الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
809 - باب قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ
"
وقال عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير يعني عن وراد عن المغيرة رفعه: "لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ".
قال (ح): وصلها الدارمي عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو، هو الرقي به، وطعن الخطابي ومن تبعه في صحة هذه اللفظة فقال: إطلاق الشخص في صفات الله تعالى غير جائز، لأنّ الشخص لا يكون إِلَّا جسمًا مؤلفًا، فحقيق أن لا تكون هذه اللفظة غير صحيحة، وتكون تصحيفًا من الراوي، ودليل ذلك أن أبا عوانة روى هذا الحديث عن عبد الملك فلم يذكرها، ووقع في حديث أبي هريرة وأسماء بنت أبي بكر بلفظ: لا شيء وهي قريبة من شخص ووزنهما سواء، فمن لم ينعم في الاستماع لم يأمن الوهم، وليس كلّ الرواة يراعي لفظ الحديث لا يتعداه، بل كثير منهم يحدث بالمعنى، وليس كلهم فقهاء، بل في كلام بعضهم خفاء وتعجرف، فلعلّ لفظ شخص جرى على هذا السبيل إن لم يكن غلطًا، وقد انفرد عبيد الله ابن عمرو عن عبد الملك بهذه اللفظة ولم يتابع عليها فاعتوره الفساد. انتهى.
وتلقاه عن الخطابي أبو بكر بن فورك فقال: لفظ شخص غير ثابت من طريق السند، فإن صح فبيانه في الطريق الآخر بلفظ:"لَا أَحَدَ" وإنّما مقنعنا من إطلاق لفظ الشخص أمور:
أحدها: أنّه لم يثبت من طريق السمع
…
إلى آخر كلامه.
ونحى ابن بطّال نحوه وساق بعض كلامه، وهذا كله منهم مبني على
تفرد عبيد الله بن عمرو، ومقتضاه أن من أطلق ذلك لم يراجع صحيح مسلم ولا غيره من الكتب الّتي وقعت فيها هذه اللفظة من غير رواية عبيد الله ابن عمرو.
فقد أخرجه مسلم فذكرها في بعض طرقه.
وأخرجه أبو عوانة الأسفراييني في مستخرجه على مسلم، والإسماعيلي في مستخرجه على البخاريّ، كلّ منهما من ثلاث طرق بإثباتها، وإذا تقرر ذلك فالتشاغل برد الرِّواية الصحيحة والطعن في أئمة الحديث مع إمكان توجيه هذه اللفظة يقتضي قصور فهم من فعل ذلك ولوم من نسب إلى أهل الحديث، ثمّ من تصدى لشرح الحديث أشد من لوم من ليس منسوبًا إلى الحديث، وقد أنصف صاحب الكمال المعلم حيث قال: يعني شرح قوله: "وَلَا أَحَدٌ أَحَبُّ إلَيْهِ العُذْر مِنَ الله" وعلى هذا لا يكون في ذكر الشخص ما يشكل، ثمّ أطال في تقرير ذلكَ وتبعه القرطبي في المفهم.
ومن ثمّ قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات، بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات، إمّا التّأويل وإما التفويض. انتهى ملخصًا (1642).
قال (ع): وقع (ح) في غير ما أنكر، والخطابي لم ينكر هذه اللفظة وحده، والعجب من هذا القائل كيف أيد كلامه بكلام الكرماني مع أنّه ينسبه في مواضع إلى الغفلة وإلى الوهم وإلى الغلط، ومن أين ثبت له عدم مراجعة الخطابي إلى صحيح مسلم وغيره؟ والسهو والنِّسيان غير مرفوعين عن كلّ أحد، وفي نسبة الثقات إلى قصور الفهم واقع هو فيه. انتهى (1643).
ومن تأمل هذا الجواب عرف أنّه لا يتحصل له مقصود ولله الحمد.
(1642) فتح الباري (13/ 400 - 402).
(1643)
عمدة القاري (25/ 109).