الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويثبت هذا الخيار للمشتري، فإن شاء أمضى البيع، وأخذ عِوض العيب، وهو الفرق بين قيمة السلعة صحيحة وقيمتها وهي معيبة، وإن شاء ردَّ السلعة، واسترد الثمن الذي دفعه إلى البائع.
رابعاً: خيار التدليس، وهو: أن يدلس البائع على المشتري ما يزيد به الثمن، وهذا الفعل محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(من غَشَّنا فليس منَّا)(1).
مثاله: أن يكون عنده سيارة، فيها عيوبٌ كثيرة في داخلها، فيعمد إلى إظهارها بلون جميل، ويجعل مظهرها الخارجي براقاً حتى يخدع المشتري بأنها سليمة فيشتريها. ففي هذه الحالة يكون للمشتري الحق في رد السلعة على البائع واسترجاع الثمن.
المسألة الخامسة: شروط البيع:
يشترط لصحة البيع الشروط الآتية:
أولاً: التراضي بين البائع والمشتري. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ)[النساء: 29].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما البيع عن تراض)(2).
فلا يصح البيع إذا أكره أحدهما بغير حق، فإن كان الإكراه بحق، كأن يكره الحاكم شخصاً على بيع شيء لسداد دينه، صح.
ثانيا: كون العاقد جائز التصرف، بأن يكون بالغاً عاقلاً حراً رشيداً.
ثالثاً: أن يكون البائع مالكاً للمبيع، أو قائماً مقام مالكه، كالوكيل والوصيّ والولي والناظر. فلا يصح أن يبيع شخصٌ شيئاً لا يملكه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه:(لا تبع ما ليس عندك)(3).
(1) رواه مسلم برقم (101).
(2)
رواه ابن ماجه برقم (2185)، وابن حبان (11/ 340)، والبيهقي (6/ 17). وصححه الألباني، انظر إرواء الغليل (5/ 125).
(3)
رواه أحمد (3/ 402)، وأبو داود (3503)، والنسائي (7/ 289)، والترمذي برقم (1232) وابن ماجه، برقم (2187) وصححه الألباني، انظر إرواء الغليل (5/ 132).
رابعاً: أن يكون المباع مما يباح الانتفاع به من غير حاجة، كالمأكول، والمشروب، والملبوس، والمركوب، والعقار، ونحو ذلك، فلا يصح بيع ما يحرم الانتفاع به، كالخمر، والخنزير، والميتة، وآلات اللهو، والمعازف.
لحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرَّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام)(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله إذا حَرَّم على قوم أكل شيء حرَّم ثمنه)(2).
ولا يجوز بيع الكلب، لحديث أبي مسعود رضي الله عنه، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب
…
) (3).
خامساً: أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه؛ لأنَّ غير المقدور عليه كالمعدوم، فلا يصح بيعه؛ إذ هو داخل في بيع الغَرَرِ (4)، فإن المشتري قد يدفع الثمن ولا يحصل على المبيع، فلا يجوز بيع السمك في الماء، ولا النوى في التمر، ولا الطير في الهواء، ولا اللبن في الضرع، ولا الحمل الذي في بطن أمه، ولا الحيوان الشارد.
لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر)(5).
سادساً: أن يكون المعقود عليه معلوماً لكل منهما برؤيته ومشاهدته عند العقد، أو وصفه وصفاً يميزه عن غيره؛ لأن الجهالة غرر، والغرر منهي عنه، فلا يصح أن يشتري شيئاً لم يره، أو رآه وجهله، وهو غائب عن مجلس العقد.
سابعاً: أن يكون الثمن معلوماً، بتحديد سعر السلعة المبيعة، ومعرفة قيمتها.
(1) متفق عليه: رواه البخاري برقم (2236)، ومسلم برقم (1581).
(2)
رواه أحمد (1/ 247)، وأبو داود برقم (3488)، وصححه الأرناؤوط في حاشية المسند (4/ 95).
(3)
متفق عليه: رواه البخاري برقم (2237)، ومسلم برقم (1567).
(4)
بيع الغرر: ما كان له ظاهر يَغُرُّ المشتري، وباطن مجهول.
(5)
رواه مسلم برقم (1513).