الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
293 - باب الخطبة أيّام منى
ذكر فيه حديث ابن عبّاس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم خطب النَّاس يوم النَّحر.
قال ابن المنير في الحاشية: إنّه أراد البخاريّ الرد على من زعم أن يوم النَّحر لا خطبة فيه للحاج، وأن المذكور في هذا الحديث من قبل الوصايا العامة لا على أنّه هن شعار الحجِّ، فأراد البخاريّ أن يبين [أن] الراوي سَمَّاها خطبة، كما سمي الّتي وقعت في عرفات خطبة، وقد اتقفوا على مشروعية الخطبة بعرفات فكأنّه ألحق المختلف بالمتفق عليه.
قال، (ح): أيّام مني أربعة يوم النَّحر وثلاثة أيّام بعده، وليس في شيء من أحاديث هذا الباب التصريح بالخطبة إِلَّا في حديث ابن عبّاس يوم النَّحر نعم في حديث ابن عبّاس لكن لعلّه أشار إلى ما وقع في بعض الطرق كما في مسند أحمد من طريق أبي حرمة الرقاشي عن عمه قال: أكنت آخذًا بزمام ناقة رسول الله في أوسط أيّام التّشريق .. . فذكر نحو حديث أبي بكرة، وأوسط أيّام التشريق الحادي عشر أو الثّاني عشر.
ونحوه في حديث سَرَّاء بنت نبهان: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الروس فقال: أي يوم هذا
…
الحديث، أخرجه أبو داود (1).
(1) فتح الباري (3/ 574).
قال (ع): أراد هذا القائل الرد على الطحاوي ومن قال بقوله فإنّه قال: الخطبة المذكورة يعني يوم النَّحر ليست من متعلّقات الحجِّ لأنّه لم يذكر فيها- شيئًا من أمور الحجِّ وإنّما ذكر فيها وصايا عامة ولم ينقل أحد أنّه علمهم فيها شيئًا من الذي يتعلّق بيوم النَّحر فعرف أنّه لم يقصد ليوم الحجِّ (2).
وكذا قال ابن القصّار من المالكية: إنّما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذي اجتمع من أقاصي الدنيا فظن الذي رآه أنّه خطب.
قال: وأمّا ذكره الشّافعيّ يعني أن بالناس حاجة إلى تعليم أسباب التحلل فليس بمتعين لأنّه يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة.
قال (ح): وأجيب بأنّه صلى الله عليه وسلم حثهم في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النَّحر، وعلى تعظيم شهر ذي الحجة، وعلى تعظيم الشهر الحرام، وقد جزم الصّحابة بتسميتها خطبة فلا يلتفت لتأويل غيرهم.
وأمّا قوله: كان يمكنه تعليمهم يوم عرفة فيعارض بمثله فيستغني عن الخطبة ثاني يوم النَّحر، وقد أثبتوها بل كان يمكنه تعليم جميع ذلك يوم التروية ولكن لما كان في كلّ يوم أعمال ليست في غيره حسن تجديد التعليم.
وقد ذكر الزّهري وهو عالم زمانه أن بني أمية نقلوا خطبة يوم النَّحر إلى ثأني يوم النَّحر، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه ولفظه: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النَّحر فشغل الأمراء يوم النَّحر فأخروه إلى الغد.
وأمّا قول الطحاوي أنّه لم ينقل أنّه علمهم شيئًا من أسباب التحلل فلا ينفى وقوع ذلك أو شيء منه في نفس الأمر بل قد ثبت في حديث عبد الله ابن عمر، وقال صلى الله عليه وسلم للناس حيئذ:"خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" ووعظهم بما
(2) عمدة القاري (10/ 76).
وعظهم به، وأحال في تعليمهم على تلقي ذلك من أفعاله (3).
وفيه أيضًا سؤال من سأل عن تقديم بعض المناسك على بعض كما ثبت ذلك في حديث ابن عبّاس الذى صرح فيه بأن ذلك يوم النَّحر، فكيف ساغ للطحاوي هذا النفي المطلق مع روايته هو حديث عبد الله ابن عمر.
وقال: كيف ساغ لهذا القائل أن يحط على الطحاوي وفهم كلامه على غير أصله فإنّه لم ينف مطلقًا، وإنّما أراد نفي دلالة حديث ابن عبّاس على وقوع الخطبة يوم النَّحر، وأمّا سؤال عن تقديم بعض فإنّما فيه سؤال وتعليم وليس ذلك خطبة.
قال: وأمّا قوله في حديث جابر عند أحمد: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النَّحر فقال: "أَيُّ يَوْم أعْظُمَ حُرْمَة
…
" الحديث، فإطلاق الخطبة في ذلك ليس على حقيقة فإن قوله: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ" خطاب لمن معه حينئذ، ووصية للشاهد أن يبلغ الغائب (4).
قوله: " أَيُّ يَومٍ هَذَا؟ " قالوا: يوم حرام.
قال الكرماني: في حديث أبي بكرة: إنهم سئلوا، وقال: وطريق الجمع بينهما بخلاف حديث ابن عبّاس قال: ويحتمل أنّهم أجابوا بقولهم هو يوم النَّحر بعد أن قال الشهداء يوم النَّحر إنّما شرع مرّة واحدة (5).
قال (ع): ليس لهذا وجه لأنّ التعدد محتمل ولكنه بناه على الخطبة يوم على حقيقتها ونحن لا نقول به (6).
(3) فتح الباري (3/ 577).
(4)
عمدة القاري (10/ 76 - 77).
(5)
فتح الباري (3/ 575).
(6)
عمدة القاري (10/ 77 - 78).
قوله في سند حديث أبي بكرة عن محمَّد بن سيرين، أخبرني عبد الرّحمن بن أبي بكر ورحل أفضل في نفسي من عبد الرّحمن حميد بن عبد الرّحمن بن عوف.
قال (ح): هو الحميري (7).
وقال الكرماني: هو حميد بن عبد الرّحمن بن عوف الزهري.
قال (ع): كلّ من حميد بن عبد الرّحمن بن عوف وحميد بن عبد الرّحمن الحميري سمع من أبي بكرة وسمع منه محمَّد بن سيرين ولم يظهر لي أيهما المراد هنا (8).
قلت: جزم غير واحد من الحفاظ أنّه الحميري منهم الحافظ المزي.
قوله: وقال هشام بن الغاز أخبرني نافع عن ابن عمر قال: وقف النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم النَّحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا (9).
قال الكرماني: إنَّ البخاريّ يقوله بهذا أنّه اختصر الجواب، فالإشارة إلى الحديث الذي قبله (10).
قال (ع): لفظهما مختلف، ومراد الكرماني بقوله بهذا الكلام ما تقدّم من قولهم الله ورسوله أعلم، وإذا كان هو المراد فلا يرد، ومن تأمل سر التراكيب لم يزغ عن الصواب (11).
(7) فتح الباري (3/ 575).
(8)
عمدة القاري (10/ 81).
(9)
فتح الباري (3/ 576 - 577).
(10)
فتح الباري (3/ 576 - 577)
(11)
عمدة القاري (10/ 82).