الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنِ الْتَحَمَتِ الْجَائِفَةُ فَفَتَحَهَا آخَرُ، فَهِىَ جَائِفَةٌ أُخْرَى.
ــ
فصل: وإْن أدْخَلَ السِّكِّينَ في الجائفةِ ثم أخْرَجَها، عُزِّرَ، ولا شئَ عليه. وإن خاطَها، فجاءَ آخرُ فقَطَعَ الخَيْطَ، وأدْخَلَ السِّكِّينَ فيها قبلَ أن تَلْتَحِمَ، عُزِّرَ أشَدَّ مِن التَّعْزِيرِ الذى قبلَه، وغرِم ثمنَ الخُيوطِ وأُجْرَةَ الخَيَّاطِ، ولم يَلْزَمْه أَرْشُ جائفةٍ؛ لأنَّه لم يُجِفْهُ.
4324 - مسألة: (وإنِ الْتَحَمَتِ الجَائِفَةُ فَفَتَحَها آخرُ، فهى جائِفَةٌ أُخْرَى)
عليه أرْشُهَا؛ لأنَّه عادَ إلى الصِّحَّةِ، فصار كالذى لم يُجْرَحْ. وإنِ الْتَحَمَ بعضُها دونَ بعضٍ، ففَتَقَ ما الْتَحَمَ، فعليه أَرْشُ جائفةٍ؛ لِما ذكَرْنا (1). وإن فتَق غيرَ ما الْتَحَمَ، فليس عليه أرْيقُ الجائفةِ، وحُكْمُه حُكْمُ مَن فعلَ مثلَ فِعْلِه قبلَ أن يَلْتَحِمَ منها شئٌ. وإن فتَق بعضَ ما الْتَحَم في الظَّاهرِ دونَ الباطنِ، أو الباطنِ دونَ الظاهرِ، فعليه حُكومَةٌ، كما لو وَسَّعَ جُرْحَه كذلك.
فصل: ومِن وَطِئَ زَوْجَتَه وهى صغيرَةٌ، فَقتَقَها، لَزِمَه ثُلُثُ الدِّيَةِ. ومَعْنى الفَتْقِ خرْقُ ما بينَ مَسْلَكِ البَوْلِ والمَنِىِّ. وقيل: بل مَعْناه خَرْقُ
(1) في حاشية ق: «وحكى في الكافى عن القاضى أنه ليس عليه إلا حكومة» . وانظر الكافى 4/ 92.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما بينَ القُبُلِ والدُّبُرِ. إلَّا أنَّ هذا بعيدٌ، لأنَّه يَبْعُدُ أن يَذْهَبَ بالوَطْءِ ما بينَهما مِن الحاجزِ، فإنَّه حاجِز غليظٌ قوِىٌّ. والكلامُ في ذلك في أمْرَيْن؛ أحدُهما، في أصْلِ وجُوبِ الضَّمانِ. والثانى، في قَدْرِه:
أمَّا الأَوَّلُ: فإنَّ الضَّمانَ إنَّما يَجِبُ بوَطْءِ الصغيرةِ أو النَّحيفةِ التى لا تَحْتَمِلُ (1) الوَطْءَ، دُونَ الكبيرةِ المُحْتَمِلَةِ له (2). وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: يجبُ الضَّمانُ في الجميعِ؛ لأنَّه جنايةٌ، فيجبُ الضَّمانُ به، كما لو كان في أجْنَبِيَّةٍ. ولنا، أنَّه وَطْءٌ مُسْتَحَق، فلم يَجبْ ضَمانُ ما تَلِفَ به، كالبَكارةِ (3)، ولأنَّه فِعْل مأْذونٌ فيه ممَّن يَصِحُّ إذْنُه، فلم يُضْمَنْ ما تَلِفَ بسِرايَتِه، كما لو أذِنت في مُداواتِها بما يُفْضِى إلى ذلك،
(1) في تش، م:«تحمل» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في ق: «كأرش البكارة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكقَطْعِ السَّارقِ، واسْتِيفاء القِصاصِ، وعَكْسُه الصغيرةُ والمُكْرَهَةُ على الزِّنَى. إذا ثبتَ هذا، فإنَّه يَلْزَمُه المَهْرُ المُسَمَّى في النِّكاحِ، مع أَرْشِ الجِنايةِ، ويكونُ أَرْشُ الجِنايةِ في مالِه، إن كان عَمْدًا مَحْضًا، وهو أن يَعْلَمَ أنَّها لا تُطيقُه، وأنَّ وَطْأَه يُفْضِيها، فأمَّا إنْ عَلِمَ ذلك، وكان مما يَحْتَمِلُ أن لا يُفْضِىَ إليه، فهو عمْدُ الخَطَأ، فيكونُ على عاقلتِه، إلّا على قولِ مَن قال: إنَّ العاقِلةَ لا تَحْمِل عَمْدَ الخَطَأ، فيكونُ في مالِه.
