الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار. فقال سهل: فلقد ركضتني منها ناقة حمراء (1).
فدل ذلك على مشروعية القسامة، وأنها أصل من أصول الشرع مستقل بنفسه.
3 -
حكمتها: شرعت القسامة لصيانة الدماء وعدم إهدارها؛ فالشريعة الإسلامية تحرص أشد الحرص على حفظ الدماء، وصيانتها، وعدم إهدارها، ولما كان القتل يكثر، بينما تقل الشهادة عليه؛ لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات، جعلت القسامة حفظاً للدماء.
المسألة الثانية: شروط القسامة:
1 -
أن يكون هناك لوث، وقد سبق بيان معناه.
2 -
أن يكون المدَّعَى عليه مكلفاً، فلا تصح الدعوى فيها على صغير ولا مجنون.
3 -
أن يكون المدَّعِي مكلفاً أيضاً، فلا تسمع دعوى صبي ولا مجنون.
4 -
أن يكون المدَّعَى عليه معيناً، فلا تقبل الدعوى على شخص مبهم.
5 -
إمكان القتل من المدَّعى عليه، فإن لم يمكن منه القتل لبعده عن مكان الحادث وقت وقوعه ونحو ذلك، لم تسمع الدعوى.
6 -
ألا تتناقض دعوى المُدَّعِي.
7 -
أن تكون دعوى القسامة مفصلة موصوفة، فيقول: أدّعي أن هذا قتل وليي فلان بن فلان، عمداً أو شبه عمد أو خطأ، ويصف القتل.
المسألة الثالثة: صفة القسامة:
إذا توافرت شروط القسامة، يُبدأ بالمدعين فيحلفون خمسين يميناً توزع عليهم
(1) رواه البخاري برقم (6898، 6899)، ومسلم في القسامة برقم (1669) - 6، واللفظ لمسلم.
على قدر إرثهم من القتيل، أن فلاناً هو الذي قتله. ويكون ذلك بحضور المدعى عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي حثمة الماضي:(أفتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم؟)(1).
فإن أبى الورثة أن يحلفوا، أو امتنعوا من تكميل الخمسين يميناً، فإنه يحلف المدَّعى عليه خمسين يميناً إذا رضي المدعون بأيمانه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم:(فتحلف لكم يهود؟) قالوا: ليسوا بمسلمين، ولم يرضوا بأيمانهم. فإذا حلف برئ، وإن لم يرض المدعون بتحليف المدعى عليه فدى الإمام القتيل بالدية من بيت المال، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما فدى القتيل من بيت المال عندما امتنع الأنصار من قبول أيمان اليهود؛ لأنه لم يبق سبيل لإثبات الدم على المدَّعى عليه، فوجب الغرم من بيت المال؛ لئلا يضيع دم المعصوم هدراً.
ومن قُتل في الزحام فإنه تدفع ديته من بيت المال؛ لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال لعمر رضي الله عنه في رجل قتل في زحام الناس بعرفة: (يا أمير المؤمنين لا يُطَلُّ (2) دم امرئ مسلم، إن علمت قاتله، وإلا فأعط ديته من بيت المال) (3).
(1) البخاري (رقم 6899).
(2)
أي يهدر، يقال: طَلَّ السلطان الدم، طَلاًّ -من باب قَتَلَ-: أهدره.
(3)
رواه عبد الرزاق في المصنف (10/ 51)، وابن أبي شيبة (9/ 395).