الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
328 - باب تعجيل السحور
قال ابن بطّال: لو ترجم باب تأخير السحور لكان حسنًا فتعقبه مغلطاي بأنّه وجده في نسخة أخرى كذلك.
قال (ح): لم أره في شيء من نسخ البخاريّ الّتي وقعت لنا (103).
قال (ع): ليت شعري هل أحاط بجميع نسخ البخاريّ في أيدي النَّاس وفي البلاد، وعدم رؤيته كذلك لا يستلزم العدم (104).
قلت: ليس في كلامه ما يقتضي ذلك.
قوله: حدّثنا محمَّد بن عبيد الله.
قال (ح): رأيت بخط القطب وتبعه مغلطاي حدّثنا محمَّد بن عبيد وهو غلط والصواب عبيد الله (105).
قال (ع): ليس من الأدب أن يقال: إنّه غلط لأنّ الظّاهر أن مغلطاي تبع القطب ويحتمل أن يكون لفظ الله ساقطة من نسخة القطب لسهو الكاتب (106).
قلت: فصح أنّه غلط.
(103) فتح الباري (4/ 137).
(104)
عمدة القاري (10/ 298).
(105)
فتح الباري (4/ 138).
(106)
عمدة القاري (10/ 298).
قال البوصيري (ص 229 - 230) استدل العيني على نفي أدب ابن حجر مع مقام الشيخين بما كان ديدنه الرد به على ابن حجر من الاستظهار، وهما أمران: أحدهما احتمال أن يكون لفظ الجلالة ساقطًا من نسخة القطب لسهو الكاتب، والثّاني كون مغلطاى تابعًا للقطب، وكلامهما لا ينتج المدعي من نفي الأدب عن ابن حجر، بل بالتأمل يظهر أنّه تنقيص لمغلطاي الذي يذب عنه وعن آرائه دائمًا، حيث إنّه جعله تابعًا فيها لغيره من غير تأمل، ولا يخفى ضعف درجها ومنزلتها، وهذا كله غفلة وذهول عن تعبير ابن حجر برؤيته خطيهما المنافي لسقوط ذلك من سهو الكاتب. والحاصل أنّه لا حاصل للاستظهار، وإنّما الحاصل سبق القلم بالغلط والله أعلم.
قوله في حديث زيد بن ثابت: تسحرنا مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
قال (ح): فيه جواز المشي باللّيل للحاجة، لأنّ زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم (107).
قال (ع): لا نسلم نفي بيتوتيته مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في تلك اللَّيلة الّتي تسحر فيها مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يقل نحن وهو لما يشعر لفظ المعية بالتبعية ليس من موضوع الكلمة (108).
ثمّ قال (ح): قال القرطبي: فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر فهو معارض لقول حذيفة هو النهار إِلَّا أن الشّمس لم تطلع.
والجواب أن لا معارضة بل يحمل على اختلاف الحال فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة فتكون قصة حذيفة سابقة (109).
قال (ع): هذا لا يشفي العلّيل ولا يروي الغليل، بل الجواب القاطع
(107) فتح الباري (4/ 138).
(108)
عمدة القاري (10/ 299).
(109)
فتح الباري (4/ 138 - 139).
قول الطحاوي يحتمل أن يكون حديث حذيفة قبل نزول قوله تعالى: {وَكُلوا وَاشْرَبُوا
…
} الآية (110).
قلت: انظر واحمد ربك على العافية.
قال (ع): القول بأنّه إسحاق بن سُوَيْد أقرب إلى الصواب، لأنّه ممّن روى الحديث، وقوله: لم يأت بحجة فهل أن هو بحجة أنّه إسحاق بن راهويه، ونقله عن إسحاق بن راهويه لا يكفي، لجواز أن يكون من نوادر الخواطر (111).
قلت: قد ذكر حجته بعد ذلك فقال: روى الحاكم في تاريخه بإسناد صحيح إلى إسحاق بن راهويه سئل ممّن ذلك؟ فقال: إنكم ترون العدد ثلاثين فإذا كان تسعًا وعشرين ترونه نقصانًا وليس ذلك بنقصان فهذه الحجة في أن المسئول عن ذلك إسحاق بن راهويه وهو المجيب بما ذكر، فأين الرِّواية عن إسحاق بن سُوَيْد بما زعم مغلطاي حتّى يرجحها أو يلحقها بالتوارد (112).
قال (ح): ساق البخاريّ المتن على لفظ خالد الحذاء لأنّه لم يختلف في سياقه عليه بخلاف ابن إسحاق ابن سُوَيْد (113).
(110) عمده القاري (10/ 299).
قال البوصيري (ص 231) إنَّ الجملة الأخيرة من كلام ابن حجر مشعرة بأن الآية الشريفة ناسخة لكل ما تقدمها ممّا يخالفها الذي منها حديث حذيفة، وليس فيها ما يفهم منه بأن حديث حذيفة يعمل بمقتضاه بعد نزول الآية، بل كان عمل بها في بعض الأحوال، وهو ما كان قبل نزول الآية، وعلى كلّ حال فالواجب على العيني أن ينقل عبارة ابن حجر الأخيرة أو يتأملها قبل الاعتراض، ولعلّه لو فعل لأغناه عن تكلف الاعتراض والله أعلم.
