الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
803 - باب ما كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم: يسأل ممّا لم ينزل عليه الوحي فيقول لا أدري
…
الخ
قال الكرماني: في قوله في الترحمة لا أدري حزازة، إذ ليس في الحديث ما يدلُّ عليه، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ذلك.
قال (ح): هذا تساهل شديد منه في الإِقدام على نفي الثبوت، والذي يظهر أنّه أشار في الترجمة إلى ما ورد في ذلك، ولكنه لم يثبت عنده منه [شيء]، على شرطه، وإن كان يصلح للحجة كعادته في أمثال ذلك، منها حديث ابن عمر جاء رجل إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أي البقاع خير؟ قال: "لَا أَدْري" فأتاه جبريل فسأله فقال: "لَا أَدْري" فقال: "سَلْ رَبَّكَ
…
الحديث".
أخرجه ابن حبّان في صحيحه، وللحاكم نحوه من حديث جبير بن مطعم.
وفي الباب عن أنس وأبي ذر وعن أبي هريرة رفعه: "لَا أَدْريِ اْلحُدوُدُ كَفَّارَةٌ لِأَهْلِهَا أَمْ لَا؟ ".
أخرجه الدارقطني والحاكم، وقد تقدّم ذكره في شرح حديث عبادة بن الصامت في كتاب الإيمان [العلم]، وتقدم في الحدود الإلمام بشيء من ذلك (1619).
(1619) فتح الباري (13/ 290).
وقال ابن الحاجب في أوائل مختصره لثبوت لا أدري: وقد أوردتُ من ذلك ما تيسر في الأمالي في تخرج أحاديث المختصر.
قال (ع): نسبته الكرماني إلى التساهل تساهل أشد منه، لأنّ قوله ليس في الحديث ما يدلُّ عليه صحيح، وقوله ولم يثبت عنه ذلك أيضًا صحيح، لأنّ مراده أنّه لم يثبت عنده، فإذا كان كذلك فقول البخاريّ لا أدري واقع في غير محله (1620).
قلت: نسبته البخاريّ إلى أنّه ذكر شيئًا في غير محله أشد من الأوّل والثّاني والله المستعان.
قوله في حديث عائشة: كان يوضع لي مِرْكَن.
قال (ح): ذكر الخليل أنّه شبه تور من أدم، وذكر ابن بطّال تور خزق يستعمل للماء، وقال غيره: شبه حوض من نحاس وأبعد من فسره بالإجانة (1621).
قال (ع): قال ابن الأثير المركز الإِجانة الّتي يغسل فيها الثِّياب والميم زائدة، وكذا قال الأصمعي (1622).
قلت: حكاه ابن التين عن الأصمعي، وكان ماذا إنّما استبعد الغريب بالغريب.
قوله في آخر حديث ابن عمر: وقت النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرنا وذكر العراق فقال: لم يكن يومئذ عراق.
قال (ح): قوله: لم يكن عراق يومئذ، لعلّ مراده لم يكن بأيدي
(1620) عمدة القاري (25/ 46).
(1621)
فتح الباري (13/ 311).
(1622)
عمدة القاري (25/ 60).
المسلمين حتّى يؤقت لهم؛ فإن بلاد العراق منها في ذلك الوقت كانت بأيدي كسرى وعماله من الفرس والعرب، لكن يعكر على هذا الجواب ذكر أهل الشّام، فإنها كانت هي وأعمالها بأيدي قيصر وعماله من الروم والعرب، فلعلّ مراد ابن عمر بنفي العراقين عراق أخص، وهو الذي اشتهر في الإسلام إطلاق اسم العراق عليه الكوفة والبصرة، فإن كلًا منهما إنّما صار مصرًا جامعًا بعد فتح المسلمين بلاد الفرس (1623).
قال (ع): هذا كلام واهٍ لأنّ [ابن] عمر يقول: وقت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك الوقت لم يكن اسم الكوفة والبصرة مذكورًا ولا خطر ببال أحد أن في العراق بلدين الكوفة والبصرة وإنّما تمصرتا في أيّام عمر (1624).
قلت: هذا يؤيد ما قاله (ح) وساقه (ع) وقامه [أقامة] في مقام التعقب عليه فليتعجب الناظر في كلامه ما شاء.
ثمّ قال (ع): والجواب عن الذي قال: أنّه يفكر أن الحجِّ فرض في سنة ست ولم يحج صلى الله عليه وسلم إِلَّا في سنة عشر وبينهما أربع سنين، وفي هذه المدة دخلت [دخل] ناس في الإسلام من القاطنين فيما وراء المدينة من ناحية الشّام، وتوقيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم المواقيت كان في زمن حجته (1625).
قلت: دعواه أن ناسًا أسلموا من ناحية الشّام يحتاج إلى تكملة الجواب أن من كان من ناحية العراق ما أسلم منهم أحد، ومن أين له هذا النفي، وإن لم تصح الدعوى من الطرفين لا يتم الجواب، والله أعلم بالصواب.
(1623) فتح الباري (13/ 312).
(1624)
عمدة القاري (25/ 62).
(1625)
عمدة القاري (25/ 62).