الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
706 - باب تشميت العاطس إذا حمد الله
ذكر فيه حديث أبي هريرة معلقًا، وأشار به إلى حديث له ذكر في الباب الذي بعده، فحق على كلّ من سمعه أن يشمته
…
الحديث، وحديث البراء موصولًا وفيه الأمر بتشميت العاطس.
قال (ح): قال ابن بطّال: ليس في حديث البراء التفصيل الذي في التّرجمة، وإنّما ظاهره أن كلّ عاطس يشمت على التعميم، وإنّما التفصيل في حديث أبي هريرة الآتي، وكان ينبغي أن يذكره بلفظه في هذا الباب، ويذكر بعده حديث البراء، ليدل على أن حديث البراء وإن كان ظاهره العموم، لكن المراد الخصوص ببعض العاطسين، وهم الحامدون، قال: وهذا من الأبواب الّتي أعجلته المنية عن تهذيبها.
كذا قال، والواقع أن هذا الصنيع لا يختص بهذه التّرجمة، بل أكثر منه البخاريّ في الصّحيح، فطالما ترجم بالتقييد أو بالتخصيص، ويورد في الباب حديثًا مطلقًا أو عامًا يشير إلى مطلقه مقيد أو عمومه مخصوص بحديث آخر، إمّا أن يذكره في باب آخر، ويشير إليه إشارة كما فعل في هذا الباب، حيث قال "فيه أبو هريرة" فإنّه تخصيص التشميت بمن حمد، وهذا أدق التصرفين، وقد دل إكثاره من ذلك على أنّه فعله عن عهد منه، لا أنّه مات قبل تهذيبه، ولقد عد العلماء ذلك من دقيق فهمه ولطف تصرفه، فإن في إيثار الأخفى على الأجلى شحنًا للذهن وبعثًا للمطالب على تتبع طرق الحديث إلى غير ذلك من الفوائد (1359).
(1359) فتح الباري (10/ 605 - 606).
قال (ع): أمّا كلام ابن بطّال فإنّه غير جلي، لأنّه لو قدم المقيد على المطلق لأورد عليه أن المقيد جزء المطلق، فتقديم المتضمن للحمد أولى، والذي قصده يفهم من هذا الموضع أن التهذيب ليس بشرط.
قال: وأمّا كلام (ح) فلا يجدي شيئًا، لأنّ من وقف على أحاديث الباب يتعسر عليه أن يقف على ما وقع في بعض طرقه، وفي تفصيل حديث آخر.
وقوله: إنَّ في إيثار الأخفى ...... إلخ تقوية [تنويه] للناظر وإحالة على تتبع أمر مجهول، وليس هذا بدأب عند العلماء (1360).
قلت: هذا الفصل وحده يظهر به قدر هذا المعترض وينبىء عن قدره في البلاغة والمعرفة والتمكن من ترجيح ما يخفى ترجيح بعضه على بعض والله المستعان.
قال (ح): فرع من عطس وهو يجامع أو وهو في الخلاء فلم يحمد فَلِسامِعِه أن يشمته، فلو خاف العاطس فحمد في تلك الحال فهل يستحق التحميد؟ فيه نظر (1361).
قال (ع): النظر أن التشميت لظاهر الحديث (1362).
قلت: من أراد أن يطلع على ما تعمده هذا المعترض من المفازة على
(1360) عمدة القاري (22/ 226) وانظر مبتكرات اللآلي والدرر (ص 343 - 344).
(1361)
فتح الباري (10/ 606 - 607) كذا بياض في النسخ الثلاث وليس في نسخة جستربتي كلمة "فرع" وهذه العبارة منقولة من العمدة ولفظه: والسّادس فذكره.
(1362)
عمدة القاري (22/ 226).
فتح البارى بأن يكتب منه في شرحه الذي زعم أنّه جمعه ما يدعي بظاهر صنيعه أنّه كلامه، وإنّما ينقله بألفاظه ومعانيه من الفتح، فلينظر إلى هذا الفصل فإنّه ساقه كما هو في نحو صفحة، حتّى أن فيه مواضع يقول صاحب الفتح قلت فينقلها المعترض بلفظ قلت، موهمًا أن ذلك من تصرفه، لكونه لا ينسب لقائله، وأكثر الكتاب على هذا النمط، وقد نبهت على ذلك في أوائل هذا الكتاب، ومن أراد مصداق ذلك فليقابل بابًا منه بباب من الفتح، وينظر هل يزيد هذا المعترض إِلَّا شيئًا لو أراد صاحب الفتح أن يذكره لكان أعرف به منه، لكنه يعرض عنه اختصارًا أو فرارًا من التكرير والله المستعان.