الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع: في القضاء، والصيام المستحب، وما يكره ويحرم من الصيام، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قضاء الصيام:
إذا أفطر المسلم يوماً من رمضان بغير عذر، وجب عليه أن يتوب إلى الله، ويستغفره؛ لأن ذلك جرم عظيم، ومنكر كبير، ويجب عليه مع التوبة والاستغفار القضاء بقدر ما أفطر بعد رمضان، ووجوب القضاء هنا على الفور على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأنه غير مرخَّص له في الفطر، والأصل أن يؤديه في وقته.
أما إذا أفطر بعذر كحيض أو نفاس أو مرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار المبيحة للفطر فإنه يجب عليه القضاء، غير أنه لا يجب على الفور، بل على التراخي إلى رمضان الآخر، لكن يندب له، ويستحب التعجيل بالقضاء، لأن فيه إسراعاً في إبراء الذمة، ولأنه أحوط للعبد؛ فقد يطرأ له ما يمنعه من الصوم كمرض ونحوه. فإن أخَّره حتى رمضان الثاني، وكان له عذر في تأخيره، كأن استمر عذره، فعليه القضاء بعد رمضان الثاني.
أما إن أخَّره إلى رمضان الثاني بغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم.
ولا يشترط في القضاء التتابع، بل يصح متتابعاً ومتفرقاً، لقوله تعالى:(فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[البقرة: 184] فلم يشترط سبحانه في هذه الأيام التتابع، ولو كان شرطاً لبيَّنه سبحانه وتعالى.
المسألة الثانية: الصيام المستحب:
من حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده: أن جعل لهم من التطوع ما يماثل الفرائض، وذلك زيادة في الأجر والثواب للعاملين، وجبراً للنقص والخلل الذي
قد يطرأ على الفريضة، فقد سبق معنا: أن الفرائض تكمل من النوافل يوم القيامة. والأيام التي يستحب صيامها هي:
1 -
صيام ستة أيام من شوال: لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر)(1).
2 -
صيام يوم عرفة لغير الحاج: لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده)(2). أما الحاجُّ فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر في ذلك اليوم والناس ينظرون إليه، ولأنه أقوى للحاج على العبادة والدعاء في ذلك اليوم.
3 -
صيام يوم عاشوراء: فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم عاشوراء؟ فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)(3). ويستحب صيام يوم قبله أو يوم بعده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)(4)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، خالفوا اليهود)(5).
4 -
صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع: لحديث عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام الاثنين والخميس)(6)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)(7).
(1) رواه مسلم برقم (1164).
(2)
رواه مسلم برقم (1162).
(3)
أخرجه مسلم برقم (1162). وهو جزء من حديث طويل.
(4)
أخرجه مسلم برقم (1133) - 134.
(5)
أخرجه أحمد (1/ 241)، وابن خزيمة برقم (2095) وفي سنده ضعف، لكنه صح عن ابن عباس بنحوه موقوفاً من قوله.
(6)
رواه أحمد (5/ 201)، والترمذي برقم (745)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني (التعليق على ابن خزيمة رقم 2116).
(7)
أخرجه الترمذي برقم (751)، والنسائي (1/ 322)، وأبو داود برقم (2436) وحسنه الترمذي، وصححه الألباني (صحيح الترمذي رقم 596).