الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعيدة، وعلى التابع لها المشاركة في الحمل.
ويشرع دفن الميت في مقبرة خاصة بالموتى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن الموتى في مقبرة البقيع، كما تواترت الأخبار بذلك، ولم ينقل عن أحد من السلف أنه دفن في غير المقبرة.
ويسن الإسراع بالجنازة، في غسلها، وتكفينها، والصلاة عليها، ودفنها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره)(1). وما يفعله بعض الناس من تأخيرها ونقلها من مكان إلى آخر أو اختيار يوم من الأسبوع تدفن فيه، فهذا كله خلاف السنة. كما يسنُّ الإسراع في المشي بها أثناء حملها لقوله صلى الله عليه وسلم:(أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)(2)، لكن لا يكون إسراعاً شديداً، بل دون الخَبَبِ كما اختاره بعض العلماء.
وعلى الحاملين للجنازة السكينة والوقار، وعدم رفع الصوت، لا بقراءة ولا بغيرها؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك، ومن فعله فقد خالف السنة.
ولا يجوز للنساء الخروج مع الجنازة؛ لحديث أم عطية: (نهينا عن اتباع الجنائز)(3)، فحمل الجنازة وتشييعها خاص بالرجال، ويكره للمشيع الجلوس حتى توضع الجنازة على الأرض، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن الجلوس حتى توضع (4).
المسألة الثامنة: دفن الميت وصفة القبر وما يسن فيه:
ويسن أن يعمق القبر، وأن يوسع، وأن يُلْحَدَ له فيه، وهو: أن يحفر في قاع القبر حفرة في جانبه إلى جهة القبلة، فإن تعذر اللحد فلا بأس بالشق، وهو: أن يحفر للميت في وسط القبر، لكن اللحد أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم:(اللحد لنا، والشق لغيرنا)(5).
(1) أخرجه الطبراني (12/ 340) ح 13613 وحسنه ابن حجر (الفتح 3/ 219).
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (1351)، ومسلم برقم (944) واللفظ للبخاري.
(3)
رواه البخاري برقم (1278)، ومسلم برقم (938)، واللفظ لمسلم.
(4)
أخرجه البخاري برقم (1310)، ومسلم برقم (959).
(5)
أخرجه الترمذي برقم (1056) وحسنه، وصححه الألباني (صحيح الترمذي برقم 835).
ويوضع الميت في لحده على شقه الأيمن مستقبل القبلة، وتسد فتحة اللحد باللبن والطين، ثم يهال عليه التراب، ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنماً -أي على هيئة السنام- لثبوت ذلك في صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه (1)، ليعلم أنه قبر فلا يهان، ولا بأس بوضع أحجار أو غيرها على أطرافه لبيان حدوده ومعرفته، ويحرم البناء على القبور وتجصيصها والجلوس عليها، كما يكره الكتابة عليها، إلا بقدر الحاجة للإعلام؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال:(نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّص (2) القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه) (3). زاد الترمذي:(وأن يكتب عليها).
ولأن هذا من وسائل الشرك والتعلق بالأضرحة، وهذا مما يغترُّ به الجُهَّال ويتعلقون به.
ويحرم أيضاً إسراج القبور أي إضاءتها؛ لما فيه من التشبه بالكفار، وإضاعة المال، وبناء المساجد عليها، والصلاة عندها أو إليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)(4).
وتحرم إهانتها بالمشي عليها أو وطئها بالنعال أو الجلوس عليها وغير ذلك؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير من أن يجلس على قبر)(5)، ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن الوطء على القبور (6).
ويستحب عند الفراغ من الدفن الدعاء للميت؛ لفعله صلى الله عليه وسلم. فإنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال:(استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)(7). وأما قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن عند القبر فإنه بدعة
(1) انظر: الشرح الممتع (4/ 458).
(2)
أي: يطلى بالجص، وهو الكلس أو الكج الذي تطلى به البيوت.
(3)
رواه مسلم برقم (970)، والترمذي برقم (1064)، وقال: حسن صحيح.
(4)
أخرجه البخاري برقم (1330)، ومسلم برقم (529).
(5)
رواه مسلم برقم (971).
(6)
أخرجه الترمذي برقم (1064) وقال: حسن صحيح.
(7)
رواه أبو داود برقم (3221)، وصححه الحاكم في المستدرك (1/ 370)، ووافقه الذهبي، وحسنه النووي والحافظ ابن حجر (انظر: التعليق على الطحاوية 2/ 265 - 666).