الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منكرة؛ لأنه لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من
عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) (1).
المسألة التاسعة: التعزية، حكمها، وكيفيتها:
والتعزية: هي تسلية المصاب وتقويته على تحمل مصيبته، فتذكر له الأدعية والأذكار الواردة في فضيلة الصبر والاحتساب.
وتشرع تعزية أهل الميت بما يخفف عنهم من مصابهم، ويحملهم على الرضا والصبر، بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم إن كان يعلمه، ويستحضره، وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق الغرض، ولا يخالف الشرع. فعن أسامة بن زيد قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ارجع إليها فأخبرها: أن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمُرْها فلتصبر، ولتحتسب)(2) وهذا من أحسن الألفاظ الواردة في التعزية. وينبغي عند العزاء تجنُّب بعض الأمور التي انتشرت بين الناس، وليس لها أصل في الشرع، منها:
1 -
الاجتماع للتعزية في مكان خاص بجلب الكراسي والإضاءة والقراء.
2 -
عمل الطعام خلال أيام العزاء من قبل أهل الميت لضيافة الواردين للعزاء. لحديث جرير البجلي رضي الله عنه قال: (كنا نعدُّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة)(3).
3 -
تكرار التعزية، فبعض الناس يذهب إلى أهل الميت أكثر من مرة ويعزيهم، والأصل أن تكون التعزية مرة واحدة، ولكن إذا كان القصد من تكرارها التذكير والأمر بالصبر، والرضا بقضاء الله وقدره، فلا بأس. وأما إن كان
(1) متفق عليه: رواه البخاري برقم (2697)، ومسلم برقم (1718) - 18 واللفظ لمسلم.
(2)
رواه البخاري برقم (284)، ومسلم برقم (923).
(3)
رواه ابن ماجه برقم (1612)، وصححه الألباني (صحيح ابن ماجه برقم 1318).
تكرارها لغير هذا القصد فلا ينبغي؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
والسنة أن يعمل أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم أمر يشغلهم -أو أتاهم ما يشغلهم-)(1).
وأما البكاء والحزن على الميت فلا بأس به ويحصل في الغالب، وهو الذي تمليه الطبيعة دون تكلف، فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم حين مات، وقال: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
…
) (2).
لكن لا يكون ذلك على وجه التسخط والجزع والتشكي. ويحرم الندب، والنياحة، وضرب الخدود، وشق الجيوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية)(3)، كقوله: يا ويلاه، يا ثبوراه وما أشبه ذلك، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران، ودرع من جَرَب)(4).
(1) رواه أبو داود برقم (3116)، والترمذي برقم (1003)، وابن ماجه برقم (1610)، وحسَّنه الألباني (صحيح ابن ماجه برقم 1316).
(2)
أخرجه البخاري برقم (1303).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1294)، ومسلم برقم (103).
(4)
أخرجه مسلم برقم (934). والجرب: مرض معروف، وهو بثور تعلو الجلد، ويكون معها حكة.