الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
330 - باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين
قال (ح): حديث العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه عن أبي هريرة: "إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا" استدل به من يمنع الصوم في نصف شعبان وقد ضعف.
وقال أحمد ويحيى بن معين: إنّه منكر.
وأشار البيهقي إلى ضعفه بقوله: باب الرجعة في الصوم ما هو أصح من حديث العلاء (117).
قال (ع): هذا الحديث صححه ابن حبّان وابن حزم وابن عبد البرّ والترمذي، والعلاء احتج به مسلم، وروى عنه هذا الحديث جماعة. انتهى (118).
وقد أورد هذا المعترض كلام (ح) في تضعيف هذا الحديث في باب هل يقال رمضان؟ فقال: قال السلمي: لا نعلم أحدًا رواه إِلَّا العلاء.
وقال أحمد: ليس بمحفوظ، وسئل عنه فلم يصححه ولم يحدث به، وكان يتوفاه ولا ينكر من حديث العلاء إِلَّا هذا.
وفي رواية المزي عنه أنّه أنكره وقال: هذا خلاف الأحاديث (119).
(117) فتح الباري (4/ 129).
(118)
عمدهً القاري (10/ 288 - 289).
(119)
عمدة القاري (10/ 273).
ثمّ قال (ع): قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث الأمر بالصيام لمن يأكل والأمر بالإمساك إلى آخر الأكل ولا يصومه لمن لم يصمه.
قال (ح): الإمساك لا يستلزم الأجزاء لأنّه يحتمل أن يكون لحرمة الوقت (120).
قال (ع): الاحتمال إذا كان ناشئًا عن غير دليل لا يعتبر به ولا يثبت الحكم بالاحتمال المطلق.
قال: وفاته أنّه نظير من قدم من سفر في رمضان نهارًا فإنّه يؤمر بالإمساك.
وأخرج أبو داود والنسائي من طريق عبد الرّحمن بن مسلمة عن عمه أنّه أسلم أتوا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: "صُمْتُمْ يَوْمَكمْ هَذَا" قالوا: لا، قال:"فَأَتِمُّوا بَقِيَّه يَوْمِكُمْ وَاقْضوا"(121).
قال (ح): احتج من أوجب النية كلّ ليلة وهم الجمهور بحديث حفصة: "لَا صِيَامَ لِمنْ لَمْ يُبَيِّتْ مِنَ اللَّيْلِ" أخرجه التّرمذيّ والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبّان والحاكم وابن حزم.
وأخرجه الدارقطني من وجه آخر وقال: رجاله ثقات.
وقد أبعد من خصه من الحنفية بصيام القضاء والنذر، وأبعد من ذلك تفرقة الطحاوي بين صوم يوم بعينه إذا كان واجبًا كعاشوراء فتجزىء النية في النهار بخلاف يوم لا بعينه فلا يجزي كرمضان، بخلاف صوم التطوع فيجزىء في اللّيل والنهار، وقد ذكره إمام الحرمين فقال: إنّه كلام غث (122).
(120) فتح الباري (4/ 142).
(121)
عمدة القاري (10/ 304).
(122)
فتح البارى (4/ 142).
قال (ع): الجواب عن الأوّل أن قوله أبعد من خص
…
إلى آخره كلام ساقط لا طائل تحته لأنّ من لم يخص هذا الحديث بصيام القضاء والنذر وصوم الكفارة، يلزم منه نسخ مطلق الكتاب بخبر الواحد، لأنّ الله تعالى قال: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ
…
} إلى أن قال: {
…
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللّيْلِ} فكان أمرًا بالصوم متراخيًا عن أول النهار، والأمر بالصوم يغني عن النية إذ لا صوم شرعًا بدون النية، ولأن إتمام الشيء يقتضي معًا بقية وجود بعضه، وهذا هو السر الخفي الذي استبعده من لا وقوف له على دقائق الكلام ومدارك استخراج المعاني من النصوص، فأمّا دعوى الأبعدية في تفرقة الطحاوي فهي دعوى باطلة، لأنّ الحامل للطحاوي على هذه التفرقة حديث عائشة قوله صلى الله عليه وسلم لها:"أعِنْدَكِ شَىءٌ؟ " قالت: لها، قال:"فَإنِّي صَائِمٌ".
وأمّا كلام إمام الحرمين فلا يوجد أسمج منه، لأنّه من يتعقب كلام أحد إن لم يذكر وجهه ما يقبله العلماء، وإلا يكون كلامه غثاءً لا أصل له (123).
(123) عمدة القاري (10/ 305 - 306).
331 -
باب الصائم (124) يصبح جنبًا
ذكر فيه حديث أبي هريرة في ذلك.
قال (ح): بعد أن أورد من الموطَّأ من طريق أبي بكر بن عبد الرّحمن أنّه مروان قال لعبد الرّحمن يعني والد أبي بكر: أقسمت عليك لتركبن دابتي إلى أبي هريرة فإنّه بأرض بالعقيق، قال: فركبت فلقينا أبا هريرة عند باب المسجد.
قال (ح): الظّاهر بالمسجد هنا مسجد أبي هريرة بالعقيق لا المسجد النبوى أو إلتقيا بالعقيق وأبو هريرة يريد الرجوع إلى المدينة فتحدثا، فلما انتهى حديثهما حتّى وصلا إلى المسجد النبوي (125).
قال (ع): الحامل على هذا التعسف تفسير المسجد بمسجد العقيق، ولو فسره بمسجد ذكره الحليفة لاستراح، لأنّه قال: أوَّلًا في الكلام على قوله: إنهما لم يجداه بالعقيق، يحتمل أنّهما لما لم يجداه بالعقيق وجداه بذي الحليفة يجمع بينهما بذلك ولا دلالة في الحديث على هذا التفسير، لأنا نقول: من قال إنّه كان لأبي هريرة مسجد بالعقيق، وأمّا المسجد بذي الحليفة فقد نصّ عليه أهل السير والأخبار. انتهى (126).
ومن تأمل سياق ما جمع به (ح) بين المختلف من هذه القصة عذر وعرف تحامل (ع) بما لا يخفى فساده.
(124) في النسخ الثلاث الصِّيام يصبح جنبًا وهو خطأ.
(125)
فتح الباري (4/ 145).
(126)
عمدة القاري (11/ 5).