ؛ لأَنَّ حُقُوقَه وأمْلاكَه تَزُولُ أو تكونُ مَوْقُوفَةً. وفارَقَ الشَّهادَةَ، فإنَّ العَدالَةَ شَرْطٌ للحُكْمِ بها، فيُعْتَبَرُ وُجُودُها إلى حينِ الحُكْمِ بها، بخلافِ مَسْألَتِنا، فإنَّ العِفَّةَ شَرْط للوُجُوبِ، فلا تُعْتَبَرُ إلَّا إلى حينِ الوُجُوبِ.
فصل: ولو وَجَب الحَدُّ على ذِمِّىٍّ، أو مُرْتَدٍّ، فلَحِقَ بدارِ الحربِ، ثم عادَ، لم يَسْقُطْ عنه. وقال أبو حنيفةَ: يَسْقُطُ. ولَنا، أنَّه حَدٌّ وَجَب، فلم يَسْقُطْ بدُخُولِ دارِ الحربِ، كما لو كان مُسْلِمًا دَخَل بأمانٍ.
فصل: ويُحَدُّ مَن قَذف ابنَ المُلاعِنَةِ. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ ابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، والحسنِ، والشَّعْبِىِّ، [والنَّخَعِىِّ](1)،
(1) سقط من: تش، ر 3، ق، ص، م. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وطاوُسٍ، ومُجاهِدٍ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وجُمْهورِ العُلَماءِ. ولا نَعلمُ فيه خِلافًا. وقد روَى [ابنُ عباسٍ](1) أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى في المُلاعِنَةِ، أن لا (2) تُرْمَى، ولا يُرْمَى وَلَدُها، ومَن رَمَاها أو رَمَى وَلَدَها، فعليه الحَدُّ. رَواه أبو داودَ (3). ولأَنَّ حَصانَتَها (4) لمِ تَسْقُصْا باللِّعانِ، ولا يَثْبُتُ الزِّنَى به، ولذلك لم يَلْزَمْها به حَدٌّ. ومَن قَذف ابنَ المُلاعِنَةِ، فقال: هو ولدُ زِنًى. فعليه الحَدُّ، للخَبَرِ والمَعْنَى، وكذلك إن قال: هو مِن الذى رُمِيَتْ به. فأمَّا إن قال: ليس هو ابنَ فُلانٍ. يعنى المُلاعِنَ، وأرادَ أنَّه مَنْفِىٌّ عنه شَرْعًا، فلا حَدَّ عليه؛ لأنَّه صادِقٌ.
فصل: فأمَّا إن ثَبَت زنَاه ببَيِّنَةٍ أو إقْرارٍ، أو حُدَّ للزِّنَى، فلا حَدَّ على قاذِفِه؛ لأنَّه صادِدق، ولأنّ إحْصانَ المَقْذُوفِ قد زالَ بالزِّنَى. ولو قال لمَن زَنَى في شِرْكِه، أو مَن كان مَجُوسِيًّا تَزَوَّجَ بذاتِ مَحْرَمٍ بعدَ أن أسْلَمَ: يا زَانِى. فلا حَدَّ عليه إذا فَسَّرَه بذلك. وقال مالكٌ: عليه الحَدُّ؛ لأنَّه قَذَف مُسْلِمًا لم يَثْبُتْ زِنَاه في إسْلامِه. ولَنا، أنَّه قَذَف مَن ثَبَت زِنَاه، أشْبَهَ ما لو ثَبَت زِنَاه في الإِسْلام، ولأنَّه صادِق. ومُقْتَضَى كلام الخِرَقِىِّ، وُجوبُ الحَدِّ عليه؛ لقَولِه: ومَن قَذَف مَن كان مُشْرِكًا،
= وأخرجه عنه عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 122. وسعيد بن منصور، في: سننه 1/ 361.
(1)
سقط من: م.
(2)
سقط من: م.
(3)
تقدم تخريجه في 23/ 370.
(4)
في الأصل، تش، ر 3، ص، م:«حضانتها» . والمثبت كما في ق، وهو موافق لما في المغنى 12/ 401.