الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الجهاد
457 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله
قوله في حديث أبي هريرة: "مَنْ آمَنَ بِالله وَرَسُولِهِ
…
" إلى أن قال: "كَانَ حَقّاً عَلى الله أَنْ يُدْخِلَهُ [اْلجَنَّة] جَاهَدَ في سَبِيِل الله أوْ جَلَسَ بِأَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فيهَا" قالوا: يا رسول الله أفلا نبشر النَّاس؟ قال: "إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ أعَدَّهَا الله لِلْمُجَاهِديِنَ".
قال الكرماني: قيل: لما سوى بين الجهاد وعدمه في دخول الجنَّة ورأى استبشارهم بذلك لسقوط مشاق الجهاد استدركه بقوله: "إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ
…
الخ".
وقال الطيبي: الجواب من الأسلوب الحكيم أي بشرهم بدخول الجنَّة بالإيمان، ولا يكتفي بذلك بل زاد عليها بشارة أخرى وهو النور بالدرجات بل بالفردوس.
قال (ح): لو لم يردّ الحديث إِلَّا كما وقع هنا لاتجه ما قال، لكن وردت في الحديث زيادة دلت على أن قوله:"إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ" تعليل لترك البشارة المذكورة.
ففي حديث معاذ عند التّرمذيّ، قلت: يا رسول الله ألَّا أخبر النَّاس؟ قال: "ذَرْهُمْ يَعْمَلُونَ، فَإنَّ في الْجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ
…
الخ".
فظهر أن المراد لا تبشر النَّاس بما ذكرته فيقفوا عنده ولا يتجاوزوه إلى
ما هو أفضل منه من الدرجات الّتي تحصل بالجهاد وغيره، وهذه هي النكتة في قوله:"اعَدَّهَا الله لِلْمُجاهِديِن"(499)
قال (ع): كلام الطيبي متجه والاعتراض عليه غير وارد أصلًا، لأنّ قول (ح): لكن وردت زيادة
…
الخ غير مسلم، لأنّ الزيادة إنما هي من حديث معاذ، وكلام الطيبي في حديث أبي هريرة، وكل واحد من الحديثين مستقل بذاته والراوي مختلف، فكيف يكون ما في حديث معاذ تعليلًا لما في حديث أبي هريرة؟! (500).
قلت: صدق الله العظيم {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ العِلْمِ} فيا من له تمييز بمثل هذا الكلام الذي لا يرتضيه منصف يردّ الاستدراك المذكور مع وضوحه؟
قوله: "أوْسَطَ اْلجَنَّةِ وَأعْلَا اْلجَنَّةِ".
قال (ح): المراد بالأوسط هنا الأعدل والأفضل كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد (501).
قال (ع): سبحان الله هذا كلام عجيب، وليت شعري هل أراد التأكيد اللفظى أو المعنوي؟ ولا يصح أن يراد أحدهما على ما لا يخفى على المتأمل (502).
(499) فتح الباري (6/ 12).
(500)
عمدة القاري (14/ 90).
(501)
فتح الباري (6/ 13).
(502)
عمدة القاري (14/ 90).