الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يُنَفَّر صيده) (1). قال الحافظ ابن حجر: "قيل: هو كناية عن الاصطياد .. قال العلماء: يستفاد من النهي عن التنفير تحريم الإتلاف بالأولى"(2).
الحالة الثانية: يحرم على المحرم صيد البَر، أو اصطياده، أو الإعانة على صيده بدلالة أو إشارة أو نحو ذلك؛ لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ)[المائدة: 95].
وكذلك يحرم عليه الأكل مما صاده، أو صيد لأجله، أو أعان على صيده، لقوله تعالى:(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا)[المائدة: 96]. وقد ردَّ النبي صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً أهداه إليه الصعب بن جثامة، وقال:(إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)(3). يعنى: من أجل أننا حرم.
المسألة الثالثة: شروط إباحة الصيد:
يشترط لحل الصيد وإباحته شروط، وذلك في الصائد، وآلة الصيد.
أولاً: شروط الصائد:
يشترط في الصائد الذي يحل أكل صيده ما يشترط في الذابح بأن يكون مسلماً أو كتابياً، عاقلاً، فلا يحل ما صاده مجنون أو سكران لعدم الأهلية، ولا يحل ما صاده مجوسي أو وثني أو مرتد؛ لأن الصائد بمنزلة المذكي. أما ما لا يحتاج إلى ذكاة كالحوت والجراد، فيباح إذا صاده من لا تحل ذبيحته. وأن يكون الصائد قاصداً للصيد؛ لأن الرمي بالآلة وإرسال الجارحة جعل بمنزلة الذبح، فاشترط له القصد.
ثانياً: شروط آلة الصيد:
الآلة نوعان:
1 -
ما له حَدٌّ يجرح؛ كالسيف والسكين والسهم: وهذا يُشترط فيه ما يشترط
(1) أخرجه البخاري برقم (1833)، ومسلم برقم (1353).
(2)
فتح الباري: (4/ 55 - 56).
(3)
أخرجه البخاري برقم (1825).
في آلة الذبح بأن ينهر الدم، ويكون غير سن وظفر، وأن يجرح الصيد بحده لا بثقله؛ لحديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه)(1). وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض فقال: (ما خَزَقَ فَكُلْ، وما قتل بعرضه فلا تأكل)(2)، وفي معنى المعراض: الحجارة، والعصا، والفخ، وقطع الحديد ونحوه مما ليس محدداً، إلا الرصاص الذي يستعمل اليوم في البنادق، فإنه حلال صيده؛ لأن به قوة دفع تخزق، وتنهر الدم.
2 -
الجارحة من سباع البهائم أو جوارح الطير، فيجوز الصيد بسباع البهائم التي تصيد بنابها وجوارح الطير التي تصيد بمخلبها، لقوله تعالى:(وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ)[المائدة: 4]. ومثال سباع البهائم: الكلب، الفهد، النمر. ومثال جوارح الطير: الصقر، الباز، الشاهين.
شروط الاصطياد بسباع البهائم وجوارح الطير:
يشترط في الاصطياد بسباع البهائم وجوارح الطير أن تكون مُعَلَّمة، أي أنها تعلم آداب أخذ الصيد؛ وذلك بأن تتصف بالصفات التالية:
1 -
أن تقصد إلى الحيوان الذي يراد صيده إذا أرسلت إليه، ولا تقصد شيئاً غيره.
2 -
أن تنزجر إذا زجرت، فتتوقف إذا استوقفها صاحبها. وهذان الشرطان معتبران في الكلب خاصة؛ لأن الفهد لا يكاد يجيب داعياً، وإن اعتبر متعلماً.
أما الطير: فتعليمها يعتبر بأمرين كذلك: أن تسترسل إذا أرسلت، وأن ترجع إذا دعيت.
(1) تقدم تخريجه في ص (407).
(2)
رواه البخاري برقم (5168)، ومسلم برقم (1929). والمِعْرَاض: سهم بلا ريش ولا نصل، وإنما يصيب بعرضه دون حده. وخزق السهم الرمية: طعنها ونفذ فيها.
3 -
ألا تأكل شيئاً من الصيد إذا قتلته، قبل أن تصل به إلى صاحبها الذي أرسلها.
والأصل في اعتبار هذه الشروط قوله تعالى: (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)[المائدة: 4]. وحديث عدي ابن حاتم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أرسلت الكلب المعلم، وسمَّيت، فأَمْسَكَ، وقَتَلَ، فكلْ، وإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه)(1).
التسمية عند رمي الصيد:
ومن الشروط أيضاً: التسمية عند رمي الصيد أو إرسال الجارحة؛ لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ)[المائدة: 4]، ولحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه
…
وإن رميت سهمك فاذكر اسم الله عليه) (2). وفي لفظ: (إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل)(3) فإن ترك التسمية سهواً حلً الصيد. والله أعلم.
حكم إدراك الصيد حياً:
إذا أدرك الصائد الصيد وفيه حياة مستقرة، فإنه يجب ذكاته، ولا يحل بدونها، أما إذا أدركه ولا حياة فيه مستقرة، فإنه يجوز أكله بدون ذكاة.
(1) أخرجه البخاري برقم (5483)، ومسلم برقم (1929) -3.
(2)
أخرجه مسلم برقم (1929) -6.
(3)
تقدم تخريجه في ص (412).