الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ وَلَدٌ مِنَ امْرأتِهِ فَقَالَ: مَا وَطِئْتُهَا. لَمْ يَثْبُتْ إِحْصَانُهُ.
ــ
4401 - مسألة: (وإن كان لرجلٍ وَلَدٌ مِن امرأتِه فقال: مَا وَطِئتُها. لم يَثْبُتْ إحْصَانُه)
ولا يُرْجَمُ إذا زَنَى. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يُرْجَمُ؛ لأَنَّ الوَلَدَ لا يكونُ إلَّا مِن وَطْءٍ. فقد حَكَم بالوَطْءِ ضَرُورةَ الحُكْمِ بالوَلَدِ. ولَنا، أنَّ الوَلدَ يُلْحَقُ بإمْكانِ الوَطْءِ واحْتِمالِه، والإِحْصانُ لا يَثْبُتُ إلَّا بحَقِيقَةِ الوَطْءِ (1)، فلا يَلْزَمُ مِن ثُبُوتِ ما يُكْتَفَى فيه بالإِمْكانِ وُجُودُ ما تُعْتَبَرُ فيه الحَقِيقةُ. وهو أحقُّ الناسِ بهذا، فإنه قال: لو تَزَوَّجَ امرأةً بحَضرَةِ الحاكمِ في مجلِسِه، ثم طَلَّقَها فيه، فأتَتْ بوَلَدٍ، لَحِقَه. مع العلمِ بأنَّه لم يَطَأها في الزَّوْجيَّةِ، فكيفَ يُحْكَمُ بحَقِيقةِ الوَطْءِ مع تحَقُّقِ انْتِفائِه! وهكذا لو كان لامرأَةٍ وَلَدٌ من زَوْجٍ، فأنْكَرَتْ أن يكون وَطِئها، لم يَثْبُتْ إحْصانُها لذلك.
فصل: ولو شَهِدَتْ بَيِّنةُ الإِحْصانِ أنَّه دَخَل بزَوْجَتِه، فقال أصحابُنا: يَثْبتُ الإِحْصانُ به؛ لأَنَّ المَفْهومَ مِن لفظِ الدُّخُولِ كالمَفْهومِ من لَفْظِ المُجامَعَةِ. وقال محمد بنُ الحسنِ: لا يُكْتَفَى به حتى [تقولَ: جامَعَها. أو: باضَعَها](2). أو نحوَها؛ لأَنَّ الدُّخولَ يُطْلَقُ على الخَلْوَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها، ولهذا تثْبُتُ بها أحكامُه. قال شيخُنا (1): وهذا أصَحُّ القَوْلَيْن، إن شاء اللَّه تعالى. أمَّا إذا قالت: جامَعَها. أو: باضَعَها. أو نحوَه. فلا نعلمُ خِلافًا في ثُبُوتِ الإِحْصانِ، وكذلك يَنْبَغِى إذا قالتْ: وَطِئَها. وإن قالتْ: باشَرَها. أو: مَسَّها. أو: أصابَها. أو: أتاها. فيَنْبَغِى أن لا يَثْبُتَ به الإِحْصانُ؛ لأَنَّ هذا يُسْتَعْمَلُ فيما دُونَ الجماعِ في الفَرْجِ كثيرًا، فلا يَثْبُتُ به الإِحْصانُ الذى يَنْدَرِئُ بالاحْتِمالِ.
فصل: وإذا جُلِدَ الزَّانِى على أنَّه بكْرٌ، ثم بان مُحْصَنًا، رُجِمَ؛ لِما رَوَى جابرٌ، أنَّ رجلًا زَنَى بامرأةٍ، فأمَرَ به رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فجُلِدَ الحَدَّ، ثُمَّ أُخْبِرَ أنَّه مُحْصَنٌ، فرُجِمَ. رَواه أبو داودَ (2). ولأنَّه إن وَجَب الجمعُ بينَهما، فقد أتَى ببعضِ الواجبِ، فيجبُ إتْمامُه، وإن لم يجبِ الجمعُ بينَهما، تَبَيَّنَ أنَّه لم يَأْتِ بالحدِّ الواجِبِ.
فصل: وإذا رُجِمَ الزَّانِيان، غُسِّلا، وصُلِّى عليهما، ودُفِنا إذا كانا مسلمَيْن. أمَّا غَسْلُهما ودَفْنُهما، فلا خِلافَ فيه بين أهلِ العلمِ، وأكثرُ أهلِ العلمِ يَرَوْنَ الصلاةَ عليهما. قال الإِمامُ أحمدُ: سُئِلَ علىٌّ عن شُراحَةَ، وكانَ رَجَمَها، فقال: اصْنَعُوا بها ما تَصْنَعُونَ بمَوْتاكم. وصلَّى علىٌّ
(1) في: المغنى 12/ 320.
(2)
في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 461.
كما أخرجه البيهقى، في: باب من جلد في الزنى ثم علم بإحصانه، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 217.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليها (1). وقال مالكٌ: مَن قَتَله الإِمامُ في حَدٍّ، فلا يُصَلَّى عليه؛ لأَنَّ جابِرًا قال في حديثِ ماعِز: فرُجِمَ حتى ماتَ، فقال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم خيرًا، ولم يُصَلِّ عليه. مُتَّفَقٌ عليه (2). ووَجْهُ الأَوَّلِ ما رَوَى أبو داودَ (3)، بإسْنادِه، عن عِمْرانَ بنِ الحُصَيْنِ، في حديثِ الجُهَنِيَّةِ: فأمرَ بها النبىُّ صلى الله عليه وسلم فرُجِمَتْ، ثم أمَرَهم فصَلَّوا عليها، فقال عمَرُ: يا رسولَ اللَّهِ تُصَلِّى عليها وقد زَنَتْ؟ فقال: «والَّذِى نَفْسِى بيَدِه، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً، لَوْ قُسِمَت بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أهلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وهَلْ وَجَدْتَ أفْضَلَ مِن أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا؟» . ورَواه التِّرْمِذِىُّ، وفيه: فرُجمَتْ، وصَلَّى عليها. وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (3). وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» (4). ولأنَّه مسلم لو فاتَ قبلَ الحَدِّ صُلِّىَ عليه، فيُصَلَّى عليه
(1) أخرجه عبد الرزاق، في: باب الرجم والإحصان، من كتاب الطلاق. المصنف 7/ 328. وابن أبى شيبة، في: باب المرجومة تغسل أم لا، من كتاب الجنائز. المصنف 3/ 254. والبيهقى، في: باب من اعتبر حضور الإمام. . .، من كتاب الحدود. السنن الكبرى 8/ 220.
(2)
أخرجه البخارى، في: باب الرجم بالمصلى، من كتاب الحدود. صحيح البخارى 8/ 206. ومسلم، في: باب من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1318.
كما أخرجه أبو داود، في: باب رجم ماعز بن مالك، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 459. والترمذى، في: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذى 6/ 202. والنسائى، في: باب ترك الصلاة على المرجوم، من كتاب الجنائز. المجتبى 4/ 50، 51. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 323، 381.
وقوله: ولم يصل عليه. ليس عند البخارى ولا مسلم ولا الدارمى، وعند البخارى أنه صلى عليه. وهى رواية شاذة تفرد بها محمود بن غيلان. انظر: عون المعبود 3/ 181، وفتح البارى 12/ 115، 116.
(3)
تقدم تخريجه، في صفحة 205.
(4)
تقدم تخريجه في 3/ 39.