الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس: في سجود السهو والتلاوة والشكر، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في مشروعية سجود السهو وأسبابه:
والمراد به: السجود المطلوب في آخر الصلاة جبراً لنقص فيها أو زيادة أو شك.
وسجود السهو مشروع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين)(1)، ولفعله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتي بيانه.
وقد أجمع أهل العلم على مشروعية سجود السهو.
وأسبابه ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
المسألة الثانية: متى يجب
؟
يجب سجود السهو لما يأتي:
1 -
إذا زاد فعلاً من جنس الصلاة، كأن يزيد ركوعاً أو سجوداً أو قياماً أو قعوداً ولو قدر جلسة الاستراحة؛ لحديث ابن مسعود:(صلى بنا الرسول صلى الله عليه وسلم خمساً فلما انفتل من الصلاة تَوَشْوَش (2) القوم بينهم فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: لا. قالوا: فإنك صَلَّيت خمساً. فانْفَتَلَ (3)، فسجد سجدتين، ثم سلَّم، ثم قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) (4). فإذا علم بالزيادة وهو في الصلاة وجب عليه الجلوس حال علمه، حتى لو كان في أثناء الركوع، لأنه لو استمر في الزيادة مع علمه لزاد في الصلاة شيئاً عمداً، وهذا لا يجوز.
(1) رواه مسلم برقم (572) - 92.
(2)
ويقال بالسين المهملة (توسوس)، والوشوشة: صوت في اختلاط.
(3)
أي: انصرف ورجع إلى القبلة.
(4)
رواه مسلم، برقم (572) - 92.
2 -
أو سلم قبل إتمام صلاته؛ لحديث عمران بن حصين قال: (سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج، فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم)(1).
3 -
أو لحن لحناً يحيل المعنى سهواً؛ لأن عمده يبطل الصلاة، فوجب سجود السهو.
4 -
أو ترك واجباً؛ لحديث ابن بحينة قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس (2)، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلَّم) (3). ثبت هذا بالخبر فيمن ترك التشهد الأوسط، فيقاس عليه سائر الواجبات، كترك التسبيح في الركوع والسجود، وقوله بين السجدتين: ربِّ اغفر لي، وتكبيرات الانتقال.
5 -
ويجب سجود السهو إذا شك في عدد الركعات فلم يدر كم صلى؟
وذلك أثناء الصلاة؛ لأنه أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها أو زائداً عليها، فضعفت النية، واحتاجت للجبر بالسجود؛ لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبسَ عليه، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس)(4). وهو في هذه الحالة بين أمرين: إمَّا أن يكون الشك بدون ترجيح لأحد الاحتمالين، ففي هذه الحالة يأخذ بالأقل ويبني عليه، ويسجد للسهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يُسَلِّم)(5).
(1) رواه مسلم برقم (574)(102).
(2)
يعني: ترك التشهد الأول.
(3)
متفق عليه: رواه البخاري برقم (1230)، ومسلم برقم (570).
(4)
رواه البخاري برقم (1231)، ومسلم برقم (389).
(5)
أخرجه مسلم برقم (571).