الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن قال الزائر: السلام عليك يا خيرة الله من خلقه، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، اللهم اجزه عن أمته خير الجزاء، فلا بأس. ثم بعد ذلك يسلِّم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويدعو لهما، ويترحم عليهما؛ لما أثر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سلم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، لا يزيد على قوله:(السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه) ثم ينصرف.
ويحرم على الزائر وغيره التمسح بالحجرة أو تقبيلها أو الطواف بها، أو استقبالها حال الدعاء، أو سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، وشفاء المرض ونحو ذلك؛ لأن ذلك كله لله، ولا يطلب إلا منه.
وليست زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه واجبة، ولا شرطاً في الحج كما يظن بعض الجهال من العامة، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولا ارتباط بينها وبين الحج بتاتاً، وما ورد في هذا الباب من الأحاديث التي يحتج بها من يقول بمشروعية شدِّ الرحل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها من مكملات الحج فهي أحاديث ساقطة، لا أصل لها، إما ضعيفة أو موضوعة، كحديث:(من حج ولم يزرني فقد جفاني)، وحديث:(من زار قبري وجبت له شفاعتي)، وغيرهما كثير، وكلها لم يثبت منها حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل جزم بعض أهل العلم بأنها كلها موضوعة مكذوبة.
المسألة الثالثة: الأماكن الأخرى التي تشرع زيارتها في المدينة النبوية:
يستحب لزائر المدينة -رجلاً كان أو امرأة- أن يخرج متطهراً إلى مسجد قباء ويصلي فيه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم حيث كان يزور مسجد قباء راكباً وماشياً ويصلي فيه ركعتين (1).
(1) متفق عليه: رواه البخاري برقم (1194)، ومسلم برقم (1399)(516).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة، كان له كأجر عمرة)(1).
ويسن للرجال فقط زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء في أُحُد كقبر حمزة رضي الله عنه وغيره، ويسلم عليهم، ويدعو لهم؛ لفعله صلى الله عليه وسلم إذ كان يزورهم ويدعو لهم، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(زوروا القبور فإنها تذكر الموت)(2).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية)(3).
هذه هي الأماكن التي تشرع زيارتها في المدينة.
أما الأماكن الأخرى التي يظن بعض العامة أن زيارتها مشروعة: كمبرك الناقة، ومسجد الجمعة، وبئر الخاتم، وبئر عثمان، والمساجد السبعة، ومسجد القبلتين، فهذه لا أصل لها، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه زار هذه الأماكن أو أمر بزيارتها، ولم يَرِدْ عن أحد من السلف الصالح أنه زارها. وليس لأي مسجد في المدينة فضلٌ خاص، إلا مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء. وقد قال صلى الله عليه وسلم:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)(4)، فينبغي للمسلم إذا زار المدينة أن يتقيد بالأماكن التي تشرع زيارتها، ويتجنب الأماكن التي لا تشرع زيارتها.
(1) رواه أحمد (3/ 487)، وابن ماجه برقم (1412)، والنسائي (2/ 37) وغيرهم، وصححه الألباني (صحيح الترغيب برقم 1181)، وانظر: الأحاديث الواردة في فضائل المدينة (ص 542).
(2)
رواه مسلم برقم (976) - 108.
(3)
رواه مسلم برقم (975).
(4)
رواه مسلم برقم (1718).