(111)
عمدة القاري (10/ 283 - 284).
(112)
فتح الباري (4/ 125)، وانظر: تغليق التعليق (3/ 142 - 143).
(113)
فتح الباري (4/ 124 - 125).
قال (ع): انفرد البخاريّ بإخراج حديث ابن إسحاق بن سُوَيْد وأخرجه بقية الجماعة من رواية خالد، فيمكن أن يكون اختياره على لفظ خالد لهذا المعنى (114).
قلت: الجماعة كلهم صنفوا كتبهم بعد البخاريّ فكيف يسوغ أن يقال: إنَّ البخاريّ رجح عنده ما اتفقوا على ترجيحه على ما انفرد هو به أخذ كلام من له في هذا الباب أدنى معرفة.
(114) عمدة القاري (10/ 284).
329 -
باب. قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نَكْتُبُ"
ذكر فيه حديث ابن عمر: "إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ".
قال (ح): الأمية المنسوبة إلى الأم واحدة الأمهات (115).
قال (ع): من له أدنى سمية من التصريف لا يتصرف هكذا (116).
(115) فتح الباري (4/ 127).
(116)
عمدة القاري (10/ 286).
قال البوصيرى في مبتكرات اللآلي والدرر (ص 228) بعد أن نقل عبارة الحافظ ابن حجر والعلّامة العيني: ممّا يسيئني والله أن ينقل الإنسان العالم الأمين كلام غيره مبتورًا مقصوص الجناح، وربما يسيء القاري الظن بالمنقول عنه مع براءة ساحته.
هذا ابن حجر وهذا كلامه الذي في شرحه، وهذا العيني الذي نقل كلامه مبتورا، لقد ذكرني صنيعه صنيع ابن عابدين في حاشيته على الدرر المختار، فإنّه كان لا يرضى بتسليم ما ينقله الكاتبون عن غيرهم حتّى يراجع الأصل.
قال: وكثيرًا ما يجد التحريف عند الناقل دون الأصل.
وقد وقع لي أن دخل على بعض القضاة، وكان فقيهًا بمعنى الكلمة، وفي يدي كتاب استخرج منه حكم نازلة، فسأل؟ فقلت: والله إنِّي منذ ساعة متوقف في فهم العبارة، فقهقه في وجهي، ثمّ استدرك فقال: لعلّ ما في يدك الهنديد (لأنّها مختلطة بالفارسية) قلت: لا، فاستمر على ضحكه، وقال: ألم يكن الكتاب عربيًا وأنت عربي، فكيف تتوقف في الفهم؟ فخطف الكتاب من يدي، وكانت العبارة منقولة من البزازية، فلم يتوقف أن قال: في العبارة نقص، فنهض واستخرج البزازية، فإذا العبارة مثل الشّمس.
فيا أيها العلماء ما ذنب ابن حجر حتّى ينسب إلى أن كلامه كلام من لم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يشم رائحة التصريف؟ فما ذنبه إِلَّا أنّه أورد ما جوزه العيني، وزاد عليه ما هو أَوضح من الواضح، وهو قوله: أو منسوب إلى الأمهات إلخ، لأنّ الهاء في هذا الجمع زائدة، فالمنسوب إليه هو الأصل دون الزائدة.
وفي القاموس: ويقال للأم: الأمة والأمهة والجمع أمات وأمهات.
وفي التاج: فالهاء من حروف الزيادة. وهي مزيدة في الأمهات، والأصل الأم.
قال الأزهري: وهذا هو الصواب، لأنّ الهاء مزيدة في الأمهات انتهى كلام التاج.
وفي الشافية: أن النسبة إلى قنسرين قنسري وحنفي في حنيفة وشنئي في شنوءة. فكما أن العرب يتصرفون في النسبة بمثل هذا النقصان، يتصرفون فيها بالزيادة أيضًا، فقد نسبوا إلى الري رازي وإلى مرو مروزى وهندواني إلى الهند.
وفي الصحاح: سيوف هندكية الهنادكة الهنود والكاف زائدة نسبوا إلى الهند على غير قياس وسيوف هندكية أي هندية، ولم يسمع زيادة الكاف في النسبة في غير هذه الكلمة.
ثمّ إني أشهد الله تعالى أن من عرف هذا الكلام ولم يكن فيه عرق التعصب يسلم بأن ابن حجر ممّن أكل التصريف في الألفاظ والمعانى أكلًا لمَّا، لا أنّه شمها شما، بلى شمه منه.
والحاصل أن ابن حجر موافق للعيني في جميع ما جوزاه ونقلاه في هذه النسبة إلى الأمهات الّتي نقلها بالقيل، وقصر العيني كلام ابن حجر عليه، فتأمل الجميع والله أعلم.