الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
430 - باب الهِبَة للولد وإذا أعطى بعض ولده شيئًا لم يجز حتّى يعدل
قال (ح): في التّرجمة إشارة إلى ضعف الحديث المشهور: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأبيِكَ" أو إلى تأويله (412).
قال (ع): بأي وجه تدل هذه التّرجمة إلى ضعف هذا الحديث، فلا وجه لذلك أصلًا (413).
قلت: استراح هذا حيث تعب النَّاس.
قوله: إنِّي تحملت ابني هذا غلامًا.
قال (ح): وقع عند ابن حبّان من طريق أبي جرير عن الشّعبيّ أن والده بشير بن سعد قال: إن عمرة نفست بغلام، وإني سميته النعمان، وأنّها أبت أن تربيه حتّى جعلت لها حديقة. وجمع ابن حبّان بين الروايتين بالحمل على واقعتين:
إحداهما: عند ولادة النعمان، وكانت العَطِيَّة [حديقة، والأخرى بعد أن كبر النعمان، وكانت العطيّة] عبدًا وهو جمع لا بأس به إِلَّا أنّه يعكر عليه أنّه يتعذر [بعد] أن ينسى بشير بن سعد مع جلالته الحكم في المسألة حتّى يعود فيستشهد بعد أن قيل له في الأولى لا أشهد (414).
(412) فتح الباري (5/ 211).
(413)
عمدة القاري (13/ 142).
(414)
فتح الباري (5/ 212 - 213).
قال (ع): لا بعد في هذا أصلًا، فإن الإِنسان مأخوذ من النِّسيان، وهموم أحوال الدنيا، وعموم أحوال الآخرة تنسي أي نسيان، والنِّسيان غالب حتّى قيل: إنَّ الإنسان مأخوذ من النِّسيان (415).
قلت: هكذا تكون البلاغة أولى الأجوبة ممّن خالف ظاهر الحديث.
قال (ح):
ثانيها: أن العطيّة لم تتنجز وإنّما جاء بشير والد النعمان يستشير النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن لا يفعل، فترك ثمّ قال: وفي أكثر طرق الحديث ما ينابذه، حكاه الطحاوي (416).
قال (ع) هذا كلام من لا إنصاف له لأنّه يقصد بهذا تضعيف ما قاله الطحاوي مع أنّه لم يقل هذا إِلَّا مُسْنَدًا لما في بعض طرق الحديث أنّه قال: إنِّي نحلت ابني هذا غلامًا، فإن أذنت أن أجيزه له أجزته (417).
قلت: جوابه يأتي في الذي بعده.
قال (ح): ثالثها: أن النعمان كان كبيرًا، ولم يكن قبض الموهوب فجاز لأبيه الرجوع، ذكره الطحاوي أيضًا وهو خلاف ما في أكثر طرق الحديث خصوصًا قوله:"أرجِعْهُ" فإنّه يدلُّ على تقدّم وقوع القبض (418).
قال (ع): هذا أيضًا طعن في كلام الطحاوي من غير وجه ومن غير إنصاف، لأنّه لم يقل هذا أيضًا إِلَّا وقد أخذه من الذي أخرجه من وجه
(415) عمدة القاري (13/ 146).
(416)
فتح الباري (5/ 214) وهو جواب من أجوبة من حمل الأمر بالتسوية على الندب.
(417)
عمدة القاري (13/ 147).
(418)
فتح الباري (5/ 214).
آخر عن النعمان نحلني أبي غلامًا فأمرتني أمي أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشهده، فهذا يدلُّ على أن النعمان كان كبيرًا لقول أمه: اذهب (419).
قلت: في حديث الباب: أن أباه أتى به، وفي الشهادات: سألت أمي أبي بعض الموهوبة لي من ماله، زاد مسلم: فالتوى بها سنة.
ولابن حبّان: بعد حولين ثمّ بدًا له فوهب لي فقالت: لا أرضى حتّى تستشهد فأخد بيدي وأنا غلام.
وفي رواية لمسلم: انطلق بي يحملني، وجمع بينهما بأنّه مشى به بعض الطريق وحمله في بعضها، ومجرد قول الأم لولدها: اذهب مع أبيك لا يقتضي الكبر المطلوب في الاحتمال، فإنّه يستلزم البلوغ حتّى يمكنه القبض لنفسه، والواقع في كتب المحدثين قاطبة أن النعمان ولد في أول سنة من الهجرة أو بعد ذلك فلم يكمل بعد وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فكيف يسوغ لمن اطلع على ذلك وأسنده، وتحققه أن يبرز الاحتمال العقلي أنّه كان عند العطيّة بالغًا لولا التعصب.
قال (ح): وفيه نظر مع وجود النص (420).
قال (ع): إنّما يمتنع من ذلك ابتداء، وأمّا إذا عمل بالنص على وجه من الوجوه، ثمّ إذا قيس ذلك الوجه إلى وجه آخر لا يقال إنّه عمل بالقياس مع وجود النص (421).
قلت: انظروا وتعجبوا.
(419) عمدة القاري (13/ 147).
(420)
فتح الباري (5/ 214).
(421)
عمدة القاري (13/ 147).