الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
يحرم على القاضي قبول الهدايا من الخصمين أو من أحدهما، ومن كانت له عادة بمهاداته قبل القضاء فلا بأس، بشرط ألا يكون لهذا المهدي خصومة يحكم له فيها. ولو تورع عن ذلك كله لكان أفضل له. فالقاضي ينبغي له أن ينزه نفسه عن جميع ما يؤثر في قضائه وسمعته، حتى البيع والشراء لا ينبغي له أن يبيع ويشتري بنفسه ممن يعرفه، خشية المحاباة؛ فإن المحاباة في البيع والشراء كالهدية. وإنما يتعاطى البيع والشراء بوكيل لا يعرف أنه له.
10 -
لا يجوز للقاضي أن يقضي لنفسه ولا لقرابته، ممن لا تقبل شهادته له، ولا يحكم على عدوه، لقيام التهمة في هذه الأحوال.
11 -
لا يحكم القاضي بعلمه؛ لأن ذلك يفضي إلى تهمته.
12 -
يستحب للقاضي أن يتخذ كاتباً يكتب له الوقائع، وغيره ممن يحتاجه لمساعدته، كالحاجب والمزكي والمترجم وغيرهم، لكثرة انشغاله بأمور الناس فيحتاج من يساعده.
13 -
يتعين على القاضي أن يحكم بما في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم يجد قضى بالإجماع، فإن لم يجد وكان من أهل الاجتهاد اجتهد، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد فعليه أن يستفتي في ذلك فيأخذ بفتوى المفتي.
14 -
يجب على القاضي العدل بين الخصمين في كل شيء، كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى رضي الله عنه:(واس بين الناس في وجهك، ومجلسك، وعدلك؛ حتى لا ييئس الضعيف من عدلك، ولا يطمع الشريف في حيفك)(1).
المسألة الرابعة: طريق الحكم وصفته:
يتوصل القاضي إلى الحكم في قضية ما باتباع الخطوات التالية:
- إذا حضر عنده الخصمان أجلسهما بين يديه، وسألهما: أيُّكما المدَّعِي؟ أو يسكت حتى يتكلم المدَّعِي فيستمع دعواه.
(1) رواه الدارقطني (512) وهو صحيح، انظر: إرواء الغليل (8/ 241).
- فإن جاءت الدعوى على الوجه الصحيح، سأل القاضي المدَّعَى عليه عن موقفه حيالها، فإن أقرَّ بها قضى عليه، وإن أنكر طالب المدعِي بالبينة.
- فإن كانت للمدعِي بينة طالبه بإحضارها، واستمع شهادتها، وحكم بها بشروطها، ولا يحكم بعلمه.
- فإن لم يكن للمدَّعِي بينة أعلمه القاضي أن له اليمين على خصمه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للحضرمي الذي ادَّعى أرضاً غلبه عليها الكندي: (ألك بينة؟) قال: لا.
قال: (فلك يمينه)(1)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(البينة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه)(2).
- فإن قبل المُدَّعي يمين المدعى عليه، حلفه القاضي وخلَّى سبيله؛ لأن الأصل براءة الذمة.
- فإن نكل المدَّعى عليه عن اليمين وأبى أن يحلف، قضى عليه الحاكم بالنكول، فالنكول -يعني: الامتناع- قرينة ظاهرة دالة على صدق المدَّعي، وقد حكم بالنكول عثمان صلى الله عليه وسلم وجماعة من أهل العلم.
وذهب جماعة آخرون إلى أن اليمين ترد على المدعِي إذا نكل المدعَى عليه، فيحلف، ويستحق، ولا سيما إذا قوي جانبه.
- فإذا حلف المدعى عليه وخلَّى الحاكم سبيله، فأحضر المدَّعي بَينة بعد ذلك حكم له بها؛ لأن يمين المنكر لا تزيل الحق، وإنما هي مزيلة للخصومة.
(1) أخرجه مسلم برقم (223).
(2)
سيأتي تخريجه في الباب الذي بعد هذا (انظر ص 423).