الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: في مواقيت الصلاة
الصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت محدد حدده الشرع. قال تعالى:(إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)[النساء: 103]. يعني: مفروضاً في أوقات محددة فلا تجزئ الصلاة قبل دخول وقتها.
وهذه المواقيت الأصل فيها حديث ابن عمر [و] رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يَغِبِ الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس)(1).
فصلاة الظهر يبدأ وقتها بزوال الشمس، أي: ميلها عن كبد السماء إلى جهة المغرب، ويمتد وقتها إلى أن يصير ظل كل شيء مثله في الطول، ويستحب تعجيلها في أول وقتها، إلا إذا اشتد الحر، فيستحب تأخيرها إلى الإبراد (2)؛ لقولى صلى الله عليه وسلم:(إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم)(3).
وصلاة العصر يبدأ وقتها من نهاية وقت الظهر -أي من صيرورة ظل كل شيء مثله- وينتهي بغروب الشمس، أي عند آخر الاصفرار، ويسن تعجيلها في أول الوقت، وهي الصلاة الوسطى التي نصَّ الله عليها في قوله تعالى:(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)[البقرة: 238].
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمحافظة عليها، فقال:(من فاتته صلاة العصر فكأنما وُترَ أهله وماله)(4). وقال أيضاً: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)(5).
(1) رواه مسلم برقم (612)
(2)
يعني: قرب صلاة العصر.
(3)
رواه مسلم برقم (615)، والبخاري برقم (533 - 534).
(4)
متفق عليه: البخاري برقم (552)، ومسلم برقم (626) (201) واللفظ لمسلم. ومعنى (وتر أهله وماله): انتزع منه أهله وماله، أو: فقد أهله وماله.
(5)
رواه البخاري برقم (553).
ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشَّفَقِ (1) الأحمر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق)(2). ويسن تعجيلها في أول وقتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير، ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم)(3)، إلا ليلة المزدلفة للمحرم بالحج، فيسنُّ تأخيرها حتى تصلى مع العشاء جمع تأخير.
أما صلاة العشاء فيبدأ وقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، لقوله صلى الله عليه وسلم:(وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)(4). ويستحب تأخيرها إلى آخر الوقت المختار ما لم تكن مشقة، ويكره النوم قبلها، والحديث بعدها لغير مصلحة؛ لحديث أبي برزة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها)(5).
ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ويستحب تعجيلها إذا تحقق طلوع الفجر.
هذه هي الأوقات التي يشرع أداء الصلوات الخمس فيها، فيجب على المسلمين التقيد بذلك، والمحافظة عليها في وقتها، وترك تأخيرها؛ لأن الله توعد الذين يؤخرونها عن وقتها فقال تعالى:(فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4 - 5]. وقال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)[مريم: 59]. والغيُّ: هو العذاب الشديد المضاعف والشر والخيبة في جهنم عياذاً بالله.
وأداء الصلوات في أوقاتها من أحب الأعمال إلى الله، وأفضلها، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها)(6).
(1) الشفق: الحمرة التي تكون من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وترى هذه الحمرة بعد سقوط الشمس.
(2)
رواه مسلم برقم (173)(1/ 427)، وهو جزء من حديث المواقيت الطويل.
(3)
رواه أحمد (4/ 174)، وأبو داود برقم (418)، والحاكم (1/ 190 - 191) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(4)
رواه مسلم برقم (173) وهو جزء من حديث المواقيت الطويل (1/ 427).
(5)
أخرجه البخاري برقم (568)، ومسلم برقم (647).
(6)
متفق عليه: رواه البخاري برقم (527)، ومسلم برقم (85)(139).