الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقعد إلا في آخرهن) (1). ولا تصلَّى بتشهدين وسلام واحد؛ حتى لا تُشْبه صلاة المغرب، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك (2).
ويجوز الوتر بسبع ركعات وبخمس، لا يجلس إلا في آخرها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شىء إلا في آخرها)(3)، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع أو بخمس، لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام)(4).
المسألة السابعة: الأوقات المنهي عن النافلة فيها:
هناك أوقات نهي عن صلاة التطوع فيها إلا ما استثني، وهي أوقات خمسة:
الأول: من بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس)(5).
الثاني: من طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح في رأي العين، وهو قدر متر تقريباً، ويقدر بالوقت بحوالي ربع الساعة أو ثلثها. فإذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح فقد انتهى وقت النهي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن عبسة: (صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع
…
) (6)، ولحديث عقبة بن عامر الآتي.
(1) أخرجه النسائي برقم (1698)(3/ 234)، والحاكم (1/ 304)، والبيهقي (3/ 28) -واللفظ له-، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقال النووي: رواه النسائي بإسناد حسن، والبيهقي بإسناد صحيح. (المجموع 4/ 17 - 18).
(2)
أخرجه الدارقطني (2/ 24 - 25)، والحاكم (1/ 304)، والبيهقي (3/ 31). قال الدارقطني عن رواته: كلهم ثقات. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر في الفتح (2/ 558): إسناده على شرط الشيخين.
(3)
أخرجه مسلم برقم (737).
(4)
أخرجه ابن ماجه برقم (1192)، وصححه الألباني (صحيح سنن ابن ماجه برقم 980).
(5)
أخرجه البخاري برقم (586)، ومسلم برقم (827) واللفظ لمسلم.
(6)
أخرجه مسلم برقم (832).
والثالث: عند قيام الشمس (1) حتى تزول إلى جهة الغرب ويدخل وقت الظهر، لحديث عقبة بن عامر:(ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تَتَضَيَّف للغروب حتى تغرب)(2). ومعنى تتضيف للغروب: تميل للغروب.
والرابع: من صلاة العصر إلى غروب الشمس (3) لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس)(4).
والوقت الخامس: إذا شرعت في الغروب حتى تغيب كما تقدم في الحديث؛ فتكون هذه الأوقات الخمسة محصورة في ثلاثة أوقات وهي: من بعد صلاة الفجر حتى ترتفع الشمس قدر رمح، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن بعد صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس.
أما حكمة النهي عن الصلاة في هذه الأوقات: فقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الكفار يعبدون الشمس عند طلوعها وعند غروبها، فتكون صلاة المسلم في تلك الأوقات فيها مشابهة لهم، ففي حديث عمرو بن عبسة: (فإنها -أي الشمس- تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار
…
فإنها تغرب حين تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار) (5).
هذا عن وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، وأما عن وقت ارتفاعها وقيام قائم الظهيرة، فقد بَيَّن صلى الله عليه وسلم علة النهي في الحديث السابق نفسه فقال:(فإن حينئذٍ تُسْجَرُ جهنم)(6).
(1) يعني: منتهى ارتفاعها، لأن الشمس ترتفع في الأفق، فإذا انتهت بدأت بالانخفاض.
(2)
رواه مسلم برقم (831).
(3)
يعني: شروعها في الغروب.
(4)
متفق عليه: رواه البخاري برقم (586)، ومسلم برقم (827).
(5)
صحيح مسلم برقم (832) وقد تقدم.
(6)
المصدر السابق.
فلا تجوز صلاة التطوع في هذه الأوقات إلا ما ورد الدليل باستثنائه؛ كركعتي الطواف، لقوله صلى الله عليه وسلم:(يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلَّى فيه، أية ساعة شاء، من ليل أو نهار)(1). وكذا قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وقضاء سنة الظهر بعد العصر، ولا سيما إذا جمع الظهر مع العصر، وكذلك فعل ذوات الأسباب من الصلوات؛ كصلاة الجنازة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وكذلك قضاء الفرائض الفائتة في هذه الأوقات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)(2)، ولأن الفرائض دَيْنٌ واجب الأداء، فتؤدَّى متى ذكرها الإنسان.
(1) أخرجه أبو داود برقم (1894)، والترمذي برقم (868)، وقال: حسن صحيح. وابن ماجه برقم (1254)، والحاكم في المستدرك (1/ 448) وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني (صحيح ابن ماجه برقم 1036).
(2)
أخرجه مسلم برقم (684).