الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الرابعة: ما سكت عنه الشارع:
ما سكت عنه الشارع، ولم يرد نص بتحريمه، فهو حلال، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، دل على هذا قوله تعلى:(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا)[البقرة: 29]، وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيثاً، وتلا: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)[مريم: 64](1).
المسألة الخامسة: ما يكره أكله:
يكره أكل البصل والثوم وما كان في معناهما مما له رائحة كريهة؛ كالكراث والفجل، ولا سيما عند حضور المساجد وغيرها من مجامع الذكر والعبادة، لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس)(2) يعني: شجرة الثوم، وفي رواية:(حتى يذهب ريحها). فإن طَبَخَ هاتين البقلتين حتى يذهب ريحهما، فلا بأس بأكلهما؛ لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(فمن أكلهما فليمتهما طبخاً)(3). وفي رواية لجابر رضي الله عنهما: (ما أراه يعني إلا نَيئه)(4).
المسألة السادسة: آداب الأكل:
للأكل آداب ينبغي الحرص عليها، وهي:
1 -
التسمية عند ابتداء الأكل: لحديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: كنت غلاماً فى حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيشُ في الصَّحْفَة، فقال
(1) أخرجه الحاكم (2/ 375) وصححه، ووافقه الذهبي.
(2)
رواه البخاري برقم (5452)، ومسلم برقم (564).
(3)
أخرجه مسلم برقم (567).
(4)
جامع الأصول (8/ 280).
لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سَم الله، وكُلْ بيمينك، وكل مما يليك) فما زالت تلك طِعمتي بعد (1).
2 -
الأكل باليمين: للحديث السابق.
3 -
الأكل مما يلي الشخص: للحديث السابق أيضاً، إلا إذا علم أن مُجالسه لا يتأذى، ولا يكره ذلك، فلا بأس أن يأكل حينئذ من نواحي القصعة؛ لحديث أنس رضي الله عنه في قصة الخياط الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام، قال أنس:(فرأيته -يعني النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة)(2). أو كان الشخص وحده ليس معه أحد، أو كان الطعام مشتملاً على ألوان متعددة، فيجوز له الأخذ مما ليس أمامه، ما لم يؤذ بذلك أحداً.
4 -
الحمد في آخره: لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رُفعت المائدة من بين يديه، يقول:(الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مُوَدَّعٍ، ولا مستغنىً عنه ربنا)(3)، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها)(4).
5 -
الأكل على السُّفَر: لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما أكل نبي الله صلى الله عليه وسلم على خِوَان ولا في سُكُرُّجَة، ولا خُبزَ له مُرَقَّق، قال: فقلت لقتادة: فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال: على هذه السُّفَرِ)(5).
6 -
كراهية الأكل متكئاً: لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا
رسول الله كُلْ -جعلني الله فداك- متكئاً، فإنه أهون عليك، فأصغى برأسه
(1) رواه البخاري (6/ 196)، ومسلم برقم (2022). ومعنى تطيش: تتحرك في نواحي القصعة ولا تقتصر على موضع واحد.
(2)
أخرجه البخاري برقم (5379).
(3)
رواه البخاري برقم (5459). ومعنى (غير مودع): غير متروك الطاعة.
(4)
أخرجه مسلم برقم (2734).
(5)
رواه البخاري برقم (5386). والخوان: ما يؤكل عليه، وهو المائدة، معرب. والسُّفرة: التي يؤكل عليها أيضاً، سميت كذلك لأنها تبسط إذا أكل عليها. والسكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم، وهي فارسية. وربما كان تركه الأكل على الخوان لأنه من عادة العجم يكون على هيئة معينة، وربما يقال ذلك في السكرجة أيضاً.
حتى كاد أن تصيب جبهته الأرض، قال:(لا، بل آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)(1)، ولحديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لا آكل متكئاً)(2).
7 -
عدم عيب الطعام الذي لا يريد أكله: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط، إن اشتهاه أكله، وإلا تركه)(3).
8 -
الأكل من جوانب القصعة وكراهية الأكل من وسط القصعة: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتي بقصعة من ثريد فقال: (كلوا من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها، فإن البركة تنزل في وسطها)(4).
9 -
الأكل بثلاثة أصابع، ولعقها بعد الأكل: لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاثة أصابع، ولا يمسح يده حتى يَلْعَقَها)(5).
10 -
أكل ما سقط منه أثناء الطعام أو تناثر: لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان)(6).
11 -
مسح القصعة التي يأكل فيها ولعقها: لقول أنس رضي الله عنه في الحديث الماضي: (وأمرنا -يعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نَسْلُتَ القصعة) يعني: نمسحها، ونتتبع ما بقي فيها من طعام. وفي رواية:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: (إنكم لا تدرون في أيِّه البركة)(7).
(1) أخرجه البغوي في شرح السنة (11/ 286 - 287)، وأحمد في الزهد ص 5، 6 وصححه الأرناؤوط بشاهد مرسل (حاشية شرح السنة).
(2)
رواه البخاري برقم (5398).
(3)
رواه البخاري برقم (5409)، ومسلم برقم (2064).
(4)
رواه أحمد (1/ 270)، والترمذي برقم (1805) وقال: حسن صحيح، وأبو داود برقم (3772)، وابن ماجه برقم (3277)، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه برقم 2650).
(5)
رواه مسلم برقم (2032).
(6)
أخرجه مسلم برقم (2305).
(7)
أخرجه مسلم برقم (2033).