الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
812 - باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}
قوله: "يَنْزِلُ رَبُنّاَ".
قال (ح): أخرج أبو إسماعيل الهروي في كتاب البارون حديث النزول من حديث ابن مسعود وفيه: "فَإِذاَ طَلَعَ اْلفَجْرُ صَعَدَ".
وفي حديث أبي الخطاب: "ارْتَفَعَ".
ومن حديث عبادة وفيه: "ثُمَّ يَعْلُو رَبُّنَا عَلى كُرْسِيِّهِ".
ونحوه من حديث جابر وهذه الطرق كلها ضعيفة (1650).
قال (ع): ألم يعلم هو أن الحديث إذا روى من طرق كثيرة ضعيفة يقوي فيشد بعضها بعضًا، وليس في هذا الباب وأمثاله إِلَّا التفويض، فإن الأخذ بالظاهر يؤدِّي إلى التجسيم، وتأويله يؤدِّي إلى التعطيل (1651).
قلت: لكن هو لم يعلم أن أهل الفن قيدوا ما ينجبر بقيد إذا لم يوجد لما يشد بعض الطرق بعضًا وإطلاق قوله يؤدِّي إلى التعطيل ليس بمستقيم.
قوله: عن أبي زرعة عن أبي هريرة فقال: هذهِ خديجة أتتك.
قال (ح): كذا أورده مختصرًا والقائل جبريل تقدّم في باب تزويج خديجة في آخر باب مناقب الصّحابة في أول السيرة النبوية من هذا الوجه
(1650) فتح الباري (13/ 468).
(1651)
عمدة القاري (25/ 159).
بلفظ: أتى جبريل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هذه خديجة
…
إلخ، وبهذا يظهر بأن جزم الكرماني بأن هذا موقوف غير مدفوع مردود (1652).
قال (ع): هذا مجرد تشنيع عليه بلا وجه، لأنّ مقصوده بالنظر إلى ما ورد هنا مختصرًا، ولم يجزم بأنّه موقوف (1653).
قلت: لفظ الكرماني بعد أن ذكر ما هنا: وأعلم أن هذا الحديث فيه اختصار، ويوضحه ما تقدّم في مناقب الصّحابة أن أبا هريرة قال: أتى جبريل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله
…
وساق الحديث.
ثمّ قال: ومع هذا فالحديث غير مرفوع بل هو موقوف، فهذا كلامه بحروفه، فإن لم يكن هذا جزمًا فما هو الجزم؟! يقول: بأنَّه غير المرفوع ثمّ يؤكد بأوله بل هو موقوف، فيدعي (ع) أنّه ما صرح، فلو أراد التصريح فماذا يقول؟ ثمّ اعتذاره عنه بأن مقصودة بالنظر إلى الطريق المختصرة لا يساعده سياقه، فإنّه نبه على ما اختصره منه هنا بما ذكره هنا.
ثمّ قال: ومع ذلك فهو موقوف، ولو كان من أهل الفن لما أطلق ذلك، لأنّ تعريف المرفوع منطبق عليه، وهو ما أضيف إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وإنّما التبس عليه، لأنّ أبا هريرة ما أدرك القصة حتّى يحمل على أنّه حضرها، وإنّما احتمل أنّه سمعها من النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو ممّن سمعها منه، فعلى هذا فهو مرسل صحابي، والمرسل أعم من أن يكون مرفوعًا أو موقوفًا، والمرفوع من صفات المتن، والمرسل من صفات الإسناد، ولا منافاة بينهما، ومرسل الصحابي عند الجمهور له حكم الاتصال، وهذا القدر يشترك فيه العالم باصطلاح أهل الحديث، والعالم بأصول الفقه، فإنّه مذكور في مباحث السُّنَّة عندهم.
(1652) فتح الباري (13/ 469).
(1653)
عمدة القاري (25/ 160).
قوله في آخر حديث أبي سعيد: فحدثت به أبا عثمان فقال: سمعت من سليمان
…
الخ.
قال (ح): ذهل الكرماني فجزم بأن قائل ذلك قتادة، فإنّما هو سليمان (1654).
قال (ع): لم أر هذا في شرح الكرماني، ولئن كان موجودًا فله أن يقول: أنت ذهلت، لأنّه لم يبرهن على ما قاله (1655).
قلت: جوابه كلامي مع أهل الفن العارفين بأن النقل [بالنقل].
قوله في حديث أنس من رواية شريك: " [ثمّ] أَتى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا".
قال (ح): كذا وقع بالنصب، وأعرب بأنّه حال من الضمير الجار والمجرور والتقدير: بطست كائن من ذهب، فنقل الضمير من اسم الفاعل إلى الجار والمجرور (1656).
قال (ع): هذا كلام من لم يشم شيئًا من العربيّة.
والذي يتصدى لشرح من هذا الكتاب يتكلم في ألفاظ الحديث النبوية بمثل هذا الكلام أفلا يعلم أنّه يعرض ما يقوله على ذوي الألباب والبصائر، والذي يقال: إن محشوا حال من التور الموصوف بقوله: من ذهب (1657).
(1654) فتح الباري (13/ 472).
(1655)
عمدة القاري (25/ 164).
(1656)
فتح الباري (13/ 481).
(1657)
عمدة القاري (25/ 172).
قال البوصيري (ص/397 - 398) إنَّ القاعدة النحوية أن الحال إذا جاز أن يكون صاحبها أحد لفظين أو ألفاظ، فالأولى أن يكون القريب منها هو =
ْقلت: الذي أنكره وشنع به سواء كان صوابًا أم خطأ، لمن أعربه كذلك، فأمّا (ح) فهو ناقل له عن غيره؛ لأنّه قال: أعرب على البناء لمن لم يسم مع أن الذي أعربه كذلك من العلماء المشاهير المصنفين في فنون من العلم المتلقي كلًا منهم بين أئمة العصر بالقبول، وإذا كان الكلام موجهًا لم يلتفت إلى تشنيع المتعصب، وقوله: إنّما يعلم أنّه يعوض مشترك الإلزام والله المستعان.
قوله: إيمانًا وحكمة.
قال (ح): أعرب تمييزًا (1658).
قال (ع): وهذا تصرف واهٍ، وإنّما هو مفعول قوله محشوًا، لأنّ اسم المفعول يعمل عمل فعله (1659).
= صاحبها، كالقيد المتأخر عند أكثر العلماء إذا احتمل رجوعه لواحد من متعدد قبله، فإنّه يرجع للأخير، وههنا الضمير في كائن أقرب إليها من الثور، وإن كان ما صدقهما واحدًا، فالمعرب الذي يوافق إعرابه قواعد العربيّة لا يحكم عليه بما حكم به العيني عليه من كونه لم يشم رائحة العربيّة، ولكنه أكلها أكلا وشربها شربا.
وقد صح قول العيني رحمه الله: إنّه يعرض كلامه على ذوي الألباب والبصائر، ولقد استعرضه الجهابذة من بعده، فعقدوا على قبوله الظواهر والضمائر، وأشاروا إلى تفوقه بالخناصر والبناصر.
(1658)
فتح الباري (13/ 481).
(1659)
عمدة القاري (25/ 172).