الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- وأما إن كانت الجناية خطأً أو شبه عمد، فإن الدية تكون على عاقلة القاتل؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه:(قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغُرَّة: عبد أو أمة، ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لزوجها، وبنيها، وأن العقل على عصبتها)(1).
وإنما وجبت على العاقلة؛ لأن جنايات الخطأ كثيرة، والجاني فيها معذور، فوجبت مواساته، والتخفيف عنه بخلاف المتعمد؛ ولأن المتعمد يدفع الدية فداءً عن نفسه؛ لأنه يجب عليه القصاص، فإن عفي عنه تَحَمَّل الدية.
المسألة الرابعة: أنواع الديات ومقاديرها:
1 -
أنواع الديات:
الأصل في الدية هو الإبل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (في النفس المؤمنة مائة من الإبل
…
) (2).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل)(3).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: (كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم
…
فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت. قال: ففرضها عمر -وفي رواية: فقوَّم- على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة) (4).
وعلى هذا؛ فإن الأصل في الدية الإبل. وهذه الأشياء المذكورة سواها يكون معتبراً بها من باب التقويم، وقد كان ذلك من عمر رضي الله عنه بمحضر من الصحابة، ولم ينكروا ذلك عليه، فيكون إجماعاً، فتدفع الدية إبلاً، أو قيمتها، من هذه الأشياء المذكورة.
(1) تقدم تخريجه في ص (349).
(2)
أخرجه النسائي برقم (4857). وصححه الألباني (صحيح النسائي رقم 4513).
(3)
أخرجه النسائي برقم (4791). وصححه الألباني (صحيح النسائي رقم 4460).
(4)
أخرجه أبو داود برقم (4542). وحسنه الألباني (الإرواء رقم 2247).
2 -
مقادير الدية:
- دية الحر المسلم: تكون مائة من الإبل، وتغلظ في قتل العمد وشبهه، وتغليظ الدية: أن يكون في بطون أربعين منها أولادها، كما تقدم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه:(وأربعون خَلِفَة).
- دية الحر الكتابي: دية الكتابي الحر -ذمياً كان أو غيره- نصف دية المسلم، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عقل أهل الذمة نصف عقل المسلمين)(1). وفي لفظ: (دية العاهد نصف دية المسلم).
- دية المرأة: دية الحرة المسلمة على النصف من دية الرجل الحر المسلم، كما في كتاب عمرو بن حزم:(دية المرأة على النصف من دية الرجل). ونقل ابن عبد البر، وابن المنذر، الإجماع على ذلك.
- دية المجوسي: دية المجوسي الحر -ذمياً كان أو معاهداً أو غيره- وكذا الوثني: ثمانمائة درهم؛ لحديث عقبة بن عامر مرفوعاً: (دية المجوسي ثمانمائة درهم)(2).
- دية المجوسية ونساء أهل الكتاب وعبدة الأوثان: على النصف من دية ذكرانهم، كما أن دية نساء المسلمين على النصف من دية ذكرانهم؛ لعموم حديث عمرو بن شعيب المتقدم:(عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين).
- دية الجنين: دية الجنين إذا سقط ميتاً بسبب جناية على أمه عمداً أو خطأ: غرة عبد أو أمة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:(قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتاً بغرة: عبد أو أمة)(3). وتُقَدَّر الدية بعشر دية أمه وهي: خمس من الإبل. وتورث الغرة عنه، كأنه سقط حيّاً.
(1) أخرجه النسائي (8/ 45)، والترمذي برقم (1413) وحسنه، وحسنه الألباني (إرواء الغليل برقم 2251).
(2)
أخرجه البيهقي في سننه (8/ 101) وفيه ضعف، لكنه قول جماعة من الصحابة، ولا يعرف لهم مخالف. انظر: التلخيص الحبير (4/ 34).
(3)
تقدم تخريجه ص 349.