الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: تقسيم الغنيمة بين الغانمين:
الغنيمة: اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة قهراً بقتال، على وجه يكون فيه إعلاء كلمة الله تعالى، وتسمى أيضاً: الأنفال -جمع نفل- لأنها زيادة في أموال المسلمين.
والأصل في مشروعيتها قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الأنفال: 69]. وقد أحل الله الغنائم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم دون الأمم السابقة، قال صلى الله عليه وسلم:(وأحلت لي الغنائم، ولم تحلَّ لأحد قبلي)(1).
وتشمل الغنائم: الأموال المنقولة، والأسرى، والأرض.
وذهب جمهور العلماء إلى أن الغنيمة تقسم على خمسة أسهم:
السهم الأول: سهم الإمام، وهو خمس الغنيمة يخرجه الإمام أو نائبه.
ويقسم هذا الخمس على ما بيَّن الله في قوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)[الأنفال: 41] فيقسم هذا الخمس خمسة أقسام:
1 -
الله ورسوله: ويكون هذا القسم فيئاً يدخل في بيت المال وينفق في مصالح المسلمين، لقوله صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده، مالي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس مردود عليكم)(2). فجعله صلى الله عليه وسلم لجميع المسلمين.
2 -
ذوي القربى: وهم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم: بنو هاشم وبنو المطلب، ويقسم هذا الخمس بينهم حسب الحاجة.
3 -
اليتامى: وهو من مات أبوه قبل أن يبلغ، ذكراً كان أم أنثى، ويعم ذلك الغني منهم والفقير.
4 -
المساكين: ويدخل فيهم الفقراء هنا.
(1) أخرجه مسلم برقم (521).
(2)
أخرجه أبو داود برقم (2694)، والنسائي برقم (4138) في حديث طويل، وصححه الألباني (إرواء الغليل برقم 1240).
5 -
ابن السبيل: وهو المسافر الذي انقطعت به السبيل، فيعطى ما يبلغه إلى مقصده.
وأما باقي السهام الأربعة -أربعة أخماس- فتكون لكل من شهد الوقعة: من الرجال البالغين، الأحرار، العقلاء، ممن استعد للقتال سواء باشر القتال أو لم يباشر، قوياً كان أو ضعيفاً، لقول عمر رضي الله عنه:(الغنيمة لمن شهد الوقعة)(1).
وكيفية التقسيم: أن يعطى الراجل -الذي يقاتل على رجله- سهماً واحداً، ويعطى الفارس -الذي يقاتل على فرسه- ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم في النفل: للفرس سهمين، وللراجل سهماً (2)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في خيبر (جعل للراجل سهماً واحداً، وللفارس ثلاثة أسهم)(3)؛ وذلك لأن غناء الفارس ونفعه أكثر من غناء الراجل.
وأما النساء والعبيد والصبيان إذا حضروا الوقعة، فالصحيح أنه يُرْضَخ (4) لهم ولا يقسم لهم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: إنك كتبت تسألني عن المرأة والعبد يحضران المغنم، هل يقسم لهما شيء؟ وإنه ليس لهما شيء إلا أن يُحْذَيا (5).
وفي لفظ: وأما المملوك فكان يُحذى (6).
وإذا كانت الغنيمة أرضاً خُيِّر الإمام بين قسمتها بين الغانمين، ووقفها لمصالح المسلمين ويضرب عليها خراجاً مستمراً يؤخذ ممن هي بيده، سواء أكان مسلماً أم ذميّاً، فيؤخذ منه ذلك كل عام، وهذا التخيير يكون تخيير مصلحة.
(1) رواه البيهقي بإسناد صحيح (9/ 50) كتاب الجهاد باب الغنيمة، وعبد الرزاق في مصنفه (5/ 302).
(2)
رواه البخاري برقم (4228)، ومسلم برقم (1762).
(3)
أخرجه البخاري برقم (2873).
(4)
الرَّضْخ: إعطاء الشيء ليس بالكثير.
(5)
رواه مسلم برقم (1812). ويُحذيا: يعني يُعطيا.
(6)
رواه أبو داود برقم (2727).