الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: بِمَ يثبت الزنى
؟
لإقامة حد الزنى لا بد من إثبات وقوعه، ولا يثبت وقوعه إلا بأحد أمرين: الأمر الأول: أن يقر به الزاني أربع مرات، ولو في مجالس متعددة؛ فقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم باعتراف ماعز والغامدية. وأما اشتراط الأربع: فلأن ماعزاً اعترف عند النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فرده، فلما اعترف الرابعة أقام عليه الحد.
- ولا بد أن يصرح في إقراره بحقيقة الزنى والوطء، لاحتمال أنه أراد غير الزنا من الاستمتاع الذي لا يوجب حداً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لماعز حين أقر عنده:(لعلك قَبَّلت أو غمزت؟) قال: لا. وكرر معه الاستيضاح عدة مرات حتى زال كل احتمال.
- ولا بد أن يثبت على إقراره حتى إقامة الحد، ولا يرجع عنه، فقد قرَّر النبي صلى الله عليه وسلم ماعزاً مرة بعد مرة، لعله يرجع عن إقراره، ولأن ماعزاً لما هرب أثناء رجمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(هلا تركتموه؟!)(1).
الأمر الثاني: أن يشهد عليه بالزنى أربعة شهود، لقوله تعالى:(لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ)[النور: 13]. وقوله: (فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ)[النساء: 15].
ويشترط لصحة شهادتهم عليه بالزنى شروط:
1 -
أن يكون الشهود أربعة، للآيات المتقدمة، فإن كانوا أقل من أربعة لم تقبل.
2 -
أن يكونوا مكلفين -بالغين عاقلين-، فلا تقبل شهادة الصبيان والمجانين.
3 -
أن يكونوا رجالاً عدولاً، فلا تقبل شهادة النساء في حد الزنى، صيانة لهن وتكريماً، لأن الزنى فاحشة. ولا تقبل شهادة الفاسق أيضاً؛ لقوله تعالى:(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)[الطلاق: 2] وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)[الحجرات: 6].
(1) أخرجه الترمذي برقم (1428)، وابن ماجه برقم (2554) وحسنه الترمذي. وقال الألباني: حسن صحيح (صحيح الترمذي رقم 1154).
4 -
أن يعاين الشهود الزنى ويصفوا ذلك وصفاً صريحاً يدفع كل الاحتمالات عن إرادة غيره من الاستمتاع المحرم، فيقولون: رأينا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة، وإنما أبيح النظر في مثل ذلك للضرورة.
5 -
أن يكون الشهود مسلمين، فلا تقبل شهادة الكافر لعدم تحقق عدالته.
6 -
أن يشهدوا عليه في مجلس واحد، سواء جاءوا مجتمعين أو متفرقين في المجلس نفسه.
فإن اختل شرط من هذه الشروط، وجب إقامة حد القذف على الشهود جميعاً؛ لأنهم قذفة.