الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِى الْحَدِّ قَائِمًا،
ــ
فيه الأشْعارُ، وأن تُقامَ فيه الحُدُودُ (1). ولأنَّه لا يُؤْمَنُ أن يَحْدُثَ مِن المَحْدودِ شئٌ يَتَلَوَّثُ به المسجدُ. فإن أُقِيمَ فيه، سَقَط الفرضُ؛ لحُصُولِ المقْصُودِ وهو الزَّجْرُ، ولأَنَّ المُرتَكِبَ للنَّهْى غيرُ المَحْدُودِ، فلم يَمْنَعْ ذلك سُقُوطَ الفَرضِ عنه، كما لو اقْتَصَّ في المسْجدِ.
4380 - مسألة: (ويُضْرَبُ الرجلُ قائِمًا) [
وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعىُّ] (2). وقال مالكٍ: يُضْرَبُ جالِسًا. قال أبو الخَطَّاب: وقد روَى حَنْبَلٌ أنّه يُضْرَبُ قاعِدًا؛ لأنَّ اللَّه تعالى لم يَأْمُرْ بالقِيام، ولأَنّه مَجْلُودٌ في حَدٍّ، أشْبَهَ المرأةَ. ولَنا، قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لكلِّ مَوْضِعٍ مِن الجَسَدِ (3) حَظٌّ إلَّا الوَجْه والفَرْجَ. وقال للجَلَّادِ: اضْرِبْ، وأوْجِعْ، واتَّقِ الرَّأْسَ والوَجْهَ (4). ولأنَّ قِيامَه وَسِيلةٌ إلى إعْطاءِ كلِّ عُضْوٍ
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في إقامة الحد في المسجد، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 476. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 434. والحاكم، في: المستدرك 4/ 378. والدارقطنى، في: سننه 3/ 85، 86. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 328. وحسنه في: الإرواء 7/ 361 - 363.
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في م: «الحد» .
(4)
أخرج نحوهما عبد الرزاق، في: المصنف 7/ 370. وابن أبى شيبة، في: المصنف 10/ 49. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 327. وضعف إسناده في الإرواء 7/ 365.
بِسَوْطٍ لَا جَدِيدٍ وَلَا خَلَقٍ.
ــ
حَظَّه مِن الضَّرْبِ. وقولُه: إنَّ اللَّه لم يَأْمُرْ بالقِيامِ. قُلْنا: ولم يَأْمُرْ بالجُلُوسِ، ولم يَذْكُرِ الكيْفِيَّةَ، فعَلمناها مِن دَلِيلٍ آخَرَ، ولا يَصِحُّ قِياسُ الرجُلِ على المرأةِ في هذا؛ لأَنَّ المرأةَ يُقْصَدُ سَتْرُها، ويُخْشَى هَتْكُها. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يُضْرَبُ بسَوطٍ. وحُكِىَ عن بعضِهم أن حَدَّ الشُّربِ يُقامُ بالأيْدِى، والنِّعالِ، وأطْرافِ الثِّيابِ؛ لِما روَى أبو هُرَيْرَةَ، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أتِىَ برجلٍ قد (1) شَرِبَ، فقال:«اضْرِبُوهُ» . قال أبو هُرَيْرَةَ: فمِنّا الضَّارِبُ بيَدِه، والضَّارِبُ بنَعْلِه، والضَّارِبُ بثَوْبِه. رَواه أبو داودَ (2). ولَنا، أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذا شَرِبَ الخَمْرَ فَاجْلِدوهُ» (3). والجَلدُ إنَّما يُفْهمُ مِن إطْلاقِه الضربُ بالسَّوْطِ، والخُلَفاءُ الرّاشِدون ضَرَبوا فيه بالسِّياطِ، وكذلك غيرُهم، فصار إجْماعًا، ولأنَّه جَلْدٌ في حَدٍّ، فكان
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في: باب في الحد في الخمر، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 472.
كما أخرجه البخارى، في: باب الضرب بالجريد والنعال، من كتاب الحدود. صحيح البخارى 8/ 196. والإمام أحمد، في: المسند: 2/ 300.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب إذا تتابع في شرب الخمر، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 474. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 519، 4/ 96، 101.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالسَّوْطِ كغيرِه. فأمَّا حديثُ أبى هُرَيْرَةَ، فكان في بَدْءِ الإِسلامِ، ثم جَلَد النبىُّ صلى الله عليه وسلم، واسْتَقَرَّتِ الأمُورُ، فقد صَحَّ أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم جَلَد أرْبَعِين، وجَلَد أبو بكرٍ أربعِين، وجَلَد عمر ثمانين (1). وفى حديثِ عمرَ (2) قال: أئْتُونِى بسَوْطٍ. فجاءَة أسْلَمُ مَوْلاه بسَوْطٍ دَقِيقٍ، فأخذَه عمرُ، فمَسَحَه بيَدِه، ثم قال لأسْلَمَ: ائْتِنِى بسَوْطٍ غيرِ هذا. فأتاه به تامًّا، فأمرَ عُمرُ بقُدامَةَ (3) فجُلِدَ (4) إذا ثَبَت هذا، فإنَّ السَّوْطَ يكون وَسَطًا لا جديدًا فيَجْرَحَ، ولا خَلَقًا فلا يُؤْلِمَ؛ لِما رُوِىَ أنَّ رجلًا اعتَرَفَ عندَ النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فأُتِىَ بسَوْطٍ مكْسورٍ، فقال:«فَوْقَ هذا» . فأتِىَ بسَوْطٍ جَدِيدٍ لم تُكْسَرْ ثَمَرتُه، فقال:«بَينَ هذَيْن» . رَواه مالكٌ (5)، عن زيدِ بنِ
(1) أخرجه مسلم، في: باب حد الخمر، من كتاب الحدود. صحيح مسلم 3/ 1331، 1332. وأبو داود، في: باب في الحد في الخمر، من كتاب الحدود. سنن أبى داود 2/ 473. وابن ماجه، في: باب حد السكران، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 858. والدارمى، في: باب في حد الخمر، من كتاب الحدود. سنن الدارمى 2/ 175. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 82، 140، 144، 145.
(2)
في النسخ: «ابن عمر» . والتصويب من المصادر.
(3)
في الأصل: «فقدمه» . وفى تش: «بضربه» .
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب من حد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، من كتاب الأشربة. المصنف 9/ 240 - 242. وابن أبى شيبة، في: باب من قاء الخمر، من كتاب الحدود. المصنف 10/ 39. والبيهقى، في: باب من وجد منه ريح شراب. . .، من كتاب الأشربة والحد فيها. السنن الكبرى 8/ 316.
(5)
في: باب ما جاء في من اعترف على نفسه بالزنى، من كتاب الحدود. الموطأ 2/ 825. كما أخرجه البيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 326.