الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: هل يجب الحج في العمر أكثر من مرة
؟
لا يجب الحج في العمر إلا مرة واحدة وما زاد على ذلك فهو تطوع؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيها الناس! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فقال: (لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم)(1)، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة. وقد أجمع العلماء على أن الحج لا يجب على المستطيع إلا مرة واحدة.
وعليه أن يبادر بأدائه إذا تحققت شروطه، ويأثم بتأخيره لغير عذر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(تعجلوا إلى الحج؛ فإن أحدكم لا يدري ما يَعْرِضُ له)(2). وقد رُوي مرفوعاً وموقوفاً، من طرق يقوّي بعضها بعضاً:(من استطاع الحج فلم يحج، فليمت إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانياً)(3).
المسألة الرابعة: شروط الحج:
يشترط لوجوب الحج خمسة شروط:
1 -
الإسلام: فلا يجب الحج على الكافر ولا يصح منه؛ لأن الإسلام شرط لصحة العبادة.
2 -
العقل: فلا يجب الحج على المجنون ولا يصح منه في حال جنونه؛ لأن العقل شرط للتكليف، والمجنون ليس من أهل التكليف، ومرفوع عنه القلم، حتى يفيق، كما في حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق)(4).
(1) رواه مسلم برقم (1337).
(2)
رواه أحمد (1/ 314)، وحسنه الألباني (الإرواء برقم 990). ومعنى (ما يعرض له): أي ما يطرأ ويحدث له.
(3)
انظر: نيل الأوطار (4/ 337).
(4)
رواه أبو داود برقم (4401)، وابن ماجه برقم (2041)، وصححه الألباني (الإرواء برقم 297).
3 -
البلوغ: فلا يجب الحج على الصبي؛ لأنه ليس من أهل التكليف ومرفوع عنه القلم حتى يبلغ للحديث الماضي: (رفع القلم عن ثلاثة
…
)، لكن لو حج فحجه صحيح، وينوي له وليه إذا لم يكن مميزاً، ولا يكفيه عن حجة الإسلام، بلا خلاف بين أهل العلم؛ لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت صبياً فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: (نعم ولك أجر)(1). ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما صبيٍّ حج ثم بلغ، فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم عتق، فعليه حجة أخرى)(2).
4 -
الحرية: فلا يجب الحج على العبد؛ لأنه مملوك لا يملك شيئاً، لكن لو حج صحَّ حجه إن كان بإذن سيده. وقد أجمع أهل العلم على أن المملوك إذا حج في حال رقه، ثم أعتق، فعليه حجة الإسلام، إذا وجد إلى ذلك سبيلاً، ولا يجزئ عنه ما حَجَّ في حال رقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الماضي ذكره:(وأيما عبد حج ثم عتق، فعليه حجة أخرى).
5 -
الاستطاعة: لقوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)[آل عمران: 97]. فغير المستطيع مالياً، بأن كان لا يملك زاداً يكفيه ويكفي من يعوله، أو كان لا يملك راحلة توصله إلى مكة وترده. أو بدنياً بأن كان شيخاً كبيراً، أو مريضاً ولا يتمكن من الركوب وتحمل مشاق السفر، أو كان الطريق إلى الحج غير آمن، كأن يكون به قطاع طرق، أو وباء، أو غير ذلك مما يخاف الحاج معه على نفسه وماله، فإنه لا يجب عليه الحج حتى يستطيع، وقد قال تعالى:(لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)[البقرة: 286] والاستطاعة من الوسع الذي ذكره الله، ومن الاستطاعة في حج المرأة: وجود المحرم الذي يرافقها في سفر الحج؛ لأنه لا يجوز لها السفر للحج ولا لغيره بدون محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلاثة أيام فصاعداً إلا
(1) رواه مسلم برقم (1336).
(2)
أخرجه الشافعي في مسنده برقم (743) بترتيب السندي، والبيهقي (5/ 179) وصححه الشيخ الألباني (الإرواء برقم 986).
(3)
رواه مسلم برقم (1340).