الثانى: في قَدْرِ الواجبِ، وهو ثُلُثُ الدِّيَةِ. وبه قال قَتادةُ، وأبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: تَجِبُ الدِّيَةُ كاملةً. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبدٍ العزيزِ؛ لأنَّه أتْلَفَ منْفَعةَ الوَطْءِ، فلَزِمَتْه الدِّيَةُ، كما لو قطَع إسْكَتَيْها. ولَنا، ما رُوِى عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قَضَى في الإِفْضاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بثُلُثِ الدِّيَةِ (1). [ولم نَعْرِفْ له في الصَّحابةِ مُخالِفًا. ولأَنَّ هذه جِنايةٌ تَخْرِقُ الحاجِزَ بينَ مَسْلَكِ البَوْلِ والذَّكَرِ، فكانَ مُوجَبُها ثُلُثَ الدِّيَةِ](2)، كالجائفةِ، ولا نُسَلِّمُ أنَّها تَمْنَعُ الوَطْءَ، وأمَّا قَطْعُ الإِسْكَتَيْنِ، فإنَّما أوْجَبَ الدِّيَةَ؛ لأنَّه قطْعُ عُضْوَيْنِ فيهما نَفْعٌ وجَمالٌ، فأشْبَهَ قَطْعَ (3) الشَّفَتَيْنِ.
فصل: فإنِ اسْتَطْلَقَ بَوْلُها مع ذلك، لَزِمَتْه دِيَةٌ مِن غيرِ زِيادةٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: تجبُ دِيَةٌ وحُكومَةٌ؛ لأنَّه فَوَّتَ مَنْفعَتَيْنِ، فلزِمَه أرْشُهُما، كما لو فَوَّتَ كلامَه وذَوْقَه. ولَنا، أنَّه إتْلافُ عُضْوٍ واحدٍ لم يَفُتْ غيرُ مَنافِعِه، فلم يَضْمَنْه بأكثرَ مِن دِيَةٍ واحدةٍ، كما لو قطَع لِسانَه فذهبَ ذَوْقُه وكلامُه. وما قالَه لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لو أوْجبَ دِيَةَ المَنْفَعَتَيْنِ، لأوْجبَ دِيَتَيْنِ؛ لأَنَّ اسْتِطْلاقَ البَوْلِ مُوجِبٌ لدِيَةٍ، والإِفْضاءَ عندَه مُوجِبٌ للدِّيَةِ مُنْفَرِدًا، ولم يَقُلْ به، وإنَّما أوْجبَ الحُكومةَ، ولم يُوجَدْ مُقْتَضِيها، فإنَّا لا نَعلمُ أحدًا أوْجبَ في الإِفْضاءِ حُكومةً.
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الإفضاء، من كتاب العقول. المصنف 9/ 377، 378. وابن أبى شيبة، في: باب الرجل يستكره المرأة فيفضيها، من كتاب الديات. المصنف 9/ 411. وضعفه في: الإرواء 7/ 331.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنِ انْدمَلَ الحاجزُ وانْسَدَّ، وزالَ الإِفْضاءُ، لم يجبْ ثُلُثُ الدِّيَةِ، ووَجبتْ حُكومةٌ، لجَبْرِ ما حصَل مِن النَّقْصِ.
فصل: وإن أكْرَه امرأةً على الزِّنَى فأفْضاها، لَزِمَه ثُلُثُ دِيَتها ومَهْرُ مِثْلِها؛ لأنَّه حصَل بوَطْءٍ غيرِ مُسْتَحَقٍّ، ولا مَأْذونٍ فيه، فلَزِمَه ضَمانُ ما تَلِفَ به، كسائرِ الجِناياتِ. وهل يَلْزَمُه أَرْشُ البَكارةِ مع ذلك؟ فيه رِوَايتان؛ إحداهما، لا يَلْزَمُه؛ لأَنَّ أَرْشَ البَكارةِ داخِلٌ في مَهْرِ المِثْلِ، فإنَّ مَهْرَ البكْرِ أكثرُ مِن مَهْرِ الثَّيِّبِ، فالتَّفاوُت بينَهما هو عِوَضُ أَرشِ البَكارةِ، فلم يَضْمَنْه مَرَّتَيْنِ، كما في حَقِّ الزَّوْجَةِ. والثانيةُ، يَضْمَنُهُ؛ لأنَّه مَحَلٌّ أتْلَفَه بعُدْوانِه، فلَزِمَه أَرْشُه، كما لو أتْلَفَه بإصْبَعِه. فأمَّا المُطاوِعةُ على الزِّنَى إذا كانت كبيرةً ففتَقَها، فلا ضَمانَ عليه في فَتْقِها. وقال الشافعىُّ: يَضْمَنُ؛ لأَنَّ المأْذونَ فيه الوَطْءُ دُونَ الفَتْقِ، فأشْبَهَ ما لو قطَع يدَها. ولَنا، أنَّه ضَرَرٌ حصَل مِن فِعْلٍ مأْذُونٍ فيه، فلم يضْمَنْه، كأَرْشِ بَكارَتِها ومَهْرِ مِثْلِها، وكما لو أذِنَتْ في قَطْعِ يدِها، فسَرَى القَطْعُ إلى نفْسِها. وفارَقَ ما إذا أذِنَتْ في وَطْئِها فقَطَعَ يدَها؛ لأَنَّ ذلك ليس مِن المأْذونِ فيه، ولا مِن ضَرورَتِه.
فصل: وإن وَطِئَ امرأةً بشُبْهَةٍ، فأفضَاها، فعليه أَرْشُ إفْضائِها مع مَهْرِ مِثْلِها؛ لأَنَّ الفِعْلَ إنَّما أُذِنَ فيه اعْتِقادًا أنَّ المُسْتَوْفِىَ له هو المُسْتَحِقُّ، فإذا كان (1) غيرَه، ثبَت في حَقِّه وُجوبُ الضَّمانِ لِما أتْلَفَ، كما لو أذِنَ
(1) سقط من: الأصل.